أمة الإسلام لها أعيادها وأيامها التي تمتلئ بالبشر والسعادة وتزدان بالمودة والرحمة ومن هذه الأعياد عيد الفطر المبارك الذي يعتبر الجائزة الكبري للصائمين علي ما بذلوه من طاعات خلال الشهر الفضيل. حول الأعياد في الإسلام والحديث عن عيد الفطر يقول الدكتور طه حبيشي أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر إنه لم يشأ الله عز وجل للمسلمين أن يتخذوا لأنفسهم عيدا أو أعيادا فترة وجودهم في مكة وهي فترة طويلة نسبيا ما في ذلك شك ولا ريب لأنهم طوال فترة وجودهم بمكة لم يكونوا قادرين علي أن يصرفوا إرادتهم الجماعية كما لم يكن الواحد منهم في الكثير الأغلب قادرا علي أن يفعل ما يريد إلا بشق الأنفس وباجتياز الكثير من العقبات وتحمل الكثير من الأذي .. ولم يشأ الله كذلك أن يكون للأمة الإسلامية عيد في العام الأول من هجرتهم إلي المدينةالمنورة وكان عيدهم الأول في العام الثاني من الهجرة النبوية لأنه كانت هناك أشياء كثيرة قد استحدثت في جماعة المسلمين منها أنهم قبل مشروعية العيد قد تدربوا علي القتال وتعلموا كيف يرد الواحد منهم هجمات العدو ويدفع عن نفسه كل أذي ليحقق لأمته كرامتها وليحقق للمجتمع وجوده بين العالمين .. كما أننا نستطيع أن نرصد في المجتمع المسلم قبل مشروعية العيد الأول أن المسلمين قد تدربوا علي الصيام وهو حجب النفس عن الاستمتاع بما يحل لها فترة من الزمن بإرادة مطلقة وبغير رقيب من الخارج إلا أن يكون هذا الرقيب هو الله عز وجل وهذا الصيام له أثر مباشر في تقوية الإرادة الفردية وتكوين الشخصية المسلمة القادرة علي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. أضاف د. حبيشي أن ما نستطيع أن نرصده قبل مشروعية العيد الأول أن الله لم يشأ أن يشرع العيد للمسلمين إلا بعد أن ربي فيهم ملكة البذل والعطاء حتي يحافظ علي الإنسان المسلم من نوازع النفس وعلي حركة الاقتصاد من نفس دورانها بسبب عجز القوي الشرائية عن أداء وظيفتها في الاقتصاد العام. أكد أن الصائم في عيد الفطر يحتفل بانتصار إرادته في رمضان وصدقه مع ربه في التزام ما فرض عليه لذلك يجب أن يحرص علي الاستمرار في الطاعات بعد رمضان .. فالعبادات لا تتجزأ ورب رمضان هو رب سائر الشهور. يوم الجائزة يقول د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن يوم الفطر هو عيد في الأرض ويسمي في السماء بيوم الجائزة .. حيث تقف الملائكة علي أبواب السكك يقولون لعباد الله المؤمنين "اغدوا إلي رب كريم يمن عليكم بالعطاء الجزيل" .. ومعلوم أن العمال إذا فرغوا من أعمالهم فإنهم يوفون أجورهم ففي هذا اليوم يعتق الله سبحانه وتعالي الرقاب من النيران وهو يوم بشر يباح فيه الترويح عن النفس .. قال صلي الله عليه وسلم "إن لكل قوم عيدا" وقال "ساعة وساعة" .. ويندب في هذا اليوم البشر وطلاقة الوجه وصلة الأرحام وتبادل التهاني وإحسان الظن بالله بأن الله تقبل الصيام والقيام وصالح الأعمال مع تجديد العهد بديمومة العبادات والقربات فكما قال النبي صلي الله عليه وسلم "أحب الأعمال إلي الله عز وجل أشقها" وليعلم الجميع أن جزاء المجاهد يكون بالعبادات والطاعات والقربات فيقول تعالي "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين". مساعدة الفقراء والمساكين يوضح الشيخ عبد الناصر بليح رئيس قطاع التفتيش العام بالوجه البحري بوزارة الأوقاف أن اليوم يوم الجائزة والفرح والتهاني يقول صلي الله عليه وسلم "للصائم فرحتان يفرحهما فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه". بالأمس كنا نستعد لاستقبال شهر رمضان المبارك. ونعدّ العدة فرحين بنعمة الله. وهانحن اليوم نلوّح بأيدينا مودّعين رمضان. وكلنا لوعة علي فراقه» لأنه شهر الخير. شهر البركة. شهر الصبر. شهر المواساة. شهر أوله رحمة. وأوسطه مغفرة. وآخره عتق من النار. فبعد أن صام المسلمون وتخرجوا في مدرسة رمضان بأرواح لطيفة وشفافة طهروا أنفسهم وأرواحهم. وهاهم يقبلون علي يوم العيد هذا مهنّئين متودّدين. يمسحون رأس اليتيم. ويمدون يد العون والمساعدة للفقراء والمساكين بالبر والعطاء.. وقد تخرج المسلم في مدرسة الصيام وقد تعلم الإحسان إلي الآخرين من الأرامل واليتامي والمساكين والمحتاجين بعد أن شعر بمرارة الجوع والعطش فقد قيل لنبي الله يوسف لم تجوع وأنت علي خزائن الأرض قال "أخاف أن أشبع فأنسي الجائع ". فليجني الصائمون بعد صيامهم ما أثابهم الله عز وجل وثمرة جهدهم وتعبهم وهي مغفرة ذنوبهم :" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه". ينصح الشيخ بليح المسلم الصائم أنه لكي تستلم جائزتك يندب لك أن تلبس أحسن الثياب وتتطيب بأجود الأطياب في يوم العيد .. فلنلبس أجمل وأحسن الأخلاق وأكمل الشمائل. ولنتطيب بأطيب الخصال. . ويسن للمسلم أن يذهب من طريق ويرجع من آخر لتشهد عليه الملائكة .. والعيد الحقيقي هو يوم لا نعصي الله تعالي.