مدينة المحلة الكبري قلعة الصناعة المصرية تضم أكثر من 1200 مصنع للقطاع الخاص تعمل في مجال الصناعات النسجية والملابس الجاهزة بخلاف شركة غزل المحلة كبري الشركات العاملة في هذا المجال في الشرق الأوسط ومعها شركة صباغة المحلة وشركة النصر للصباغة والتجهيز في مقدمة المدن التي تعيش مأساة عدم توافر الأيدي العاملة الفنية المدربة وهذا أصبح يهدد هذه الصناعة الهامة في مقتل بعد هروب العمالة الفنية المدربة وعدم تعويضها. ولكن عاد التفاؤل لأصحاب هذه المصانع واستبشروا أخيراً لانقاذ صناعة الغزل والنسيج والملابس من هذه الأزمة بعد ما تم تخصيص وزارة خاصة بالتعليم الفني مستقلة عن وزارة التربية والتعليم وهو ما كان ينادي به الكثيرون للاهتمام بالتعليم الفني الذي واجه اهمالا شديداً في السنوات الماضية رغم انه مستقبل وأمل النهوض بالصناعات المصرية عصب الاقتصاد المصري في المرحلة الهامة القادمة. ناشد أصحاب 1200 مصنع للصناعات النسجية والملابس الجاهزة والمفروشات والوبريات تابعين للقطاع الخاص بالمناطق الصناعية بالمحلة الكبري وزير التعليم الفني الجديد بسرعة إنشاء مركز للتدريب لتخريج العمالة الفنية المدربة وأيضاً تفعيل دور المدارس الصناعية الفنية التي لم يعد لها أي دور الآن في توفير الأيدي العاملة الفنية المدربة كما كان يحدث في الماضي وتحولت لمجرد مدارس روتينية تخرج كل عام آلاف الخريجين الذين يحملون دبلومات فنية علي الورق فقط ومجرد شادات في تخصصات فنية مختلفة لا يعرف هؤلاء الخريجون أي شيء عنها وهو ما أفقد هذه المدارس الفنية الصناعية دورها الأساسي والذي أنشئت من أجله في تخريج كوادر فنية في كافة الصناعات المختلفة تكون قادرة علي تطبيق ما تحصلوا عليه من علوم نظرية وعملية في مجال تخصصهم وهذه هي أساس ولب الأزمة والمشكلة. علي سبيل المثال مدرسة النسيج الصناعية الثانوية بمدينة المحلة الكبري والتي أنشأها الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1910 علي مساحة فدانين تقريباً ثم قام بافتتاحها رسمياً عام 1914 وحرص الخديو علي دعم هذه المدرسة بمجموعة من المدرسين الأجانب تحت إشراف الخبير الانجليزي مستر "هربرت بارتل" والتحق بها عقب افتتاحها 32 طالباً فقط حيث كان هدف هذه المدرسة التي أنشئت في هذا الوقت هو الاهتمام بالتعليم المهني وأصول التدريب علي الماكينات الحديثة لتطوير صناعة الغزل والنسيج والتي كانت تعتمد في هذا الوقت علي اليدوية للعمل بالطرق الحديثة بعد ما قامت الدولة باستيراد ماكينات غزل ونسيج حديثة من دول أوروبا الشرقية حيث كان الاعتماد قبل إنشاء المدرسة علي صناعة النسيج اليدوي حيث كانت المدرسة الصناعية الجديدة للنسيج بالمحلة الكبري تعتبر هي ثاني مدرسة صناعية بعد مدرسة بولاق الصناعية وكانت تضم تسعة أقسام هي الغزل والنسيج الميكانيكي وتحضيراته وفحص الغزل والتجهيز والصوف والحرير والطباعة. كما كان الطلاب الذين يلتحقون بالمدرسة يتدربون عملياً ثلاثة أيام أأسبوعياً بشركتي غزل المحلة وصباغة المحلة بالإضافة لثلاثة أيام للدراسة النظرية وتم تخريج أول دفعة للمدرسة عام 1917 وكان عددهم 32 طالباً فقط وظلت هذه