علي حذر سألني: هل ستنزلين للإنتخابات يا أستاذة..أجبته بكل تأكيد هذا واجبي. قال: هل تعرفين المرشحين أو الأحزاب التي شكلت القوائم؟ قلت له أبحث عمن أعطيه صوتي.. وأنت هل ستنزل وتصوت؟ بحسم قال: لا.. أنا لا أعرف من رشحوا أنفسهم ولا الأحزاب ثم ما الفارق بين الزيت والسكر وبين تسعيرة اليوم.. بخبث رغبت في تغيير دفة الحوار فقد مللت الحديث في السياسة فسألته من أي المشاتل نشتري الزهور لحديقتي؟ عدد الاسماء كلها تنم عن توجه صديقي وتشي بأنني أمام مجموعة من الإخوان أو السلفيين.. صمت طويلا ثم باغته بسؤالي: هل أنت إخواني؟ فقال بهدوء وهل هناك علامات تشير لذلك أعمل لديكم منذ أكثر من خمسة عشر عاماً فما الذي جعلك تسألين اليوم؟ أم أنها موضة التصنيف.. بخجل أجبته مجرد سؤال. والحقيقة أنه لم يكن مجرد سؤال بل دفعته بخبث ليثرثر أكثر لأعرف أشياء رغبت فيها منذ فترة.. منذ فترة.. منذ تجزرنا داخل مصر.. قال رفيق طريقي الذي يعمل "جنايني" عندنا لست إخوانياً.. أصلي مثلكم وأعبده ومحمد نبي ولم أعتصم في رابعة ولم أحمل سلاحا ولا كارنيهاً للحرية والعدالة ولم أكن يوماً إرهابياً.. ولم أنزل للانتخابات لأنني أرفض الحكومة وممارساتها أرفض أن أكون مادة للحديث في الصحف والمتاجرة بفقري ولا شيء يتغير.. لهذا كله قررت ألا أنزل وبالمناسبة لست ضد الرئيس السيسي وأعرف أنه يريد الكثير من الخير لمصر ولكن كيف يتم ذلك فهل ينتصر القائد بفكره المتقدم وجنوده من العجزة والمعاقين يا أستاذة الكتاب يقرأ من العنوان ونحن لا نجيد الاختيار ولا نقف ممن صنفونا وقسمونا موقفاً حاسماً.. لم يكن في مصر القديمة التي قبل الثورة مسيحي ومسلم وكانت لعبة النظام هي محاولة التفرقة ليتاجروا بنا والآن اتسعت الرقعة فأصبحنا نتاجر بمسيحي ومسلم وشيعي وسني وإخواني والتهمة جاهزة لكل من يتحدث عن الإخوان وكأنها البديل لتهمة الشيوعي قديماً.. ولذا أنا أكل وأعيش فقط وليس لي طموح لأي تغير. صدمتني الكلمة كثيراً والتزمنا الصمت حتي وصلنا وتخيرنا الزهور والشتلات ووضعها في سيارتي وقبل أن نذهب قلت له: دعني أعتذر لك ظننت أننا سنذهب لمشتل خاصة بتجار من السلفيين من أسماء مشاتلهم. ضحك قائلا وماذا وجدت؟ لا داعي للاعتذار فأحدهم مسيحي وقد رأيت بنفسك معاملته لي.. نحن في النهاية مصريون.. والحكومة لا تريد هذا وتسير عكس التيار.. وترغب في السباحة مع النظام القديم بكل تشكيلات فلوله. ياسيدتي الرائحة الزكية لا تأتي إلا من نبت طيب كالزهور. تركني علي وعد أن آتي باكراً لزراعة نباتاتي.. وتحركت بسيارتي وبعد أقل من عشر دقائق غزت أنفي رائحة هي خليط من مسك الليل والفل والياسمين والنعناع والريحان.. هو ما أحمله من زهور.. تذكرت صديقي المتهم بأنه إخواني وتأكدت أن مصر خليط من كل تلك الزهور.. فتحيا مصر.. تحيا مصر.