* يسأل علي محمد من القاهرة: ابني يعمل مدرساً وراتبه بسيط. وقد بني بيتاً وتزوج وأصبح مديناً وأثقلته الديون. فهل يجوز له أن يقضي ديون ابنه من مال الزكاة؟! ** يجيب الشيخ عمرو حسن عفيفي من علماء الأزهر الشريف: يقول الله سبحانه وتعالي في بيان مصارف الزكاة: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم". وقد قرر أهل العلم انه يجوز إعطاء الأقارب من الزكاة إن لم تكن نفقة القريب واجبة علي المزكي بل إن اعطاء الزكاة للقريب مقدم علي إعطائها لغير القريب. لما ثبت في الحديث عن سلمان بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "الصدقة علي المسكين صدقة وهي علي ذي الرحم ثنتان صدقة وصلة". وبناءً علي ذلك يجوز إعطاء الزكاة للأقارب كالعم والخال والعمة والخالة والأخت المتزوجة والأخ وابن الأخ وابن الأخت ونحوهم إن كانوا فقراء. ولم يكن المزكي ملزماً بالإنفاق عليهم. لذا يجوز قضاء ديون الأقارب من مال الزكاة. حتي وإن وجبت نفقتهم علي المزكي فيجوز قضاء دين الأب ودين الأم ودين الابن ودين البنت وغيرهم من الأقارب. بشرط أن لا يكون سبب هذا الدين تحصيل نفقة واجبة علي المزكي. لأن ديون الأقارب بما فيها ديون الوالدين والأولاد لا يجب شرعاً علي المرء أن يؤديها عنهم. فيجوز قضاء الدين عنهم من الزكاة لأنهم يعتبرون هنا في هذه الحالة من الغارمين فهم يستحقون الزكاة هنا بوصف لا تأثير للقرابة فيه. قال الإمام النووي: "قال أصحابنا ويجوز أن يدفع إلي ولده ووالده من سهم العاملين والمكاتبين والغارمين والغزاة. إذا كان بهذه الصفة....." ويدل علي ذلك عموم قوله تعالي في آية مصارف الزكاة "والغارمين" فهؤلاء الأقارب المدينين داخلون في عموم الغارمين. ويدل علي ذلك أيضاً ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: "أقم حتي تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. قال: ثم قال: "يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة. رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتي يصيبها ثم يمسك. ورجل أصابته جانحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتي يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش. ورجل أصابته فاقة حتي يقوم ثلاثة من ذوي الحاجة من قومه لقد أصابته فاقة فحلت له المسألة حتي يصيب قواماً من عيش أو قال سداداً من عيش فما سواهن في المسألة يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً" صحيح مسلم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ويجوز صرف الزكاة إلي الوالدين وإن علوا وإلي الولد وإن سفل إذا كانوا فقراء. وهو عاجز عن نفقتهم لوجود المقتضي السالم عن المعارض المقاوم وهو أحد القولين في مذهب أحمد. وكذا إن كانوا غارمين أو مكاتبين أو أبناء السبيل وهو أحد القولين أيضاً في مذهب أحمد" الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في موضع آخر: "الذين يأخذون الزكاة صنفان: صنف يأخذ لحاجته كالفقير والغارم لمصلحة نفسه. وصنف يأخذها لحاجة المسلمين: كالمجاهد والغارم في إصلاح ذات البين فهؤلاء يجوز دفعها إليهم وإن كانوا من أقاربه. وأما دفعها إلي الوالدين: إذا كانوا غارمين أو مكاتبين: ففيها وجهان. والأظهر جواز ذلك. وأما إن كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم فالأقوي جواز دفعها إليهم في هذه الحال. لأن المقتضي موجود والمانع مفقود فوجب العمل بالمقتضي السالم عن المعارض المقاوم" مجموع فتاوي شيخ الإسلام. وخلاصة الأمر انه يجوز للأب أن يسدد ديون ابنه من مال الزكاة.