مكوجي رجل العم صابر قابع داخل دكانه يتأمل كاويته العتيقة المقعدة.. امتنع عنه الزبائن بعد أن كبر ووهن وصار يحرق الملابس.. تعاطفت معه ومنحته بدلة زفافي المرتقب وسط استنكار الأهل كواها مبتسماً ولم يبخها بقطرة ماء.. فدموعه أوفت الغرض.. ولم يحرقها. عادة جدي كان مؤذن قريتنا.. لسنوات طوال لم ينقطع له صوت.. تعرض لحادث سير وراح في غيبوبة طويلة.. كلما اشتقت لصوته تحينت موعد الصلاة.. فأدنو منه وأسمعه يتمتم بالأذان ثم يغيب! يوم موتي خرجت عليهم لأعلن نبأ موتي. حزنت زوجتي كثيرا.. كل أفراد أسرتي تجمعوا.. هاتفت أصدقائي لأخبرهم انني مت لم يأت منهم إلا القليل.. شاركتهم في حمل نعشي. أمام المقبرة تمرد جسدي وقفزمنتصباً علي قدميه يرفض النزول.. قال له عمي: انزل يا ولدي الله يهديك الناس لديها مشاغل. فأشعل سيجارة التقطها من قميص جارنا. وجلس أمام المقبرة وهو يقول: يا أولاد الكلب سأنزل وقتما أريد.. ذهبت إليه لأقنعه بالنزول. فقال لي: ولِمَ لا تنزل أنت؟ وجدتها فكرة رائعة خاصة ان رائحة الجيف كانت تتفاقم في الخارج. فنزلت إلي المقبرة. وتركت جسدي يعود معهم. سر سدد لي تكلفة الرحلة الآن.. الآن الآن يا أبي... هكذا صاحت طفلتي وهي بين زميلاتها حين ذهبت لأصطحبها من مدرستها.. حاولت أن أتملص منها لم أستطع فهمست لها: بنيتي: أبوك جيبه خاو.. احتضنتني بشدة وهي تنظر لصويحباتها بنصف وجه ضاحك وتقول: شكراً شكراً بابا حبيبي معك حق "ديزني لاند" أجمل.. محبوبتي أختي الصغيرة.. طفلة أبي المدللة.. وروحه.. حين مات بكيناه.. إلا هي.. ظلت تشتري جرائده اليومية كما كانت تفعل كل يوم.... أنا الآن ذاهب لأشتري "الشيكولاتة" التي كانت تحبها! دمعة ماتت أمي.. فقرر أبي أن يتزوج.. لكن عقد القران لم يكتمل. فقد سقطت دمعة من عين أختي الصغيرة علي دفتر المأذون فأحرقته.