قرار وزير التربية والتعليم بتخصيص درجات للحضور والسلوك لطلاب الثانوية العامة بدأ تنفيذه بالفعل. ولا يبدو أن الوزارة سوف تتراجع عنه رغم اعتراضات الطلاب وأولياء الأمور واعتراضات عدد كبير من الكتاب الصحفيين. قلت إن مثل هذه القرارات الحاسمة والباتة سوف تقلب الأمور رأساً علي عقب. لأن التعود علي التسيب يؤدي إلي المزيد منه.. والسياسات السابقة لوزارة التعليم هي التي أدت إلي ظاهرة الدروس الخصوصية وإنشاء مراكز مجمعة خاصة بها. لذلك فإن محاولة إصلاح المعوج ستلقي صعوبة بالغة.. إنني أشبه مراكز الدروس الخاصة بالنشال المحترف الذي تعودت يده علي التسلل لجيوب الناس. فإن لم تقطع هذه اليد ستظل تتسلل إلي جيوب المواطنين. دار بيني وبين الزميل الأستاذ مؤمن الهباء رئيس تحرير المساء السابق نقاش طويل حول درجات الحضور والسلوك.. وقال إنني كتبت رداً علي هذا القرار قبل أن أقرأ مقالك الذي طالبت أنت فيه بعدم التراجع.. وهو المقال الذي نشره أمس الأول بالصحيفة. وساق فيه الحجج التي سبق أن ساقها كثير من الزملاء الكتاب أمثال الزميل الأستاذ يسري حسان نائب أول رئيس تحرير المساء.. وكلها تطالب بإصلاح حال المدرسة والمدرس ليكون علي مستوي حال مدرس مراكز الدروس الخصوصية.. وهاجموا هذا القرار لأن الوزارة لم تستعد بالبديل. وأنا لست ضد هذا الرأي فانضباط الطلاب في الحضور يستدعي أن تقوم الوزارة بإجراءات تواكب هذا الإجراء. وأولها انضباط المدرسة نفسها بحيث تعود لدورها التعليمي والتربوي.. وإذا كانت هناك بعض الفصول المكدسة والتي لا تمكن الطالب من الاستماع إلي المدرس ومناقشته. فيجب أن يقسم هذا الفصل إلي قسمين. ولو أدي ذلك إلي تشغيل المدرسة فترتين للصفين الأول والثاني الثانوي. وأهم من هذا كله أن تكون إدارة المدرسة علي مستوي المسئولية في ضبط حضور المدرسين. وتفعيل مبدأ العقاب الرادع لكل من يتخلف عن الحضور.. وقد رأينا أن الوزارة عندما أعلنت عن احتياجها ل 30 ألف معلم تقدم مئات الآلاف من المؤهلين للحصول علي هذا الشرف. وعلي مدير أو مديرة المدرسة ألا يجلس طوال اليوم في مكتبه لمجرد "الرغي" مع أي ضيف أو مع المدرسين والمدرسات الذين ينتظرون حصصهم.. بل علي هذه الإدارة أن تقوم بالمرور علي الفصول. وتحضر بعض الدروس مع الطلاب للاستماع للمعلم وهو يشرح.. وتفعيل دور الموجه للاطلاع علي دفاتر التحضير للمدرسين والتفتيش عليهم في الفصل. لن ينصلح حال التعليم بدرجات الحضور والسلوك فقط.. بل لابد من إصلاح المدرسة إدارياً وعلمياً والتزام المعلمين بأداء دورهم وجديتهم التامة في شرح الدروس.. ولابد أن تكون المدرسة نظيفة ومهيأة للطلاب.. وكلها أمور تتعلق بالإدارة المدرسية. قرأت في التعليقات علي القرار الخاص بتطبيق درجات الحضور في المدارس الخاصة وتهديد الوزارة لهذه المدارس بعدم التلاعب فيه وإلا فإنه سيتم وضعها تحت إشرافها.. أقول قرأت تعليقاً لطالبة تسمي "غادة" قالت إنها لم تغب يوماً واحداً عن المدرسة. ثم وجدت نفسها مسجلة 3 أيام غياب.. وهناك طالبات تعرفهن بالاسم ولم يحضرن يوماً واحداً ولم يسجل لهن أي غياب.. والواقعة حدثت في مدارس إدارة المنتزه التعليمية بالإسكندرية. وطالب آخر يعلق قائلاً: المهم المدرس يحضر ويكون عنده ضمير كالمدرس الموجود في مراكز الدروس الخصوصية.. والتعليقات كلها غاضبة من الوزير سواء من الطلاب أو من أولياء الأمور وتصف الوزير ب"الفشل". ورأيي أن هذا أمر متوقع طالما تريد الإصلاح لأن هناك من يريد تعطيل المدارس عن العمل وتبقي الوزارة اسماً فقط دون وجود تربية وتعليم. أقترح علي الوزير الدكتور الهلالي الشربيني ألا يتراجع عن قراره. وأطالبه أن يلتقي مع المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء ومع الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية للاجتماع بالمحافظين ومعهم وكلاء التربية والتعليم في محافظاتهم للاتفاق علي قواعد ضبط الدراسة في المدارس. وياسيادة الوزير: لابد أن تعلم أن القرارات الصعبة تواجه دائماً برد عنيف.. ومطلوب منك أن تركب الصعب.