ندفع حالياً وطوال السنوات الأخيرة. ثمناً باهظاً لانصرافنا عن الفناء الخلفي لنا. عن إفريقيا.. لأسباب شخصية تتعلق بالحاكم الأسبق. وكراهيته للقارة التي ننتمي إليها. وتمدنا بالحياة. أي بماء النيل الذي أصبح مهدداً في السنوات الأخيرة. زاوية مهمة لهذه العلاقة المضطربة بيننا وبين الأشقاء الأفارقة توقف عندها الباحث أحمد عجاج هي زاوية الثقافة التي تمثل كما يشاع دائماً قوة مصر الناعمة.. فأعد عجاج رسالة ماجستير بعنوان: "البعد الثقافي للدور المصري في إفريقيا" بإشراف د.محمود أبوالعينين. وناقشها بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية كل من د.جمال ضلع ود.محمد طايع. ونال بها الباحث درجة الامتياز. أشار عجاج إلي أن علاقاتنا الثقافية بالقارة السمراء قديمة جداً. منذ مصر القديمة. وهي مرتبطة بالبعد السياسي والأمني والتجاري والعسكري لمصر طوال تلك القرون. ولكنها في العصر الحديث تشهد اضطرابات: فتتوطد حيناً وتتسطح حيناً. فمثلاً كانت بوادر قوتها واضحة بعد الحرب العالمية الثانية وقبل ثورة يوليو. ثم ازدادت قوة خلال وجود عبدالناصر الذي ارتبط بهذه الجذور وسعي لتنميتها بقوة لكنها تأثرت سلبياً بعد هزيمة 1967. وعادت للازدهار عقب انتصار أكتوبر. ثم الانتكاس بعد اتفاقية كامب ديفيد أيام السادات مع توتر العلاقات بين مصر نفسها وسائر شقيقاتها العربيات.. وحاول الحاكم مبارك تعويض الفتور العربي بالتوجه الإفريقي لكنه ما لبث أن انقلب علي إفريقيا عقب محاولة اغتياله!! ولتنشيط هذا الدور يقترح أحمد عجاج في رسالته إنشاء المركز القومي للبحوث والدراسات الثقافية المصرية الإفريقية.. ضمن هذه الروشتة كذلك إنشاء قناة فضائية إفريقية ثبت من مصر بسائر لغات القارة. وتنشيط البعد الثقافي في السفارات المصرية بدول إفريقيا. وكذلك دور المؤسسات غير الحكومية. خاصة الأزهر الشريف والكنيسة القبطية والجمعيات الأهلية وجمعيات المستثمرين وإنشاء إدارة للأزمات والتنبؤ بها ونخلص من الرسالة إلي أن هذا الدور في طريقه للازدهار مع قدرة مصر علي ضرب الإرهاب. ومد أذرعها إلي سائر الدوائر المحيطة بها.