مصادر فلسطينية: صدى الانفجارات والقصف وصل من قطاع غزة إلى جنوب الضفة الغربية    4 أهداف لريبيرو مع الأهلي أمام المحلة .. ماعلاقة الزمالك والمصري؟    رسميًا.. القادسية الكويتي يعلن تعاقده مع كهربا    شيكابالا يتحدث عن.. احتياجات الزمالك.. العودة لدوري الأبطال.. ومركز السعيد    بهاء الخطيب.. ذبحة صدرية أودت بحياة الفنان الشاب    تنسيق جامعة الأزهر 2025.. مؤشرات القبول والحد الأدنى المتوقع لكليات البنين والبنات (موعد ورابط التسجيل)    تنسيق المرحلة الثالثة، الأخطاء الشائعة عند تسجيل الرغبات وتحذير من الرقم السري    الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدتين بالخليل ومدينة قلقيلية    "وول ستريت جورنال": البنتاجون يمنع أوكرانيا من استخدام الأسلحة بعيدة المدى لضرب العمق الروسي    في 12 مقاطعة ب موسكو.. الدفاع الروسية تُسقط 57 مسيرة أوكرانية    تصل كييف خلال 6 أسابيع.. إدارة ترامب توافق على بيع 3350 صاروخا بعيد المدى ل أوكرانيا    فرنسا تستدعى السفيرة الإيطالية بعد تصريحات نائب رئيس الحكومة الإيطالية ضد ماكرون    وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى اندثار بعض الوظائف.. والحل التوجه لمهن جديدة    بينهم مصريون.. بنك HSBC يُغلق حسابات 1000 من أثرياء الشرق الأوسط    عقوبة تزوير الكود التعريفي للمعتمر وفقًا للقانون    الظهور الأول لمودريتش.. ميلان يسقط أمام كريمونيزي في افتتاحية الدوري الإيطالي    فينجادا: حزنت من انتقال زيزو إلى الأهلي.. والكرة المصرية تعاني من عدم الاحترافية    محافظ الإسكندرية يزور مصابي حادث غرق شاطئ أبو تلات بمستشفى العامرية    تفاصيل مصرع طفلة في انهيار سقف منزل قديم بالغربية    خسوف القمر الكلي.. مصر على موعد مع ظاهرة فلكية بارزة في 7 سبتمبر.. فيديو    انقلاب سيارة محملة بالزيت على الطريق الدولي ومحافظ كفر الشيخ يوجه بتأمين الطريق    للحفاظ على عمر البطارية.. نصائح مهمة لمستخدمي هواتف أندرويد وآيفون    وداعًا للبطاريات.. خلايا شمسية جديدة تشغل الأجهزة من إضاءة الغرف    مروة ناجي تتألق في أولى مشاركاتها بمهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية    بالصور.. ليلى علوي وأحمد العوضي وإلهام شاهين في الساحل الشمالي    الكاتب سامح فايز يعتذر لصاحب دار عصير الكتب بعد 3 أعوام من الخلافات    شاب بريطاني لم يغمض له جفن منذ عامين- ما القصة؟    وزير الصحة: نضمن تقديم الخدمات الصحية لجميع المقيمين على رض مصر دون تمييز    خلال اشتباكات مع قوات الأمن.. مقتل تاجر مخدرات شديد الخطورة في الأقصر    مصرع طفل وإصابة 2 آخرين في انهيار حائط بسوهاج    مهرجان القلعة.. أحمد جمال يطوي الصفحة الأخيرة للدورة 33 (صور)    في المباراة ال 600 للمدرب.. ويسلي يفتتح مسيرته مع روما بحسم الفوز على بولونيا    قصف مدفعي جديد يستهدف وسط غزة    وزير الإسكان يتابع موقف عدد من المشروعات بمطروح    رسميًا.. موعد المولد النبوي 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة للقطاع العام والخاص والبنوك    برشلونة يقلب تأخره لفوز أمام ليفانتي بالدوري الاسباني    «قولتله نبيع زيزو».. شيكابالا يكشف تفاصيل جلسته مع حسين لبيب    مستثمرون يابانيون: مصر جاذبة للاستثمار ولديها موارد تؤهلها للعالمية    تاليا تامر حسني: التنمّر ليس مزحة.. إنه ألم حقيقي يدمّر الثقة بالنفس (فيديو)    