السفير محمد العرابي هو ثاني وزير لخارجية مصر الثورة.. وقد سبقه في المنصب المرموق الدكتور نبيل العربي الذي عين وزيراً للخارجية في مارس الماضي وأحدث تغييراً جوهرياً في السياسة الخارجية يليق بمصر ومكانتها وتاريخها وثورتها المجيدة.. وأثبت للعالم أن مصر أكبر وأقوي من نظام الرجل المريض الذي انهكها واصابها بالشيخوخة. وكانت نبرة الصدق والاخلاص والقوة هي مسوغات اختيار الأشقاء للدكتور النبيل أمينا عاماً لجامعة الدول العربية. وكنت قد وصفت الدكتور نبيل العربي في مقال سابق بأنه وجه الثورة المضيء والمعبر عن نبضها الحقيقي ولسانها الطليق.. وكان أول ما لفت الأنظار إليه دعوته إلي إعادة النظر في السياسة الخارجية المصرية.. وقال إنها كانت مجرد ردود أفعال لا تعكس الوزن الكبير لمصر ودورها التاريخي. كما حصد ثقة الشعب بأكمله عندما أعرب عن رفضه لحصار غزة وقال إنه مشين.. وطالب صراحة بفتح معبر رفح بصفة دائمة حتي لا يضطر الإخوة الفلسطينيون إلي استخدام الانفاق غير الشرعية. وفتح الآفاق أكثر وأكثر أمام مستقبل مصر عندما أعلن - وهو القانوني الدولي القدير - أن معاهدة السلام ليست مقدسة وأنها لا يمكن أن تكبل مصر وتقف حجر عثرة أمام دعمها للأشقاء الفلسطينيين وإذا كان هناك من مواد هذه المعاهدة ما يمكن أن نخجل منه فيجب تغييره وفقا للقواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين الدول. وأسقط العربي فزاعة الخوف من اجتياح اسرائيل لسيناء أو قيامها بمغامرة عسكرية جديدة في قطاع غزة.. وقال إنها ستواجه بوجه جديد من مصر غير الوجه الذي اعتادت عليه.. وطالب - علي الملأ - بإعادة النظر في سعر تصدير الغاز المصري المصدر لإسرائيل. ولكي تكتمل صورة مصر الجديدة التي عبر عنها د. نبيل العربي فقد دعا إلي اقامة تحالف قوي بين مصر والدول المجاورة لنا مثل تركيا وإيران.. وقال إن مصر ليس من مصلحتها قطع العلاقات مع إيران وأن تكون الدولة الثالثة في العالم التي ليس لها علاقة مع إيران بعد أمريكا وإسرائيل. ولو دققت في هذه المواقف الشجاعة التي أحدث بها د. العربي انقلابا حقيقيا في توجهات مصر الاستراتيجية خارجيا لأدركت انها تسعي بكل وضوح للانعتاق من الحلف الصهيوني الأمريكي الذي وضعنا فيه مبارك وزبانيته.. وهذا ما جعله موضع تقدير وإعجاب وثقة الشعب المصري.. والأشقاء العرب. وذهب العربي إلي الجامعة العربية وجاء السفير محمد العرابي وزيرا للخارجية.. ولا يمكن أن اخفي سعادتي بتوليه هذا المنصب الرفيع في هذه المرحلة الصعبة من تاريخنا.. مرحلة التحولات الكبري في سياستنا الداخلية والخارجية. مصر الآن في حاجة إلي وزير للخارجية يتميز بالقوة والهدوء.. والسفير العرابي رجل منظم وذكي وصاحب حجة قوية ومؤثرة.. وكما قال الاستاذ الكبير محمد فودة فإنه وجه مشرف للدبلوماسية المصرية. نحن نعرفه جيداً منذ أن كان سفيرا لمصر في ألمانيا.. حيث كان يستقبل رحلة أوائل الثانوية العامة التي تنظمها الشقيقة الجمهورية كل عام.. وكان يبذل - والسيدة الفاضلة حرمه - من وقتهما وجهدهما الكثير حتي يوفر كافة سبل الراحة والنجاح لبعثة الرحلة من الطلاب والصحفيين.. ولذلك تستطيع أن تقول إنه صديق شخصي لكل أبناء مؤسستنا.. خبرناه عن قرب وأدركنا مدي إخلاصه ووطنيته ونشاطه وقدراته. من هنا فإننا نستبشر خيراً.. ونثق بأنه سيكون المعبر الصادق عن مصر الجديدة وهي تتعامل مع الملفات الشائكة.. ملفات مياه النيل والعلاقة الملتبسة مع إسرائيل وأمريكا وإيران.. والتقارب الاستراتيجي المنشود مع تركيا والغاز والبترول.. وتطوير العلاقات مع الأشقاء العرب لتحفيزهم نحو العمل المشترك المتكامل أملاً في غد أفضل. مع العرابي لن ينفصل صوت مصر في الخارج عن نبضها وحماسها وطموحها في الداخل.. فالوزير الجديد واحد من المصريين الحقيقيين.. أبناء البلد الجدعان.. الذين يعتمد عليهم ويوثق فيهم.