المعركة التي تخوضها الدولة ضد الارهاب حققت تقدما كبيراً. واحرزت انتصارات مشهودة طوقت الارهاب وجففت منابع تمويله ودروب التهريب والانفاق التي تجلب اليه السلاح.. لكن حسم معركة الارهاب لايتحقق فقط بالردع العسكري الذي تخوضه قوات الجيش والشرطة ولكن الاهم هو تعمير وتنمية سيناء وخصوصا قلب سيناء. اكد الخبراء ان الفقر والبطالة والتهميش وسوء الخدمات وتهالك المرافق والبنية التحتية مداخل تسلكها جماعات الارهاب لتجنيد عناصر جديدة من اهالي سيناء. ومن ثم فلابد من احداث تنمية حقيقية لسيناء. وتقديم حلول من خارج الصندوق مثل التنميةا لسياحية واقامة مشروعات ضخمة في المجالات الصناعية والزراعية واستثمارات الامكانيات الواعدة لارض الفيروز وادماج ابناء سيناء في تلك المشروعات واحتواء مشكلاتهم مع الامن وفتح صفحة جديدة من التعاون والتنسيق لاجتثاث الارهاب من جذوره. يقول اللواء ممدوح مقلد "الخبير الامني ومدير امن شمال سيناء الاسبق" ان ثمة حاجة لتطوير الاستراتيجية الامنية في سيناء لمواكبة التطور النوعي للعمليات الإرهابية التي تغيرت اساليبها جذريا مقارنة بما كان يحدث في تسعينيات القرن الماضي ومطلع الالفية الجديدة. اضاف ان الحوادث الارهابية الاخيرة تشير لوجود سيناريو فوضي تريد من خلاله الجماعات الارهابية استنزاف الجيش والشرطة واثارة الرعب والهلع في نفوس اهل سيناء. لخدمة اجندة تفكيكها لفرض انشاء كيان فلسطيني علي ارضها لحساب حماس وهو حلم قديم متجدد. وثمة مخططات ومؤامرات تحاك ضد مصر للاستيلاء علي سيناء لكونها مركزاً استراتيجيا اقليميا يمتاز موقعها بالتفرد وهي غنية بمواردها الطبيعية وبثرواتها المعدنية وبفرص سياحية واعدة. اللواء طه سيد طه "نائب رئيس المجلس القومي لشئون القبائل العربية": تم التخطيط لاحداث فوضي في سيناء عبر عمليات العنف المسلح منذ عقوده وقد استغلت جماعات التطرف والتكفير غياب الخدمات ومقر التنمية وتحديداً في شمال سيناء للتمدد والتمركز فيها وتجنيد عناصر من ابنائها. اضاف اللواء طه ان الحل ومعالجة اخطاء الماضي تبدأ بإصلاح ما تم افساده.. والبداية بتنمية المواطن السيناوي الذي يعاني الفقر والتهميش وغياب الخدمات الصحية والتعليمية.. ولابد من ادماج ابناء سيناء في مشروعات التنمية ووصول عوائد الاستثمار اليهم واحتواء مشكلاتهم مع الامن والصحة والتعليم والبطالة واقامة البنية التحتية. لاشعارهم بأنهم اصحاب هذه الارض الحقيقيون وانهم من سيحمونها اذا ما تعرضت لمكروه لمحو ذكرياتهم الاليمة عن الماضي حيث التهميش والاهمال اللذين كرسا للكراهية والضغينة في نفوسهم تجاه سياسة الدولة في الماضي. اكد اللواء طه انه من خلال خبرته بعشائر وعقائل القبائل السيناوية يمكنه القول ان اجتثاث الارهاب من جذوره في سيناء لن يتحقق الا بالتعاون بين الدولة واهالي سيناء. فالاولي عليها فتح صفحة جديدة مع السيناويين مع الاستمرار في محاربة الارهاب بقوات الجيش والشرطة التي علي الجميع ان يقف وراءها ويدعمها ومن ناحية اخري لابد من الشروع في تدشين مشروعات تنموية لتطوير سيناء شمالاً ووسطا وجنوبا في شتي المجالات. وانشاء شبكة طرق وكباري وبنية تحتية ومشروعات مياه وصرف صحي وبناء مدارس وجامعات ومحو امية الاهالي. واقامة مدن صناعية تستوعب العمالة المعطلة من ابناء سيناء الذين زادت بينهم معدلات البطالة لما يقرب من 45% هي خصوصا بين الشباب. اما اللواء محمد عبدالفضيل ابوشوشة محافظ جنوبسيناء الاسبق فيري ان استراتيجية الردع العسكري والامني التي تنتهجها القوات المسلحة بالتعاون مع الشرطة تتوافق مع