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الأحد 24 أغسطس 2025 محليًا وعالميًا    قلق عن الأحوال المادية.. حظ برج العقرب اليوم 24 أغسطس    لا صحة لوقوع خطأ طبي.. محمود سعد يوضح تطورات الحالة الصحية للفنانة أنغام    وسط ترقب وهتاف.. الجمهور ينتظر تامر حسني بحماس في مهرجان مراسي (صور)    رسميًا الآن بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 24 أغسطس 2025    «المصري اليوم» في جولة داخل أنفاق المرحلة الأولى للخط الرابع ل«المترو»    محافظ شمال سيناء يوجه بتشغيل قسم الغسيل الكلوي للأطفال بمستشفى العريش العام    إحالة المتغيبين في مستشفى الشيخ زويد المركزى إلى التحقيق العاجل    "سلامة قلبك".. مستشفى جديد لعلاج أمراض وجراحة القلب للأطفال مجانًا بالمحلة الكبري    "كنت بشوفهم بيموتوا قدامي".. شهادة ناجية من فاجعة غرق طالبات سوهاج بشاطئ أبو تلات بالإسكندرية    «أوقاف المنيا» تعلن بدء احتفال المولد النبوي غدًا الأحد 24 أغسطس    تعرف على استعدادات تعليم كفر الشيخ للعام الدراسي الجديد    هل يجوز الطلاق على الورق والزواج عرفي للحصول على المعاش؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف تدرب قلبك على الرضا بما قسمه الله لك؟.. يسري جبر يجيب    أوقاف الدقهلية تبدأ اختبارات أفضل الأصوات في تلاوة القرآن الكريم    هل يجوز قراءة القرآن أثناء النوم على السرير؟.. أمين الفتوى يجيب    الجندي يشدد على ضرورة تطوير أساليب إعداد وإخراج المحتوى العلمي لمجمع البحوث الإسلاميَّة    حصاد الأسبوع    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السينما الأفريقية..إلي أين؟
نشر في القاهرة يوم 21 - 02 - 2012

هكذا بدأ التحرك الشعبي والرسمي يحاول استعاده الدور والمركز.. وفي كل الاتجاهات. من هنا يأتي دورنا الثقافي والفني والذي كانت باكورته لإنشاء جمعية شباب الفنانين المستقلين التي تبنت مشروع إقامة مهرجان الأقصر الأول للسينما الأفريقية ولأول مرة في الفترة من 21 إلي 26 فبراير. لقد غابت عنا هذه السينما طويلا جدا بحيث صار السؤال.. أين موقع هذه السينما وإلي أين ؟ وهو ما يجيب عليه واحدا من أبنائها الناقد الإفريقي فرانك يوكاديكو ! السينما السوداء انبثقت ممارسات سينما أفريقيا السوداء المعاصرة وسط فوران بناء الأمة وسعيا لإحياء هويتها وتراثها الثقافي، وهو ما أدي إلي تنوع خلاق في السينما والفنون عامة. وتكتسب سينما ما وراء الصحراء أهميتها من التزامها بروح الجامعة الأفريقيةpan-African الساعية لتقديم أفريقيا من منظور افريقي، وهو ما ألهم آخرين فيما وراء حدود القارة الجغرافية. لقد أخذت هذه السينما علي عاتقها التحرر التام من الاستعمار مقتفية بنماذج معاصرة من الأدب الداعي للحرية لتتواءم مع نفس الهدف. ففي بلدان مثل أنجولا وغينيا بيساو وموزمبيق كانت السينما أحد الأسلحة من أجل التحرر، كما لعبت دور المحرض في تشكيل الوعي الثوري، وأصبحت بعد الحرب ونيل الاستقلال أداة أيديولوجية للنمو القومي والثقافي. وبرغم هذا فإن غالبية الدول الجديدة سرعان ما أدركت أن حريتها السياسية لا تعني الاستقلال الاقتصادي. كما واجه طموح مخرجيها النقص في البنية التحتية الضرورية لإنجاز نشأة صناعة سينما وطنية أو مواجهة بيروقراطية الروتين الحكومي، فضلا علي مشكلات الجمود السياسي، وهو ما كان يمكن تجنبه ومعالجته بوجود الإنتاج المشترك بين دول القارة من جانب الحكومات، بدلا من أن تتحول إلي عائق