هذه بداية طيبة ونرجو أن تكون ليبيا قد وضعت أولي خطواتها علي الطريق الصحيح الذي يعيدها إلي دولة قوية متماسكة تشد كل الفئات السياسية فيها أزر بعضها البعض. وتقف بقوة وصلابة ضد التطرف الفكري بكل أنواعه وضد تنظيم داعش علي وجه الخصوص الذي كان قد توغل فيها ومازال يحتل بعض مدنها. إن جرائم هذا التنظيم قد فاقت كل الحدود عندما تمكن أفراده من الوصول إلي هذا البلد الشقيق بدعم مادي بالسلاح والمال من كل من تركيا وقطر.. ولن ننسي أبدا إخواننا المسيحيين ال 20 الذين اغتالتهم يد الغدر الداعشي ذبحا بالسكين علي أحد الشواطئ الليبية. إن مصر انتقمت فورا لهم بضرب داعش ومخازن اسلحته وعتاده وقتل ما يقرب من 150 من أفراده في اليوم التالي مباشرة لارتكابه لجريمته. إن إعلان برنارد نيوليون المبعوث الأممي إلي ليبيا التوصل بين الفرقاء الليبيين إلي تشكيل مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء يرأسه رئيس الوزراء المقترح فايز سراج. وله ثلاثة نواب هم أحمد معتيق وفضيل المشتلي وموسي كوني.. والاتفاق أيضا علي وزراء المجلس الرئاسي عمر الأسود ومحمد الرمادي والتعاون بين هؤلاء جميعا سوف يخرج ليبيا من حالة التردي التي انتابتها عقب الإطاحة بمعمر القذافي. وسوف يكون فايز سراج هو ممثل مجلس النواب.. وسيعمل الجميع كفريق متكامل وسيتناوبون في الدور التمثيلي الذي يستجيب لمتطلبات ليبيا علي الساحة الدولية. وقال ليون إن هناك مقترحا بقائمة توافق لتكون جزءا من الحكومة التي تمثل مدنا ومناطق مختلفة وهم ليسوا أعضاء في الحكومة حتي هذه اللحظة ولابد من قبولهم لدي المجلس الرئاسي.. وهذه القائمة تضم 15 اسما سيتم التصويت عليهم فيما بعد. لقد أبدي المبعوث الأممي ليون سعادته بالتوصل إلي هذا الاتفاق موجها الشكر للأسرة الدولية علي الجهود التي بذلتها في القضية الليبية وخص بالشكر المملكة المغربية كونها كانت جزءا أساسيا لنجاح المحادثات ولعبت دورا مهما.. مشددا علي أن ليبيا ستكون قادرة علي مواجهة التحديات الجمة التي تواجهها. وقد هنأت مصر في بيان للخارجية المصرية الشعب الليبي بتوصل الأطراف المتحاورة في المغرب إلي التوافق المنشود مشيدة بسمو تلك الأطراف إلي مستوي المسئولية مما أدي إلي النجاح الذي تحقق مساء الخميس الماضي علي هذا الاتفاق السياسي. وقال البيان إن مصر قد حرصت بكل مؤسساتها علي تقديم كل ما يلزم من دعم للعملية التفاوضية الجارية منذ عدة شهور من أجل انجاحها والحفاظ علي سلامة ليبيا ووحدة أراضيها ودعم الدولة الليبية لتحقيق الأمن والاستقرار وتوفير الخدمات ومكافحة الإرهاب علي أراضيها. وقال البيان إن مصر ستقف إلي جانب اشقائها الليبيين في كل لحظة لمساعدتهم علي تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم وحفظ أمنهم واستقرارهم. هذا موقف مصر الذي لا يستطيع أحد أن يشكك فيه.. فمصر تشترك مع ليبيا في حدودها الغربية. والتواصل بين الشعبين المصري والليبي من خلال تواجد عمال لمصر في ليبيا وتدفق الليبيين علي زيارة مصر. والشاحنات المصرية التي تعبر الحدود البرية بالبضائع من وإلي ليبيا كل هذا يؤكد متانة وقوة علاقات الأخوة بينهما. ولكن ماذا عن الآخرين.. وأقصد بهم دول حلف الناتو وتركيا وقطر؟! علي الدول الأوروبية أن تبدأ بالإفراج عن السلاح الذي تزود به ليبيا إذا كانت هذه الدول صادقة في محاربة الإرهاب.. فليبيا الآن في أشد الحاجة إلي هذا السلاح لتقضي به علي إرهاب داعش. وعلي كل من تركيا وقطر أن تحترما إرادة الشعب الليبي الذي توصل محاوروه إلي هذا الاتفاق وتمتنعا تماما عن تشجيع الإرهابيين وتحترما إرادته في رسم مستقبلة طبقا لهذه الإرادة.. ليبيا بلد غني بالبترول ومن حق شعبها أن ينعم بثروته كما تفعل كل شعوب العالم. ونحن من جانبنا في مصر سنقف بكل قوة مع ليبيا لصد الهجمة التتارية المتمثلة في داعش وكل المنظمات الإرهابية إلي أن نقضي علي كل فكر متطرف ويعود الأمان للجميع.