لاشك في أن الصورة لغة عالمية يفهمها أي شخص من أي ثقافة وأي جنسية.. بل يفهمها الأخرس والقادر علي الكلام سواء بسواء. والسينما - أو الأفلام السينمائية - تعتمد علي الصورة أكثر من اعتمادها علي الكلام في التعبير عن الأفكار أو المواقف. ومن هنا نجد الأفلام الغربية عامة. وأفلام هوليوود خاصة. تحقق نجاحاً أكبر من غيرها. لاعتمادها أساسا علي عنصر الصورة والحركة "الأكشن" في الإبهار والتشويق والاستحواذ علي عيون وعقول المشاهدين. ومنذ نجاح الأخوين لوميير في إنتاج أول الصور المتحركة. أخذت الصورة تنافس الكلمة وتتفوق عليها كأداة لنشر الأفكار أو نشر "العولمة" بكل عناصرها وذلك لما تتميز به الصورة من قدرة علي مخاطبة الجميع بمختلف مستوياتهم الثقافية والفكرية. وبعد ظهور التليفزيون اكتسبت الأعمال السينمائية القدرة علي الوصول للمشاهد في مكانه وداخل بيته ودون الحاجة للانتقال إلي دور العرض ولا تحمل نفقات التذاكر. فاتسع نطاق تأثير الأعمال السينمائية. لكن هناك عوائق تحول أحيانا دون انتشار بعض الأعمال السينمائية.. وهذه العوائق قد تكون ثقافية أو سياسية أو دينية أو اجتماعية أو غيرها.. وهناك بعض المنتجين والمخرجين السينمائيين يطالبون بعولمة السينما!! ومقصد هؤلاء هو إلغاء أي قيود علي عرض الأفلام السينمائية. التي يتنافي مضمونها مع الثقافات والأديان والقيم الاجتماعية والسياسية في بعض الدول. وهؤلاء المنتجون يعربون عن ترحيبهم بتقلص وتراجع حجم القيود في الوقت الحالي أمام الأفلام السينمائية. ومن بينهم المخرج التايلندي الشهير ابيتشاتبونج الفائز بجائزة السعفة الذهبية بمهرجان كان السينمائي في .2010 ويري هو وأمثاله انه كلما ازداد تعاون صناع السينما في مختلف أرجاء العالم وعملوا معا تزايدت الفرصة أمام الناس لتبني أفكار وقيم وسلوكيات مشتركة وازداد التفاهم بين الشعوب.. وأن السينما يجب أن تكون عالمية.. أي إلغاء القيود والإنتاج المشترك. المخرج الصيني هو وانج زياوشواي الفائز بجائزة الدب الفضي بمهرجان برلين السينمائي يقول: إن العمل معا يمكن أن يفيد في الوصول لأساليب جديدة في سرد قصص الأفلام والوصول لقطاعات أوسع من الجماهير واستكشاف امكانات السينما. وما طرحه هؤلاء من أفكار في مهرجان برجن السينمائي الدولي الذي عقد مؤخرا بالنرويج يستحق الاهتمام.. ومع ذلك فقد حطمت السينما كل القيود والحدود بعد أن أصبحت الأفلام متاحة عبر مواقع الإنترنت وبعد أن صارت أطباق الدش تعتلي أسطح المساكن. حتي العشش الصفيح منها. وربما تنشأ مشكلات حول الإنتاج السينمائي العالمي المشترك.. فبأي لغة سيتم إنتاج الأفلام؟ وهل ستوضع لغات الدول التي ليس بها إنتاج سينمائي في الحسبان؟ أم ان السيادة ستكون للغات الدول ذات الإنتاج الضخم. فيسهم ذلك في اندثار لغات عديدة كما يحدث حاليا؟ ألا يتناقض ذلك مع ما يتردد حول الحرص العالمي علي التنوع الثقافي والخصوصية الحضارية للشعوب؟