يحول دون وجود نظام إنتاج وتوزيع وعرض ملائمة عبر الإنتاج المشترك بينها، مع إنشاء كارتل «احتكار» للتوزيع لخدمة القارة، أو علي الأقل مناطق ما وراء الصحراء علي أسس سليمة. افتقار المصادر وعلي المستوي الوطني فإن التمويل العائد من الضرائب علي التذاكر وإعانة الحكومة من خلال تخفيض الضرائب علي استيراد أدوات الصناعة والتسهيلات في النقد الأجنبي. والأكثر أهمية تنمية البنية التحتية لمزيد من دور العرض وهي وسائل يمكن أن تساعد علي ازدهار صناعة السينما «وتعتبر بوركينا فاسو نموذجاً لهذا» إلا أن هذا كله يغيب عن الدول الأفريقية، وهو ما يواكبه افتقار للمصادر المادية التي تقف عائقا أمام طموح مخرجيها الشباب وازدهار صناعة محلية. ولم تكن جهود هؤلاء المخرجين لبناء هذه الصناعة تجد صدي نظرا لافتقار السياسات الوطنية الفعالة للإشراف علي هذه المؤسسات لقمة الإنتاج الوطني، بل ان الأفلام التي تعرض بها صناعة اجنبية متعددة الجنسيات لا تهتم بالاستثمار الوطني أو بعروض الإنتاج المحلي لاحتكارها العرض والتوزيع. وفي حين أن دولا مثل "غينيا" و"بوركينا فاسو" استطاعت تأميم صناعة السينما فإن محاولات شبيهة في بقية القارة لم تجد العون من سياسات تربط كل جوانب الإنتاج لنتشيط نموها وازدهارها. وعجز الكثير من المخرجين الأفارقة للتغلب علي ندرة الموارد والسيطرة الاقتصادية تضرب بجذورها إلي الماضي الاستعماري وحاضر الاستعمار الجديد. الوضع الحالي باستثناء أنجولا وموزمبيق وبوركينا فاسو حيث تتوافر أنساق حكومية تقوم بتمويل الإنتاج-إلي حد ما -فإن قيام صناعة سينمائية في غيرها مازال لا يحتل الأولوية. وكما سبق القول فإن السينما في هذه الدول تقوم في غالبيتها بصفة مستقلة، وفي ظروف غاية في الصعوبة. ولأنها محاولات لا تتسم بالاستمرارية فإن مخرجيها يسهمون غالبا في كل مراحل الإنتاج.. من الفكرة حتي النهاية.. ومن التوزيع إلي العرض. إضافة لهذا.. ندرة الأدوات المرتبطة بالصناعة والفيلم الخام. واذا كان من الصعوبة الحصول عليها خلال الثمانينات عما كان عليه الوضع في الستينات والسبعينات فقد كان عليهم السفر للخارج لإنجاز مراحل ما بعد الإنتاج. وهو العجز الذي ازداد مع نهاية الثمانينات نظرا للقيود التي فرضت علي العملة الأجنبية في غالبية الدول المستقلة. وهو العجز الذي يمثل تهديدا للمخرجين، إذ طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة فإن اقتصاد أكثر من ثلاثين دولة فيها -هنا لحساب صندوق النقد الدولي LMF لانخفاض عملتها. وهو ما جعل عملة العديد منها مجرد ورق لا قيمة لها،.. أو أوراق لا تحمل سوي صور رؤساء الدول. وكمثال.. فإن "غانا" قبل أن تعيد بناء اقتصادها طبقا لخطة صندوق النقد الدولي كانت نسبة سعر صرف السيدو «العملة الوطنية قد هبطت من 2.75 سيدو لكل دولار عام 1983 إلي 3.19 سيدو" لكل دولار في ديسمبر 1991. وإزاء هذه الظروف لم يعد باستطاعة أي مخرج أن يخرج فيلما في "غانا". لكن الواقع أنها مازالت تنتج أفلاما «كما بينا في الفصل الثالث حيث وجدت الأفلام الطويلة رواجا في الثمانينات»، في حين تأثرت دول أخري لعجز العملة الصعبة. وفي أغلب الحالات فإن غالبية المهرجين الآن يعتمدون علي الإنتاج المشترك مع الدول الأجنبية. وهي السياسة التي سادت في الثمانينات، والتي تعرضت لهجوم حاد من النقاد الذين يرونه يزيد من سيطرة نفوذ فرنسا الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، وبمثابة إعادة استعمار للسينما الإفريقية. لكن الجانب الإيجابي - لسياسة الإنتاج المشترك - انها بمثابة محطة دفع لتزويد السينما الأفريقية بالحياة «باستثناء المخرجين في نيجيريا الذين يعتمدون أساسا علي تمويل محلي لأفلامهم - وهي الأكثر إنتاجا سنويا - وان كان للاستهلاك المحلي، وغالبيتها بلا ايديولوجية وغير معروفة في الخارج. وعلي هذا يبدو أن مخرجيها ينقصهم الجو والظروف لإنتاج افلام جادة ذات مصداقية إزاء واقع القارة.