حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية الدائرة الأولي بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولةپالذي أيد فيهپقرار وزير الأوقافپبالامتناع عنپتجديد تصريح الخطابة الممنوح لأحد المنتمين إلي التيارات الدينيةپالمتشددة بمحافظة البحيرةپأشاد به البعض خاصة وزارة الأوقاف بينما تحفظ بعض علماء الشريعة علي ما تضمنه الحكم من 9 آليات لتجديد الخطاب الديني في العالم العربي والإسلامي حيث أكدوا عدم اختصاص القضاء بتطوير الخطاب الديني فهذه مهمة المؤسسات الدينية وعلي رأسها الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء رغم أن الحكم أشار إليها ولم يأت بجديد. السؤال الذي يفرض نفسه هل يمكن تجديد الخطاب الجديد بقوة القانون وإلزام المؤسسات الدينية بآليات معينة للتطوير ؟.. توجهنا بهذا السؤال لعلماء الدين وكانت هذه تعليقاتهم : د. عبد الفتاح محمود إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أكد أن الدعوي القضائية لم تكن مرفوعة بخصوص تجديد الخطاب الديني إلا أن هذه المحكمة ذكرت في حيثيات حكمها أساليب تجديد الخطاب التي يتعين انتهاجها في العصر الحديث لمواجهة ظاهرة الإرهاب وطالبت العلماء المتخصصين بوزارة الأوقاف والأزهر الشريف ودار الإفتاء أن يراعوا عدة نقاط عند تجديد الخطاب الديني منها: بيان أن الإسلام يدعو إلي السلام في الأرض... إلي آخر ما ورد في حيثيات الحكم وغيرها من نقاط تسعة حددت سبل تجديد هذا الخطاب وفقا لرؤية القاضي.. ولما كان نص الدستور في مادته السابعة "أن الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة يختص دون غيره بالقيام علي كافة شئونه وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشئون الإسلامية ويتولي مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم.. وشيخ الأزهر مستقل.. فإن ما ورد بالحكم السابق يتنافي مع نص هذه المادة بحسبان هذا الحكم يلزم الأزهر باتباع طرق محددة لتجديد الخطاب الديني وإلا كان مخالفا لما أورده الحكم مما ينزع عن الأزهر استقلاليته في اتخاذ ما يراه متعلقا بالشئون الإسلامية في الدولة سواء فيما يتعلق بالدعوة أو نشر الفكر الصحيح عن الإسلام ويجعل الأزهر تابعا لغيره غير مستقل بشئونه وأنه يتلقي المنهج الذي يسير عليه في تجديد الخطاب الديني من القضاء وهذا أمر مناف لما قرره الدستور في شأن الأزهر ويسيء إليه أبلغ إساءة جامعا وجامعة. أضاف أن ما ذكره الحكم فيما يجب علي الأزهر اتباعه لتجديد الخطاب الديني يناقض بعضها بعضا وهي في نقس الوقت بعيدة كل البعد عن الواقع وغير دقيقة من وجهة نظر العلم ومن التناقضات في هذا الحكم: أنه كيف يكون التجديد عالميا يتعدي حدود الأقطار الإسلامية والعربية ثم يلزم بإعادة فهم نصوص الشرع علي ضوء واقع الحياة وما تستحدثه البيئة المعاصرة بحيث تتناسب مع روح التطور وهذا ينزع بالتجديد إلي المحلية التي تراعي واقع المجتمع ومقتضياته.. كما أن القول ب"عدم المساس بثوابت الدين نفسه من نصوص قطعية الثبوت والدلالة يفيد بالمفهوم المخالف أن من السائغ المساس بالنصوص الظنية الدلالة وإن وردت في كتاب الله والمساس بنصوص السنة غير المقطوع بثبوتها وهي التي تمثل أكثر من 90% من السنة النبوية وغير ذلك مما ينتقص صراحة من جهود علماء الأزهر في هذه الأمور ويسيء إليهم أبلغ إساءة. قال د. إدريس إن هذا الحكم علي الأزهر وعلمائه فيه مخالفة شديدة للواقع الذي ينتهجه العلماء قبل أن تعتلي هيئة هذه المحكمة منصة القضاء بزمن بعيد فضلا عن أن قضايا التجديد في العبادات والمعاملات والسياسة وشئون الحكم ونحوها ومقارعة الفكر بالفكر ومراعاة واقع المجتمع عند الفتوي ونشر الوعي الديني وبيان الفكر الضال ودحض الأسس التي يقوم عليها بالحجج والبراهين وغير ذلك منهج سار عليه علماء الأزهر منذ أن ألقي فيه أول درس ولا يتصور أن علماء الأزهر بلغ بهم العي وعدم الاهتداء إلي الوجهة الصحيحة في مسيرتهم العلمية حتي يلزموا بتجديد خطابهم الديني إلي الناس بحكم قضائي ووفق أسس وضعها هذا الحكم وألزمهم بها. د. محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة القاهرة وأمين عام المجلس الأعلي للشئون الإسلامية الأسبق يؤكد أن الحكم الذي رفض فيه المدعي بإلغاء قرار حرمانه من الخطابة وسجل الحكم في حيثياته مجموعة من الأمور المتفق عليها شرعا أولا لا يجوز لأحد أن يدلي برأيه أو يجتهد في ثوابت الأديان وإنما نطاق الفتوي يكون في إطار الفروع أي الجزء المتغير من المسائل الشرعية التي تختلف من زمن إلي زمن ولم يمانع الحكم في مشاركة العلوم المختلفة في إبداء الرأي في المسائل الفرعية كعلماء الطب والاجتماع وغيرهما قبل الإدلاء بالرأي الفقهي.. ثانيا أنه خص مؤسسات الدولة الدينية وعلي رأسها الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء بالانفراد بالفتوي الشرعية.. وأضاف أن الفضل يرجع إلي الدين في تكوين روح العباد وإلهامهم بالقوة ويدفعهم إلي العمل وأكد في نقطة أخري نبذه لجرائم العنف أو القتل أو التخريب تبعا لمفاهيم مغلوطة تلصق بالدين. أشار إلي أن النقطة الجديدة التي أثارها الحكم هي أن التشريع الوضعي المصري خلا من ذكر أي تعريف عام أو خاص للمجتهد الذي من حقه أن يفتي.. ونقول : إن هذه المسألة ليست في حاجة إلي نص تشريعي لأن الاجتهاد والفتوي في بلادنا تنصرف بطبيعة الحال إلي دارسي الأمور الدينية في مؤسسة الأزهر كل حسب تخصصه حديثا أو تفسيرا أو فقها أو اقتصادا وكان ينبغي أن ينص الحكم علي توجيه المشرع إلي إصدار قانون يعاقب علي جرائم الاستهزاء بالأنبياء والرسل وسب السلف الصالح والذي سبقتنا إليه الكثير من دول أوروبا وغيرها وهي ما تسمي ب¢جرائم التجديف في حق الأديان¢. اختتم الحكم أنه لا ينبغي في المسائل الشائكة والمعاصرة علي رأي المفتي المنفرد وإنما يكون ذلك عن طريق المجامع العلمية والفتوي الجماعية ودعا إلي ضرورة أن يكون هناك رأي جامع عند تعدد الآراء لينير الطريق أمام الناس. أكد أن علماء الدين هم المنوط بهم تحديد آليات الخطاب الديني والاتفاق عليها وإرسالها لكافة الهيئات حتي يلتزم بها الغيورون علي دينهم. الشيخ صبري عبادة مستشار وزير الأوقاف قال إن حكم المحكمة أوضح الكثير من النقاط المتعلقة بقضية تجديد الخطاب الديني خاصة فيما يتعلق بدور المؤسسات الدينية المنوط بها هذه المهمة لاسيما أنه يمكن الاستعانة بمن لديه خبرة دعوية تؤهله للمشاركة في عملية التطوير حتي ولو كان غير أزهري علي ألا ينتمي لأية تيارات متشددة أو أفكار متطرفة وينتهج الوسطية في أحكامه وآرائه. أكد علي ضرورة مواجهة الأفكار المتشددة وموجات التطرف التي انتشرت في المجتمعات العربية والإسلامية مؤخرا عن طريق قيام علماء من كافة التخصصات الدينية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها علي عملية التطوير بحيث تتكون رؤية شاملة لهذه القضية وتتواءم مع تطورات العصر وحماية الأمة الإسلامية من التطرف والعنف والمغالاة. كانت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولةپقد أصدرت حكما الاثنين الماضي حددت فيه أساليب تجديد الخطاب الدينيپوأكدت فيه علي اختصاصپوزارة الأوقاف بالقيام بالنشاط الدعوي الديني في مصر والعالم العربي والإسلامي لتبيان صحيح الدين وحظرت المحكمة علي غير المتخصصين والجهلاء والمغرضين إفتاء الناس في أمور الدين لما فيه من إساءة للإسلام الصحيح وقصرت المحكمة تجديد الخطاب الديني علي الفروع فحسب دون ثوابت الدين وفجرت مفاجأة من العيار الثقيلپبأن المشرع الوضعي لم يضع تعريفا للمجتهد بما مؤداه أن هناك فراغا تشريعيا وليس شرعيا في هذا الشأن ودعت المشرع إلي إيجاد تنظيم تشريعي عاجل لعملية الإفتاء في المجتمع المصري لتلافي الآثار السيئة وإحداث البلبلة في نفوس العامة وأناطت المحكمة بعلماء الأوقاف والأزهر الشريف بتجديد الثقافة الإسلامية وتجريدها من آثار التعصب الديني الناجم عنه الانحراف في الفكر المذهبي والسياسي.. كما أشارت المحكمة إلي أنه في المسائل الخلافية التي تتعدد فيها آراء العلماء لا يجوز أن ينفرد فيها فقيه واحد وأن السبيل الوحيد هو الاجتهاد الجماعي لترجيح الآراء وانتهت المحكمة إلي تحديد 9 ركائز اساسية يجب علي علماء الدين علاجهاپ تدور حولها أساليب وآليات تجديد الخطاب الديني.