أثار قرار وزارة الزراعة المفاجيء بوقف استيراد القطن ردود أفعال مختلفة استمرت علي مدي الأيام القليلة الماضية وإذا كان من الطبيعي والمتوقع ان يلقي القرار هجوماً ومعارضة قوية من قطاع الغزل والنسيج "الخاص" الذين يدبرون احتياجاتهم من القطن عن طريق الاستيراد. الا ان المفاجأة ان نقابة الفلاحين أكدت عدم جدوي القرار في الوقت الحالي لأنه جاء متأخراً بعد ان تدهورت زراعة القطن ووصلت المساحات المنزرعة إلي أدني مستوي لها خلال السنوات الأخيرة. رغم ان قرار منع استيراد الأقطان من الخارج يهدف إلي حماية القطن المحلي الا ان هذا لا ينفي ان البلد مفيهاش "سياسة زراعية".. قال فريد واصل نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين ان القرار لا يفيد حالياً بعدما وصلت المساحة المنزرعة من الأقطان إلي 250 ألف فدان فقط في الدورة الزراعية مقارنة ب 500 ألف فدان منذ أربع سنوات بنسبة انخفاض بلغت 50% مما يقلل من فاعلية أي قرارات قد تهدف إلي دعم المزارع. أكد واصل علي ضرورة وضع سياسة لزراعة المنتج وتسويقه للخارج بدلا من منح الفلاح البذور وتركه وشأنه يواجه المجهول. مشيراً إلي ضرورة البحث عن جذور المشكلة لايجاد الحلول المناسبة لها. وأكد ان وقف استيراد القطن كان أهم مطالب الفلاحين. الا ان القرار جاء متأخراً حيث يتبقي عدة أيام فقط علي جمع القطن المصري. من جانبه أكد أحمد الوكيل رئيس اتحاد الغرف التجارية ان هذا القرار سيدفع باتجاه موجة جديدة من زيادة الأسعار للإنتاج المحلي. ويتحمل فاتورة ذلك القرار المستهلك. مشيراً إلي ان الشعب بكافة طوائفه سيدفع ثمن ذلك التخبط وخفض الصادرات ولسنوات عدة قادمة. قال انه بدلاً من قيام وزارة الزراعة بدورها الأساسي وهو العمل علي زيادة الإنتاجية وتوسيع الرقعة الزراعية. ومواجهة مشكلة ارتفاع سعر القطن المصري بنشر زراعته في الأراضي المستصلحة بمساحات اقتصادية بدلاً من الوضع الحالي الذي يرفع التكلفة. قررت إلغاء لجان استيراد القطن موضحاً ان ذلك هو المسمار الأخير في نعش صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. وهي الصناعة التصديرية الأولي بمصر والمستوعبة لأكبر قدر من العمالة. قال ان تلك القرارات لم تراع الضغوط التي سيبدأ المنتجون الأجانب في وضعها علي حكوماتهم في أسواقنا التصديرية للقيام بالمعاملة بالمثل. مثلما حدث لصادرات البطاطس المصرية إلي اليونان حيث تم غلق الأبواب أمامها انتقاماً من وقف استيراد القطن اليوناني. واضطرت الحكومة للرجوع في قرارها بعد خسائر ضخمة تكبدها المصدرون المصريون. ينتقد محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسيجية القرار ويصفه بالكارثي لتأثيره السلبي علي قطاع النسيج المصري متوقعاًان يؤدي لخلق سوق موازية لتجارة النسيج المستورد بشكل عشوائي وإجبار المصنعين علي الشراء منهم. تساءل المرشدي "كيف نمنع استيراد نوع من القطن نحن لا نزرعه أصلاً. فهو مادة خام غير متوفرة لدينا. نحن لا نزرع القطن المتوسط والقصير التيلة. وهذه هي المواد الخام الأساسية المستخدمة في التصنيع. يري ان قرار وقف استيراد جميع أنواع الأقطان الصادر من الحكومة سيؤثر سلباً علي قدرة المنتجات النسيجية المصرية علي المنافسة بالسوق العالمية.. قائلاً ان "القرار سيفتح الباب أمام التوسع في استيراد الأقمشة". أضاف ان "نسبة استخدام القطن طويلة التيلة عالمياً تتراوح من 2 إلي 2.5% فقط مقابل 97% للقطن المتوسط وقصير التيلة نظراً لارتفاع ثمن الأقطان طويلة التيلة". قال حمدي أبوالعينين رئيس الجمعية الانتاجية لأصحاب مصانع الغزل والنسيج بشبرا الخيمة ان القرار سيدفع المستوردين للتحايل علي طرق استيراد الغزول من الخارج في ظل سماح الحكومة حالياً باستيراد الغزول من الخارج. اضاف ان القطن المصري طويل التيلة يباع بنحو 1200 جنيه للقنطار في حين يباع القطن قصير التيلة والمطلوب أكثر في الأسواق المصرية والعالمية بمبلغ يتراوح من 600 إلي 700 جنيه للقنطار مما سيؤدي إلي ارتفاع اسعار الأقمشة الشعبية مثل "الدمور والبافتا" التي يدخل في صناعتها القطن المصري. اضاف ان قرار وقف الاستيراد صدر بسبب عجز الدولة عن توفير الدولار. موضحاً ان الفلاحين لن يستفيدوا بالقرار بالشكل المتوقع لانهم لا يزرعون الأقطان قصيرة التيلة التي تستهدفها المصانع المصرية. تزرع مصر القطن الطويل التيلة والذي يحظي بشهرة عالمية كأحد أفضل أنواع القطن بالعالم. ويستخدم لصناعة أفخر أنواع الملابس القطنية. لكن القطن الفاخر يتم تصديره غالباً كمادة خام نظراً للتكلفة العالية التي يتطلبها تصنيعه. وقد صدرت مصر خلال عام 2013/ 2014 قطنا خاماً بقيمة 83.8 مليون دولار مقابل 120.3 مليون دولار للعام السابق بحسب بيانات البنك المركزي.