والواقع أن العكس هو الصحيح ففيلم "فتاة سوداء" -1963- ل"عثمان سمبين" تم تمويله من وزارة التعاون الفرنسية. وفيلم "ساراؤنا" -1986- للمخرج "ميدهوندو" بتمويل جزئي من فرنسا وبوركينا فاسو، وكلاهما وجها نقدا حادا للاستعمار الفرنسي في القارة، رغم أن الفيلم الثاني قد "اغتيل" علي حد قول مخرجه "هوندو" من خلال التوزيع رغم مصداقيته وفنيته لما يحمل من سخرية حادة للقوات الفرنسية المستعمرة. وفيلم "فناي Finye" لسليمان سيسيه إنتاج مستقل بمساعدة الحكومة العسكري في مالي من خلال إمداده بالمعدات كان لاذعا في نقده للديكتاتورية العسكرية فيها، ومع ذلك لم يصادر. وهو ما يشير لنضج غير مألوف أدهش الجميع. كذلك فإن الفيلم الكاميروني Les Cooperantإخراج "ارثر سي بقيا" الذي ساعدت الحكومة في تمويله جزئيا كان أكثر انتقادا للفساد بين موظفي الحكومة. الفساد والعجز وما من شك في أن الفساد والعجز الاقتصادي من أكبر عوامل فقر القارة، إلي جانب مشاكل اخري كالجفاف والمجاعة والنزاعات الإثنية الداخلية، والتي تمثل العامل الثاني في ضرب مواردها، مما يضع السينما كصناعة في قاع أولويات الحكومة. لقد خرجت أفريقيا مما يسميه كلايد تايلور" "ضياع وجودي". وهو وصف دقيق.. نظرا لما عانته القارة من انتزاع اكثر من ثلاثة ملايين من مجتمعاتهم كعبيد، ومن بعده الاستعمار ثم الاستعمار الجديد الحالي. اليوم فإن القارة فيما عدا جنوب إفريقيا تبدو حرة نظريا وسياسيا، إلا أن غالبية دولها مازالت تعتمد علي سادتهم من الاستعماريين القدامي والذين ورثوا بحكم إمكانياتهم الاقتصادية والتكنولوجية وسائل وأدوات التحكم في هذه المستعمرات.. حتي بعد استقلالها.أضف لهذا نقص الكفاءة الإدارية بعد الاستقلال والتدهور الاقتصادي حتي فوضي الثمانينات. والواقع أن الاستعمار يهدف إلي عدم "أفرقة" ثروات القارة في الوقت الذي جعل من الاستعمار الجديد سيطرة غير مباشرة لرأسمالية جشعة، وإلي أسوأ أنواع الفساد علي حساب خزينة الدولة.لا تخدم سوي اقتصادياتها الطفيلية كما في بقية دول العالم الثالث، والتي صارت من الضعف للسيطرة علي شئونها دون وسيط أجنبي، دعك من أن يكون لها صوت قوي إزاء القضايا العالمية. وباستعارة أدوار سعيد عن الدول العربية فإنها عاجزة رغم ثروتها البترولية عن التحول إلي دول صناعية من دول العالم الأول. وموقفها "فاتر إن لم يكن موقف تذلل وعجز إزاء جشع عمالقة الصناعة الغربية ممن يستنزفونهم مقابل مساعدات مشروطة. ورغم ما تواجهه من مشكلات فقد ظهرت مجموعة من الأعمال تختلف حجما وإبداعا قدمتها جهود فرديه من أجل تحرير القارة وتأكيدا علي الهوية الإفريقية. ومن هذا الواقع السياسي والاجتماعي فهي سينما متسائلة للإفصاح عن ذاتها ولذاتها وللعالم الخارجي ولدراسة الاستعمار الجديد الآن. وفي المجال الأخير فهي شديدة النقد مع استخدام خيارات أساسية من التراث التقليدي «التراث الشفهي» لتحدد أولوياتها الجمالية تعالج بها قضايا تحولات القارة. قضية الجماليات غالبا ما يقترن سوء