إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة في زمن قياسي كان بسبب وقوف ومساندة الجميع للقوات المسلحة "الجهة المنفذة" علي اعتبار أنه مشروع قومي. وبعد هذا النجاح انبري الكل يتحدث علي مشاريع أخري مماثلة. ندعمها ويتعاون الجميع لإنجاحها. والحمد لله أن مصر أرض خصبة لمثل هذه المشاريع التي افتقدناها منذ مشروع السد العالي. بالتأكيد فكرة تبني الدولة لمشروع بعينه والوقوف خلفه حتي إنجازه في وقت قياسي فكرة رائعة ولكن الأروع أن تسير باقي المشروعات الأخري علي التوازي في هذا النجاح وتستغل الاستنفار النفسي للمصريين لتحقيق نجاحات في كل القطاعات وهذا يستلزم أن يكون المسئول لديه الإرادة والعزيمة وأيضاً مقومات النجاح. ولكني أري أن مشروعاً قومياً مهماً وقد يفوق أي مشروع آخر لو نجحنا في إنجازه خلال وقت قياسي سنكون في مصاف الدول المتقدمة. وهو مشروع محاربة الفساد. والذي استشري في مفاصل الدولة.. وتغلغل في شرايينها حتي منع عنها النمو والازدهار. لا بل أصابها بالعجز وعدم الحركة وباتت مثل الرجل المسن القعيد وهي لاتزال في ريعان شبابها. وللأسف أن معظمنا يمارس الفساد الآن بعد أن تيقن الجميع خلال السنوات السابقة أنه لا عيش وسط الفاسدين إلا بممارسة الفساد.. فتوريث الوظائف الذي انتشر في معظم قطاعات الدولة أكبر فساد يمكن أن يهدم أمماً بأكملها ونحن نستهتر به وبعواقبه. فهو بداية للتمييز. والتمييز يؤدي إلي التحيز. والتحيز بالتأكيد يؤدي إلي التعصب. والتعصب بداية الانهيار. من جانبه الرئيس السيسي بدأ هذا المشروع بالفعل "محاربة الفساد" والدليل اجتماعه هذا الأسبوع بمحمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية من أجل اتخاذ إجراءات محددة لمكافحة الفساد. ولكن المشكلة أن محاربة الفساد ليست كمشروع قناة السويس. خاصة أن الفاسدين يشكلون الآن قوة هائلة في تركيبة الشعب المصري. ومنذ عهد الافتتاح الاقتصادي خلال حقبة السبعينيات ازدادت شوكتهم وتوحشت أفكارهم وانتشروا في كل قطاعات الدولة وبات الأمر بالنسبة لهم "حقوق يتحصلون عليها" ولذلك فأي محاولة لإعلان الحرب عليهم في صورة مشروع قومي هي بمثابة "أكون أو لا أكون". ولذلك أتوقع خلال تبني الرئيس هذا المشروع مواجهة حرب ضروس لأنه سيقف في صف "الغلابة" من الشعب المصري ضد سطوة المال واستغلال النفوذ. والمطلوب من الشرفاء "وما أكثرهم" في كل قطاعات الدولة تبني دعوة الرئيس في مواجهة الفساد وعدم الاستسلام أمام شرذمة الفاسدين والذين انبطحوا أمام الفساد ولا يستطيعون العيش بدونه. وأقول للمسئولين عن الهيئات الرقابية لا تخافوا كبيراً ولا تميلوا علي صغير. ولا تهابوا من ذي سلطان. والشعب خلفكم والجنة أو النار أمامكم. أبعدوا المصالح الشخصية عن عملكم.. أعلنوا عن المفسدين دون خوف لأن الشعب نصيركم. بسرعة: بعض رجال الأعمال يتبرعون للوطن في صورة مادية أو عينية ويهلل لهم الإعلام ويتاجرون بها ويحصلون في المقابل علي خدمات وتسهيلات مضاعفة.. وبعد ذلك يتم خصم هذه التبرعات من الضرائب "شغل عالي"!!!