التغير النوعي للعمليات الارهابية الاخيرة التي شهدت تطوراً كبيراً يختلف عن الهجمات العشوائية التي كان يشنها افراد وجماعات معادية للدولة في الماضي القريب. اضاف اللواء ابوشوشة ان ما يحدث في سيناء في الآونة الاخيرة يمثل بؤرة ارهابية يعمل الاعداء والدول المناهضة لمصر ولقيادتها السياسية علي تأجيجها وتفاقمها. اشار اللواء ابوشوشة إلي ضرورة مواصلة هدم الانفاق المواصلة بين الارهابيين ومصادر دعمهم في رفح الفلسطينية. مشدداً علي ضرورة توسيع نطاق المنطقة العازلة عبر الشريط الحدودي.باعتباره احد اهم مصادر امداد ودعم الجماعات المسلحة مثل "انصار بيت المقدس" وغيرهم ممن ينفذون عمليات ارهابية تستهدف الجيش والشرطة هناك منذ فترة بعيدة. اضاف ابوشوشة: ان تنمية سيناء لابد ان تنهض علي ساحتين. او يدين. يد تبني ويد تحمل السلاح. اما اللواء عماد علوان رئيس مجلس مدينة دهب فيري ان سيناء تحتاج لثورة تعمير وتنمية. وبناء مجتمع استثماري سياحي تتوق له محافظة جنوبسيناء. كما يترقب اهالي سيناء تدفق الاستثمارات العربية والاجنبية اليهم.. لكن بعض الوزارات المسئولة لم تستوعب بعد الافكار الطموحة التي يتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسي منذ توليه قيادة الدولة وهي الافكار التي كانت واضحة في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في مارس الماضي. اضاف علوان ان الوقت لايحتمل اي تأخير للخروج بسيناء من العزلة التي حرمتها من استثمار امكانياتها الحقيقية الهائلة. فالاجانب عندما يأتون اليها ويرون مدنها ومناطقها المختلفة بهذا الجمال والسحر لكنها تصطدم بمعوقات تحول دون تطورها.. ويمكن القيام بتوسعات من شأنها ضخ مليارات الجنيهات والمليارات من العملة الصعبة في خزائن الدولة.. فمثلاً هناك تفكير في التعاون السياحي مع السعودية من خلال السماح بعبور لانشات سريعة بين مدينة "الجن" السعودية ودهب عبر المياه الاقتصادية وهي رحلة تستعرق اقل من 25 دقيقة وتحقق عائداً كبيراً وسوف يدشن ذلك المشروع لسياحة مثمرة. وهذا الامر يحتاج لاجراءات وموافقات حكومية كثيرة. اشار اللواء علوان إلي ان مشكلات سيناء تحتاج لحلول من خارج الصندوق واستثمار الطبيعة الساحرة لسيناء خصوصا في دهب ومدن جنوبسيناء لتحقيق اكبر عائد مادي. وتنشيط السياحة الشاطئية والرياضات البحرية وغيرها من سبل التنمية السياحية غير التقليدية. اللواء عبدالمنعم سعيد الخبير الاستراتيجي ومحافظ شمال سيناء الاسبق يقول ان ما تشهده سيناء منذ عقود هو مخطط ممنهج لخلق قلاقل وحالة من البلبلة بتدبير تفجيرات إرهابية لاثارة حفيظة القبائل السيناوية واشاعة روح الكراهية والوقيعة بينها وبين الدولة عبر نشر اكاذيب وشائعات مضللة تثير حفيظة القبائل بأن الدولة لاتولي سيناء واهلها اي اهتمام اضاف اللواء سعيد ان الارهابيين دأبوا علي ذرع قنابلهم الموقوتة وعبواتهم الناسفة منذ التسعينيات وقبلها يزرعون قنابل الفتنة والوقيعة بين الحكومة والاهالي هناك وهو ما يحتاج لاعادة النظر من الدولة في مشاكل وازمات المواطن السيناوي والعمل علي تذليل الصعاب التي تواجه اهل سيناء باقامة مشروعات تنموية زراعية وصناعية ضخمة توفر الآلاف من فرص العمل. حيث يدخل الجماعات الارهابية إلي سيناء من باب الازمات والبطالة والفقر والتهميش لتجنيد ارهابيين من ابناء ارض الفيروز. واغرائهم بالمال واستغلال الظروف المعيشية الصعبة. فالتنمية والتعمير لابد ان تتلازم مع العمليات العسكرية النوعية والحاسمة وهو ما يسرع بالعبور بسيناء إلي آفاق المستقبل وطي صفحة الارهاب والدم.