الفهم بالسينما الأفريقية في تحليل الغرب باعتبارها تمثل هوية واحدة أكثر منها أعمالا متعددة تمثل مختلف الولايات ومجموعة الثقافات المنتجة لها. والواقع أنه لا توجد سينما أفريقيا واحدة ولا تمثل جماليات جامعة. هذا التعدد المتباين للمراجع الثقافية التي تعتمد عليها ممارسات الفيلم الأفريقي يظهر ثراءها كما أنها أيضا مصدر التناقضات في فهم أولا فهم هذه السينما من الجمهور الغربي، أو أولئك المعجبون بتراث السينما الغربية. فالمخرجون الأفارقة يستخدمون أشكالا من التمثيلات الإفريقية تعتمد علي مصادر من الثقافات الوطنية بهدف تذوق اشكالها المختلفة.ولفهم المعرفة الثقافية والتاريخية والاجتماعية والسياسية للقارة إضافة لهذا.. فإن تشكيل ممارسة وطنية ذات حساسية لبعض الثقافات الخاصة تزيد من دعم الموقف الإفريقي. خاصة ما يتعلق بالجدل الدائر حول ضرورة أن يكون الفيلم مفهوما، كان يفهم المشاهد الإفريقي في دول العالم الثالث الفيلم الناطق بالإنجليزية أو الفرنسية رغم أنه لا يتكلمها. وهو الجدل الشائع في وسائل الإعلام والمهرجانات الإفريقية التي تعقد في اوروبا والولايات المتحدة. وعلينا تذكر أن سوء الفهم هذا مرجعه إلي أن هذه الأفلام أخرجت للأفارقة أساسا. ومحاولة فهمها يمثل الجانب المثير، هو أن الناس تحاول فهمها كما هي. وهو مؤشر بأن العالم بدأ يتعرف علي الصورة الايجابية للافريقي من منظور واقعي تناقض صورة "القارة السوداء" التي قدمتها أفلام هوليوود حيث تبدو القردة أكثر ذكاء من الأهالي. لقد كان من أهداف رواد السينما الأفريقية هو تقديم أعمال سينمائية ليست للأفارقة فقط، بل من صنعهم أيضا. وفي حين كانت القوة الدافعة لمخرجيها هو الدراسة السينمائية للقارة ككل، فقد أخذوا علي عاتقهم عبء خلق قارة جديدة بخلاف تلك التي شوهها الاستعمار والتفرقة العنصرية، ومن الصورة الكاريكاتيرية التي قدمتها هوليوود. استعادة الهوية من هنا ولأول مرة كان نضالهم لاستعادة هوية القارة المفقودة. ولم يعد كاف لاستعادة كرامة وكبرياء القارة مجرد الجلوس والحنين علي تراث القارة الضائع. ومن أجل استعادة هذه القيم وهذا التراث يجب الاعتماد علي قوة الصورة والحقيقة. يجب التعامل معهما ودراستهما من منظور وطني، وأن تترجم لأساليب لا يجب أن تتخفي تحت تقليد صارخ لثقافة أجنبية. ولتحقيق الأصالة والمصداقية لهذا النضال السينمائي فإن تطوير كل ما هو اصيل في التراث الشفوي لا غني عنه. وللوصول لهذه الرؤية فإن مخرجي القارة يصيغون استراتيجيتهم في إطارين هما: تراث السينما السائدة والتراث الحي للراوي الشفهي. وكما لاحظ فالتربنجامين فإن الراوي يحكي من خلال تجربته أو عن الآخرين وهو بدوره يحيلها إلي تجربة لمستمعيه. وقد أولت هذه السينما في العقود الأولي اهتمامها الكبير إلي تغليب الجانب التعليمي علي الترفيه. هذه الأفلام ذات المحتوي التربوي باهتمامها علي الوضع الإفريقي أعطت الجمهور الافريقي صورة مشوهة عن تاريخ القارة لما قبل وبعد الاستعمار وحتي الآن. وسياسة إعادة التعليم تهدف تشكيل المجتمع بإعادة الثقة والإيمان بالتراث الذي كاد يمحوه الاستعمار، والعمل لإعادة إحياء القارة من جديد. هذا السعي نحو الاستقلال ووجه بتجارب ضاغطة تتمثل في مماثلات ثقافية أو شفرات تنتهك عن عمد النماذج والأنماط السائدة عن المعني، فضلا عن عدم الاستقرار الاقتصادي والانقلابات السياسية او ما يمكن تسميته بالعجز الكامل. وهو ما لم يتح للمبدعين المستقلين
