العالم الافتراضي الذي ينعكس من خلال مئات الأعمال الدرامية والبرامج "الواقعية". تعد فترة وجيزة لن يكون إفتراضيا وإنما "عضويا" في حياة الناس.. فلا أحد يتصور في هذا العالم الذي نعيش فيه إمكانية الافلات من سيطرة وسائل الاتصال الجماهيرية. ومن تأثير التقدم التكنولوجي في عصر الفضائيات المفتوحة. فنحن نبدأ اليوم بوجبة الافطار. أو بفنجان القهوة ومعه وجبة "الأخبار" عبر القناةالتي نثق في مصداقيتها أو ترتاح لمواقفها السياسية. أو لمعرفتك بالامكانيات المتاحة لها في مجال السبق وسبر أغوار الامور التي تشغلك. فهناك من دون أن ندري. طاقة يومية خفية سلبية أو ايجابية نستخدمها من وسائل التواصل الحديثة.. وهناك النشرةاليومية عن حالة الطقس وتأثيره علي المشاهد. وحالة المرور. وآخر تطورات النزاعات هنا وهناك في المنطقة التي تشغلك أحوالها. ولا مفر من الجلوس أمام الشاشة عند الاسترخاء بعد يوم عمل مرهق. ولا مفر بالتالي من الإنشغال اثناء الفرجة بأمور المجتمع وبآخر ما يطرأ علي الشئون الحياتية من تطورات.. فالتليفزيون أصبح جزءاً لا يتجزأ من النشاط اليومي. وآفاق الفرجة مفتوحة بإمتداد السماوات. إذا يمكن بفضل تكنولوجيا الاتصالات أن تمتلك الأسرة القدرة علي متابعة مئات القنوات. وأن يشارك "العالم" في محاضرات المؤسسات العلمية. ويتابع مستجدات البحث العلمي اذا كان مشغولا بتخصص بعينه .. هناك "صندوق سحري" ينفتح "بريموت" واشتراك دولي ومن دون عبارة "افتح يا سمسم" يفتح علي "مغارة" مذهلة مليئة بالثروات وفي الجانب الآخر هناك "قنابل" المعرفة التي تنفجر محدثة آثارها السلبية والايجابية حسب المتلقي.. وهناك ما تحمله منتجات صناعة الترفيه من الشرق والغرب.. ومنها الأفلام التي تعكس صنوفا من العروض الغربية التي تتضمن نماذج لشخصيات ورموز إنسانية لعبت أدواراً بارزة في تشكيل حياة البشر. وتشكيل أفكارنا حول ذواتنا وصورتنا أمام أنفسنا.. فكل ما نراه ونمارسه من خلال الأعمال الترفيهية الدرامية والاستعراضية يترك أثره علي المستقبل للإبداع التليفزيوني وعلي تفكيره في العالم وما آل إليه الآن. ويمتد التأثير إلي الاعلانات التجارية التي نتابعها فهذه الاعلانات موجهة بالأساس إلي قطاعات عريضة وبالذات صغار السن. وهي بالضرورة تؤثر في قراراتنا الاستهلاكية لاحظ اعلانات الشقق السكنية في المجمعات الجديدة ولاحظ الأعداد المتزايدة لبرامج "الطبيخ" ونماذج الطباخين من الغرب والشرق. وأنواع الطعام والثقافة المرتبطة بنظام الأكل والوجبات والسلع المتضمنة في هذه الوجبات المقدمة.. ولاحظ أيضا النماذج التي تشارك في صنع هذه المواد وبالمحادثات التليفونية. وحجم "المودة" و"الحب" في لغة الخطاب مع هذه البرنامج. ولغة هذه الأخيرة مع "المتصلة" ومفردات من نوع "يا حبيبة قلبي" ياعنيه. إنت تؤمريني وكأنها علي علاقة قديمة وحميمة معها علما بأن المتصلة لا تعرف ولم تتواصل مع مقدمة البرنامج خارج اطار الحلقة المذاعة.. ثقافة الاستهلاك والاستسهال واللغو الأجوف جزء من وظيفة هذه البرامج! ولاحظ أيضا التداخل والتفاعل الغريب بين نجوم السينما والتليفزيون مع هذه الوسيلة الاعلامية التثقيفية كثيرات منهن اتجهن للاعلانات. ومثلهن فعل نجوم من الرجال! ولاحظ أيضا الابتكارات التي طرأت علي مجال "الاعلان" والتأثير الذي يمكن أن يحدثه لدي الأسرة والمجتمع .. أنه "مفرخه" لتفريخ ليس فقط نجوم. وإنما أفكار ومفاهيم وقيم أسرية مختلفة.. وبالتالي فإن شركات الاعلان تخضع بالضرورة إلي سياسات وتوجهات وأهداف تؤثر جدا في حركة المجتمع واقتصاده وسلوكياته واخلاقياته الخ.. فالاعلانات تتكئ علي "الغواية" وشد الزبون بالطعم المناسب.