نشأ في أسره فقيره توفر قوتها بالكاد وبدلا من ان يبذل كل جهده ليرفع مستواه ظل ساخطا علي حياته ينظر للآخرين بعين الحسد والحقد ويلقي بكل اللوم علي والديه لانهما لم يوفرا له حياه كريمه. ترك دراسته وخرج للعمل ليوفر المال ولكنه لم يتحمل مشقة العمل ولم يتحمل اتهام اسرته بالفشل فقرر ترك البيت والذهاب بلا عوده لاي محافظة بعيده. إختار محافظة الإسكندرية وظل يطوف في شوارعها ليالي طويلة حتي عثر علي عمل بمقهي وافق صاحبها علي أن يقيم فيه بصفة مؤقته. أمضي أكثر من عام في المقهي.. كل يوم يمضي عليه يزداد شعوره بالوحده ويشتاق لأسرته ولكنه ظل مستبعدا فكره العوده تماما ظنا منه أنه لن يجد من يرحب بوجوده. أخذت حالته الصحية تتدهور واحتار الاطباء في تشخيص حالته التي لم تستجب لعلاج دوائي أو جراحي حيث اجريت له عملية استئصال الزائدة الدودية واتضح فيما بعد ان التشخيص كان خاطئا لان الامه لم تهدأ. جاءني بحثا عن علاج بعد ان اصبح غير قادر علي العمل ونفد صبر صاحب المقهي عليه وطلب منه البحث عن عمل آخر.. روي لي "محمد حسين" قصته كامله وكان من السهل اكتشاف ان مرضه نفسي بعد وانه لديه رغبه عميقه في العوده لاسرته ولكنه في حاجة لمن يشجعه فقط. كل ما فعلته هو ان وجهت له النصيحة بضروره العوده لبيته مؤكده له ان اسرته تنتظره وسترحب به واعطيته نفقات المواصلات والمعيشه حتي يحسم امره من صندوق التبرعات. لم يمض سوي يومين وجاءني صوته عبر الهاتف في فرحه غامره وهو يتحدث من بيته بجوار والديه اللذين حرصا علي أن ينقلا لي سعادتهما التي لا توصف بعودته بعد شهور طويله من البحث عنه كادا يفقدان الامل بعدها في ان يكون مازال علي قيد الحياه. اكد لي محمد أن آلامه انتهت تماما عندما عاد له الشعور بالدفء والامان وانه علم قيمه الاهل التي لا تقدر بمال وادرك قيمه المثل الشعبي القائل "أهلك لتهلك".