الالتزام بالمبادئ العقائدية حيث باتت سنوات الثمانينات أكثر استسلاما. وكمثال فإن عثمان سمبين ممثل النزعة التعليمية الذي كان يري "أن السينما صناعة ثقافية" يري أن عامل الربح ضمان للاستمرارية، وأن نجاح صناعة الفيلم الافريقي معيار نجاحها الوحيد ليس المحاكاة الفنية الرومانسية مقابل الابتداع الفني والفلسفة. ويطالب بالبحث عن " أشخاص وهيئات بإمكانهم توزيع الافلام الإفريقيا بكفاءة". وازاء المشكلة الدائمة للعرض والتوزيع فإن المخرجين يجاهدون بأن تكون السينما صناعة وبأن التسلية إحدي وظائفها للابتعاد عن النزعة التعليمية لسنوات الستينات والسبعينات. وغالبية الأفلام التي تبنت هذه السياسة الجديدة مازالت في مجملها تنتمي بامتياز لشفرة الإنتاج الإفريقي وتحقق الصدق والالتزام والنزعة التعليمية.. معيارها الفن والفكر الاجتماعي وفي حين نجد افلاما مثل : "فتاة سوداء" و"اكسالا" و"ياشمس" وBaare وحصاد 300سنة "تعليمية بامتياز وفي خدمة مخاطبة الجمهور المحلي، فإن أفلاما جديدة أخري مثل : الحب ينضج في إناء إفريقي و"الحياة جميلة" و"وجوه نساء" وyaaba و Les Cooperant تتوجه لجمهورها المحلي وفي نفس الوقت للمشاهدين خارج القارة. والاهتمام بعالمية السينما الأفريقية لتلائم اكبر عدد من الجمهور لاستراد عائد مالي يبدو في بنية هذه الأفلام الجديدة. وكمثال.. ففي الوقت الذي يدور فيه الجدل حول اللغة التي ينطق بها الفيلم يتم التركيز اكثر علي الصورة اكثر من الحوار آمرا مقبولا. ذلك ان كثرة وتعدد اللغات واللهجات الإفريقية مع التكاليف المرتفعة للدوبلاج أدت إلي كسر حاجز اللغة.. وهي سياسة ثبت نجاحها مع كثير من الافلام وصارت عادية طالما اتبعها آخرون. وكما هي وعلي العكس من السينما ذات النزعة الداخلية internalize يوجد أصحاب النزعة الخارجية externalization والتي جاءت مع الموجة الثانية من مخرجي الثمانينيات في مواكبة ما أسميه الاتجاهات المنحرفة عن الأصل digression وفيما بين هذه التنويعات هناك "شبه دمقرطه" quasi-democrization تمثل فواصل تجريبية ممثلة في أفلام مثل: الحياة جميلة - يالين- فنزان -yaaba-balpoussiere كل منها يختلف عن غيره في تعامله مع النماذج التقليدية، كما في بنية افلام "تراث إفريقيا" و"ساراؤنا" ومعسكر تريراوي" وكلها من انتاج الثمانينيات. وقد لا تكون افريقيا مكانا نموذجا للانتاج السينمائي، لكن بجهد مخرجيها وإخلاصهم المتواصل قد يرهنون علي أن هذه القارة -التي كانت يوما "وغاء فيلمي" felmical de sac عندما منحت الفرصة السليمة أنتجت الآن بعضا من أفضل الأفلام العالمية استجابة لحاجات وآمال شعوبها. أفلام كثيرة منها تكشف فنيا عن جماليات وأبعاد ثقافية وارتباط حميمي بالهموم الأفريقية مجتمعات الشتات. وانسجاما مع دور الفن في مثل هذه المجتمعات ضمن سياق التراث الإفريقي التقليدي فقد أعاد المخرجون النظري إلي ادوات الإنتاج الغربية. وكي يكون هذا الفن مستقلا فلابد من بحث ادوات الإنتاج وبهذا يحقق استقلاله. فهو فن تنويري يماثل دور الراوي «الجيرو» في التراث الشفهي. ودور الفن فيها كان يدرك دائما العوامل التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية في تطور شعبة. ومن الطريف والمثير هنا أنه بينما بدات في الغرب أولا، فإن التراث الشفهي ساعد الافارقة في استخدام الصورالمتحركة كعامل إضافي لا غني عنه لبيان لغة سينما-توغرافية أفريقية.. لغة مبدعة وسهلة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.