وأكثر المراحل العمرية تعرضاً وانجذاباً هم الشباب لأنهم الاكثر تطلعا إلي امتلاك الاشياء الحديثة. وتجريب البدع التقنية الجديدة. وتمردا علي المعتاد والتقليدي. وانبهاراً بثقافة الغرب وموضات الغرب والنماذج الغربية والأفكار التي تفرزها المؤسسات الاعلامية والترفيهية هناك... وللأسف كثير ممن يسمون "النخبة" في المجتمع المصري يروجون للأفكار الغريبة بغض النظر عن اتساقها مع الثقافة المجتمعية السائدة. يدعم ذلك اعتقادهم الراسخ بأننا مجتمع متخلف مما يزيد من استعلائهم علي نحو يكشف عن ضحالة فكرية أو تجاهل لخصوصية الثقافة التي يؤمن بها معظم أفراد المجتمع..وخذ علي سبيل المثال معارك "الحجاب" و"الحشيش" التي تفجرت بسبب تصريحات اثنين من "النخبة" المثقفة.. وخذ مسألة المطالبة بإباحة العلاقات المثلية والدعارة باعتبارها أمورا بشرية والسماح بها يجعلها تحت النظر. والتلفزيون من خلال الأعمال الدرامية في الموسم الرمضاني. وبالاعداد الكبيرة من المسلسلات التي يشارك فيها "جل" العاملين" في هذه الصناعة التي تتكلف مليار جنيه ألي ألف مليون. يملي عن عمد. أو حتي من دون عمد ما يمكن أن يعتقده الناس حول قدرهم الاجتماعي والطبقي بما يمتلكونه. وبمعرفة الفوارق "الدرامية" بين من يملك ومن لا يملك. بين من يتقاضي الملايين ومن لا يجوز مقابل جهده سوي ملاليم إنه بالتأكيد يمارس تأثيره علي المفاهيم المرتبطة بالمواقف الاجتماعية. والموقف من السلطة.. ويدس في عقول غير الواعين وهم كثر مفاهيم حول الدين وعن معني أن تكون مؤمنا.. فاللدراما دورها المزدوج في استخدام هذه المفاهيم لتبرير مظاهر العنف. وتقنينه ومظاهر الفساد وتجميله وفي انتشار تعاطي المخدرات بتكريس أثرها في تحقيق المزاج العالي والهروب من الواقع المحيط. وبالتأكيد في السلوك الاجتماعي وتعميق أو تسطيح المسئولية المجتمعية.. وعلي الجانب الآخر يري بعض المهتمين بأثرالتليفزيون أنه استطاع أن يخفف من تيار التعصب السائد العرقي والديني بكشف الجرائم الدموية التي تولدت بسبب التفكير السلبي إزاء الآخرين وطمس هويتهم. وبعض الابحاث الخاصة بتأثير الاعمال التليفزيونية تشير إلي استخدام العنف المفرط وجعله مقبولا مما يشجع الاطفال علي انتهاج أساليب عنيفة ولكنه في نفس الوقت يروج للتدخين باظهار النجوم والشخصيات الجذابة وهم يدخنون السجائر إلي جانب أنواع أخري من المخدرات هناك أيضا الترويج للغة حوار قبيحة ومشوهة وباعتبارها من الامور العادية وانها طريقة طريفة ومؤثرة في تحقيق عنصر الفكاهة.. واعتقد أن الكوميديا المصرية سواء في السينما والتليفزيون مليئة بالنماذج المشوهة للغة الخطاب.. وأتوقف هنا أمام ظاهرة خطيرة ومثيرة للانتباه جداً ألا وهي لغة التخاطب بالحروف اللاتينية بدلا من الحروف العربية عند الدردشة علي مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك علي نحو أساسي. في العادة تقدم المسلسلات التليفزيونية الصور المثالية المرغوبة للأنثي واللرجل. نتابع ذلك من خلال المسلسلات التركية ولكن عندنا بكل اسف سنري المرأة البدينة والسليطة. واللعوب. والقوية نماذج منتشرة عندنا وتكشف عما آلت اليه صورة النجمة بعد صور لنجمات مثل فاتن حمامة وماجدة. وسميرة أحمد ونادية لطفي.. الخ.. هناك النماذج "المشوهة" بفعل عمليات التجميل والتي تشد الانتباه أيضا كبعض النتائج الفرعية للانتاج الدرامي وأعني الدعاية لهذه الجراحات التي انتشرت كالوباء.. ولكنها في بعض الاحيان تثير الفضول لدي نسبة كبيرة من السيدات مثلما نري في حالة نادية الجندي الحريصة جدا علي لياقتها الجسمانية كأداة مهمة جدا تساعدها حتي في الأدوار الصعبة وبعد هذا المشوار الطويل علي الشاشتين تجدها في مسلسل "اسرار" في ذروة لياقتها وكأنها تشتبك مع "الزمن" لإبطال تأثيره. بعد أيام يبدأ موسم "العناية المركزة" ب الدراما التليفزيونية ونتفرغ لاستهلاك هذا النوع من "المورفين" الاجتماعي وربما وجدنا "منشطات" تواجه تأثيرها وتعيننا علي تجنب الآثار الجانبية المترتبة بعد تكثيف الفرجة عليها.