أجد في البيانات التي يطالعنا بها مركز بصيرة بين يوم وآخر مؤشرات رقمية لأبعاد حياتنا. أتأملها. وأناقشها. أحاول التوصل إلي النتائج التي تعكسها تلك البيانات. ومدي تعبيرها عن المشهد المصري. أحدث البيانات التي اصدرها مركز بصيرة. أن عدد المكتبات العامة في مصر بلغ 331 مكتبة سنة 2013. وهو عدد أقل من عدد مطاعم شركة أمريكانا في مصر. ويبلغ 385 فرعًا. الشركة الأمريكية هي مصدر البيانات. لا ادري هل لتعزية الثقافة المصرية في قلة عدد المكتبات العامة. أو أنها مجرد تفاخر من الشركة بزيادة عدد فروعها في مصر. إلي حد مجاوزتها للمكتبات العامة. أذكر ان مكتبة البلدية بالإسكندرية كانت مصدر قراءاتي الأولي. أثناء الدراسة في مدرسة الإسكندرية الثانوية "تغيير اسمها فيما بعد إلي شدوان" أتردد عليها أوقات الفسح. أطلب كتابا. يصلني بواسطة المصعد الصغير الواصل بين قاعة الاطلاع وقاعات الكتب والدوريات. وفي زياراتي إلي القاهرة. كان ترددي علي مكتبة المنيرة. تعرفت فيها إلي إبداع نجيب محفوظ. ومبدعي جيله. والأجيال السابقة. مثلت لي قراءات المكتبة زادا وزوادا. ثم حرصت أول سني اقامتي في القاهرة علي قضاء أوقات من النهار داخل قاعات الاطلاع في دار الكتب بباب الخلق. أو أتردد علي دار المحفوظات بالقلعة. أضغط الجرس. قبل أن أجلس في قاعة الاطلاع التي كانت تبدو مخزنا للمجلدات القديمة. لا أعرف صورتها الان. لكنني أذكر قراءاتي لما حفلت به دوريات أوائل القرن الماضي. بابا سحريا لقراءة التاريخ القديم والعاصر. مثلت المكتبات العامة جانبا مهما من حصيلتي المعرفية. بديهي أن تزداد المكتبات باتساع مساحة التعليم. لكن العكس هو ما حدث. حتي فروع مكتبات دار الكتب صارت في خبر كان. أزيلت. وشيدت مكانها عمارات سكنية! القضية ليست في تناقص أعداد المكتبات. وإنما في النظرة إلي أهمية القراءة في زيادة الحصيلة المعرفية. والإسهام في اثراء العقل والوجدان. انها قضية قومية. لا تقل في خطورتها عن الشأن السياسي. والشأن العسكري. يتعرف من خلالها القارئ/ المواطن إلي حقيقة الأوضاع في مصر والوطن العربي والعالم. وإلي الصلات بين ما كان في التاريخ القديم. وتواصله مع التاريخ المعاصر والحديث. واستشراف أفق المستقبل. بالاضافة طبعا إلي ملامسة التقدم العلمي. وجماليات الإبداع في مجالاته المختلفة. دعوت أكثر من مرة إلي خطوات جادة لجعل القراءة هما رئيسيا في حياتنا. منذ الطفولة حتي الشيخوخة. هأنا أكرر الدعوة. ولو بالحماسة التي فرضها بيان أراه متشفيًا من شركة مطاعم أمريكية!