المدرسة تواصل دورها بنجاح في تخريج دفعات وكوادر مدربة في مجال الصناعات النسجية والغزل كان يتخاطفها شركتا غزل المحلة وصياغة المحلة ومئات مصانع القطاع الخاص التي تعمل في هذا المجال. الوضع اختلف تماماً نتيجة اهمال التعليم الفني وعدم الاعتراف به خلال السنوات الأخيرة السابقة وهو ما انعكس علي مدرسة النسيج الصناعية بالمحلة الكبري والتي تحولت الآن إلي ما يشبه الأماكن المهجورة التي تسكنها الأشباح وتم اغلاق معظم أقسامها الرئيسية وهدم بعضها وهو ما أدي أيضاً إلي تهالك ماكينات الغزل والنسيج الموجودة بهذه الأقسام وأصبحت عبارة عن مجرد خردة لا تصلح الآن. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط بل تغير اسم المدرسة الآن إلي مدرسة المحلة الصناعية الزخرفية وأصبح نشاطها الآن يتركز في أعمال الزخرفة والسباكة بينما اختفت المجالات التي أنشئت من أجلها وهي الخاصة بالغزل والنسيج والتجهيز والطباعة والتي أصبحت مجرد أسماء لأقسام علي الورق فقط فلم يعد الطلاب يؤدون تدريباتهم العملية كما كان في الماضي بالشركات المتخصصة مثل شركتي غزل المحلة وصياغة المحلة. يكشف حمدي السمسار سكرتير رابطة أصحاب مصانع النسيج بالمحلة الكبري عن حقيقة صادمة عندما أكد انه رغم انتشار البطالة وارتفاع نسبتها إلا أن مصانع الغزل والنسيج والملابس بالمحلة الكبري تعاني من نقص العمالة الفنية المدربة والماهرة بعد هروب غالبية العمالة المدربة من المصانع للعمل علي التوك توك الذي أصبح يحقق لهم دخلاً مادياً كبيراً أفضل بكثير مما كانوا يحصلون عليه من خلال يوميتهم أو رواتبهم الشهرية. أشار إلي أن أصحاب هذه المصانع استبشروا خيراً وسيطرت عليهم حالة من التفاؤل بعض تخصيص وزارة خاصة بالتعليم الفني للاهتمام به وطالبوا الوزير الجديد بسرعة تفعيل دور مراكز التدريب المهني لتوفير كوادر فنية ومهنية مدربة في مجال الصناعات النسجية. أضاف: لقد أصبحت المصانع تعلن كل أسبوع عن حاجتها لعمالة ولكن للأسف الشديد لم تستمر هذه العمالة سوي أيام معدودة وترحل لأنها غير مؤهلة ومدربة للعمل في هذا المجال لذلك أصبح من الضروري تفعيل الاهتمام بالتعليم الفني بعد تخصيص وزارة خاصة به وتفعيل دور مراكز التدريب والمدارس الفنية الصناعية مثل مدرسة المحلة الصناعية الثانوية التي كانت تؤهل كل عام أعداداً كبيرة من الخريجين الذين يعملون في مجال صناعة الغزل والنسيج والملابس والذين كانوا يلتحقون فور تخرجهم بالشركات والمصانع التي تعمل في هذا المجال فنياً للعمل في صناعة الغزل والنسيج والملابس وهو ما ساعد علي ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب لأنهم غير مؤهلين للعمل في المجال العملي ولا يصلحون سوي للجلوس علي مكاتب دون عمل في المصالح الحكومية وهذا كان من أهم سلبيات الدولة التي تجاهلت طوال السنوات الماضية عدم الاهتمام بالتعليم الفني بل ان البعض يعتبره وصمة عار. أضاف: انه أخيراً بدأت الدولة في تصحيح وتدارك خطأها الفادح بعدم الاهتمام بالتعليم الفني الذي يعتبر هو مستقبل البلاد والنهوض بها ولكن المطلوب أيضاً أن يكون التحرك سريعاً من جانب وزير التعليم الفني الجديد.