«ستواجهون مقاتلين من كل ربوع الدنيا، من أفغانستان وباكستان وسوريا وفلسطين ..» بهذه الكلمات، أعطى القيادى الإرهابى خيرت الشاطر إشارة لعملائه لتنفيذ كل الجرائم الإرهابية الموجهة ضد رجال القوات المسلحة والشرطة فى أرض الفيروز،وجاء الرد القوى من الرئيس عبد الفتاح السيسى مدويا «إحنا مش هنمشى ونسيب سينا يا تبقى ملك للمصريين يا نموت». فبعد استشهاد أكثر من 30 بطلا وإصابة العشرات من رجال القوات المسلحة فى عملية إرهابية خسيسة على أرض الفيروز، انفجر بركان الغضب داخل قلوب المواطنين مطالبين بالثأر من الجماعات الإرهابية التى تحصد أرواح الأبرياء بعمليات انتحارية وباستخدام قذائف الهاون على أرض سيناء الطاهرة. تحقيقات «الأهرام» رصدت آراء قيادات فى الجماعات الإسلامية وخبراء أمنيين واستراتيجيين للوصول إلى آلية جديدة، ورؤية أكثر حسما لمواجهة الإرهاب، والتصدى للمتآمرين على الوطن.
فى البداية يقول عبد الجليل الشرنوبى - الباحث فى الشأن الإسلامى والقيادى الإخوانى المنشق- إن العمل الإرهابى الذى وقع فى العريش يستهدف المسيرة الاقتصادية والمشروعات العملاقة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى، كما يأتى ردا على نجاح القوات المسلحة فى تصفية عدد كبير من الإرهابيين، ويستهدف أيضا إفشال خريطة المستقبل وعرقلة أى تقدم للدولة المصرية ومحاولة القيام بأى عمليات عنف ضد أبناء الوطن لإثارة الشعب على الدولة. وأكد - الشرنوبى - أن هناك هدفا تسعى إليه الجماعات الإرهابية المسلحة فى سيناء وهو إسقاط الدولة المصرية، وتشكيك المواطنين فى قدرة الدولة على حمايتهم ، والسعى إلى تقديم رسالة قوية للخارج بأن الأوضاع فى مصر غير مستقرة. وأشار إلى أن الفترة المقبلة ستشهد تكثيفا فى العمليات الإرهابية ضد الدولة وتحديدا ضد رجال القوات المسلحة والشرطة، لمحاولة تشتيت الأمن ليبتعد عن مسئوليته الكبيرة فى حماية الوطن . أما صبرى القاسمى مؤسس الجبهة الوسطية فيرجح تورط جماعة أنصار بيت المقدس وتنظيم داعش الإرهابى فى العملية الإرهابية التى استهدفت المنشآت الخاصة بالقوات المسلحة بسيناء حيث تسعى هذه الجماعات إلى إثارة الشعب على الدولة مرة أخرى وإسقاط مؤسسات الدولة وإرباك مصر قبل المؤتمر الاقتصادى الذى ستنظمه خلال شهر مارس المقبل بمدينة شرم الشيخ. وأضاف - القاسمى - أن الجماعات الإرهابية تسعى من خلال أعمالها الدنيئة إلى إرسال مجموعة من الرسائل للمواطنين من خلال معتقدهم بتوعية الأشخاص للانضمام إليهم بدعوى نصرة الإسلام . وقال - مؤسس الجبهة الوسطية - إن توقيت العملية الإرهابية محسوب، حيث إنه يأتى تزامنا مع بدء انعقاد القمة الإفريقية ووجود الرئيس السيسى فى أثيوبيا ، لكى يؤثر على وضع مصر اقتصاديا . وأكد أن رجال القوات المسلحة لن يتهاونوا ولن يهدأوا حتى يدكوا بؤرهم الإجرامية مطالبا المواطنين بالوقوف صفا واحدا خلف الوطن وجيشه ليعبر هذه الفترة بأمان خاصة أن القوات المسلحة نجحت فى تصفية معظم قيادات أنصار بيت المقدس، واستئصال جذورها بنسبة 95% كنتيجة للجهود المتواصلة للعمليات العسكرية على أرض سيناء . أما د. ناجح إبراهيم القيادى السابق بالجماعة الإسلامية فيرى أن الحادث الإرهابى الجبان الذى استهدف رجال القوات المسلحة فى العريش يأتى ردا على مقتل عدد من العناصر التكفيرية فى سيناء وضبط الكثيرين منهم. وأكد - د. ناجح- أن عناصر من تنظيم القاعدة قامت بالتنسيق مع مجموعات من تنظيم داعش الإرهابى للتخطيط للعمليات الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة . وأوضح أن الحادث يكشف عن أن هناك مجموعات محترفة ومسلحة بطريقة حديثة وهى التى نفذت الجريمة الإرهابية ، كما أن هناك تخطيطا جيدا ويرجح أن يكونوا من العسكريين فى تنظيم داعش الإرهابى. وأشار إلى أن عناصر تنظيم داعش يأتون إلى مصر كأفراد عاديين ويتواصلون مع الجماعات التكفيرية فى سيناء، بهدف توسيع نشاط الإرهابيين فى مصر لتصبح مثل سورياوالعراق، مشيرا الى ان أغلب الجماعات الإرهابية فى سيناء تشكلت بعد ثورة 25 يناير فى ظل حالة الفوضى الأمنية. وأكد أن بعض العناصر التكفيرية موجودون فى القاهرة الكبرى، مثل خلية عرب شركس التى تم قتل بعض عناصرها والقبض على الباقين، أما العدد الأكبر فموجود فى سيناء، وقد تعرض لضربات قاسمة كما يوجد عدد آخر فى القرى ووسط القبائل ويعيشون بين المواطنين كأفراد عاديين مشيرا إلى أن سبب انتشار مثل هذه العمليات الإرهابية يرجع لغياب الوعى، وعدم وصول الدعوة الدينية الصحيحة للعناصر التى تتبنى الفكر المتطرف. شديدة القسوة أما نبيل نعيم مؤسس تنظيم الجهاد السابق فيرى أن التنظيم الإرهابى لفظ أنفاسه الأخيرة ويسعى إلى إحداث أعمال إرهابية شديدة القسوة من خلال انتحاريين مأجورين من دول مختلفة لإثبات قوته الوهمية على أرض الفيروز ولكن الحقيقة أنهم كالفئران ينفذون الجريمة ويختبئون داخل الجحور وأتوقع أن يكون منفذو الجريمة الإرهابية قد دخلوا سيناء من العراقوسوريا وشاركوا فى عمليات إرهابية ضد رجال القوات المسلحة . وقال إن أسلوب تنفيذ العملية الإرهابية يكشف عن أن منفذيها شاركوا فى معارك كبرى كالتى تحدث فى سورياوالعراق، مشيرا إلى أن المناطق والمحافظات التى يتم استقطاب العناصر الإرهابية منها هى الأكثر فقرا. وقال نعيم إن استمرار فترة حظر التجوال وفرض حالة الطوارئ فى سيناء ستساعد على القضاء على البؤر الإرهابية والتنظيمات التكفيرية ، مطالبا بتعظيم دور الأزهر الشريف فى نشر الوعى الدينى الصحيح بين أبناء القبائل السيناوية، لأن تدهور الخطاب الدينى خلال الفترة الماضية أحد أسباب توسع وانتشار العمليات الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة فى المناطق الحدودية. بيد من حديد أما الكاتب الصحفى حلمى النمنم فيطالب الرئيس السيسى بالضرب بيد من حديد على جذور الإرهاب ، خاصة أن الشعب فوضه لدحر الإرهابيين وتوفير الأمن والأمان للمواطنين لذلك لا بد من اتخاذ إجراءات رادعة واستثنائية لكل من يرفع السلاح فى مواجهة رجال الشرطة والقوات المسلحة. وطالب -النمنم - الإعلام بالاصطفاف وإعلاء المسئولية الوطنية فى مواجهة الأعمال الإرهابية ، تأكيدا لما ذكره الرئيس بضرورة أن يقدم الإعلام الوعى والمفاهيم الصحيحة للشعب من خلال رؤية واضحة بعيدا عن الأفكار المتطرفة وعدم إثارة الرأى العام بمفاهيم مغلوطة وتحليلات غير دقيقة . ويرى اللواء حمدى بخيت الخبير العسكرى أن مصر اليوم فى حالة حرب مع الإرهاب على أرض الفيروز، وتجب مواجهة الإرهابيين والتخلص منهم من خلال خطة أمنية استراتيجية محكمة عن طريق السيطرة على منابع السلاح واستمرار تدمير الأنفاق السرية التى تساعدهم فى الحصول على المتفجرات والأسلحة، ورغم أن القوات المسلحة هدمت أكثر من 1700 نفق إلا أنه يوجد بعض الأنفاق السرية التى يزيد طولها على 1.5كيلو وتستخدم فى تسلل الإرهابيين ونقل السلاح. وأوضح بخيت - أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفى لمواجهة الإرهابيين، لذلك يجب الاستعانة بالدعوة الوسطية للتصدى للأفكار المسمومة ، مشيرا إلى ضرورة مواجهة بعض الأفكار الإعلامية الخبيثة التى تبث الفرقة بين أبناء الوطن. وشدد الخبير العسكرى - على ضرورة استخدام منابر المساجد فى التعريف بتعاليم الإسلام الوسطية، والقيم الصحيحة التى ينشرها الأزهر والتمسك بالخطاب الدينى الوسطى، وإعلاء قيم الإسلام فى النفوس . أما اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجى فيطالب بمحاكمة كل من يرتكب جريمة فى حق الوطن عسكريا، وتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة ضد الإرهابيين دون إبطاء، مشيرا إلى أن تنفيذ العمليات الإرهابية بالسيارات المفخخة أمر متكرر، ولابد من مواجهة ذلك بكل حسم. معركة حقيقية ويرى اللواء محمود زاهر الخبير الاستراتيجى أن مصر تواجه معركة حقيقية ضد الإرهاب، وتتصدى له بشكل كبير وعليها أن تتحمل الخسائر من أجل الوطن . وأضاف أن سيناء تحولت إلى ساحة حرب حقيقية مع العناصر الإرهابية المسلحة. وأن العناصر الإرهابية فى سيناء تختبئ وراء الشيوخ، والنساء، والأطفال خوفا من وصول أجهزة الأمن لهم، وأن العناصر الإرهابية حاليا تحاول أن تنفذ هجمات بطرق مختلفة بعد أن سيطرت الأجهزة الأمنية على عدد من المناطق فى سيناء. وأكد أن قوات الشرطة اكتسبت خبرات كثيرة بعد تنفيذ عدة عمليات داخل سيناء. وطالب الأجهزة الأمنية بقطع الاتصالات عن سيناء على فترات متفاوتة لقطع الإشارة عن العبوات الناسفة التى يستخدمها الإرهابيون عن طريق أجهزة الاتصال عند مهاجمة سيارات الشرطة والجيش. وأوضح زاهر أن الدولة تمتلك خططا لتنمية سيناء وبدأت بتنفيذ بعضها على أرض الواقع . تنظيم القاعدة ووصف اللواء أحمد موافى الخبير الأمنى التفجيرات الإرهابية فى سيناء بأنها ذات طابع دينى وهى الأشرس منذ إعلان الحرب على الإرهاب. وقال موافى إن هذا التفجير تطور نوعى مفاجئ تنفيذا وحرفية وتدريبا وعتادا وهذه الجماعة التى نفذت الهجوم مستجدة على أرض الفيروز. وأضاف أن هذا التفجير لم يخرج عن تنظيم القاعدة، وداعش من حيث التخطيط والرصد والإصرار على الجريمة، كما أنها تتسم بطابع الخسة فى التنفيذ. وأوضح موافى أن الحال الآن يتطلب مواجهة فورية ضد الإرهاب الدولى فى المنطقة، ويتطلب تحركا من دول التحالفات الدولية . وطالب موافى الدول العربية والأجنبية باحترام نصوص القوانين، وتطبيق العقوبات على الدول التى تدرب وتؤوى وتمد الإرهابيين بالسلاح . وقال اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الجنائى الإستراتيجى إن العمليات الإرهابية مستمرة فى سيناء ولن تهدأ حيث لاتوجد التشريعات العقابية، ولا يوجد نص قانونى يجرم تلك الأنماط والجرائم الإرهابية، ولا توجد نصوص عقابية ضد العناصر الإجرامية الإرهابية، وتحدد مسئولية الدولة وتحدد التعويضات المدنية الناتجة عن تلك الجرائم وأهالى المضارين من تلك الجرائم الإرهابية. ويرى - الخبير الإستراتيجى أن ما يحدث فى سيناء اليوم هو أعمال بلطجة جنائية، وأن المادة 375 من قانون العقوبات نصت على تعريف الجرائم العقابية بأنها ترويع وتخويف وبلطجة مطالبا بإصدار قانون الإرهاب لمنع ترويع الذئاب البشرية للآمنين . مسرح الجريمة وقال اللواء رفعت إن المنظمات الإرهابية تستخدم سيناء كمسرح جريمة مفتوح لإحراج السلطات خاصة أن منطقة سيناء حدودية يسهل القدوم منها بالأسلحة المدمرة كما تسمح بخروج الجناة بعد ارتكاب الجرائم. وأوضح أن ما يحدث على أرض سيناء هو إفرازات طبيعية للتقاعس منذ عام1973 حتى اليوم عن تنمية سيناء واستثمارها، وتهميش مشايخها وعوائلها فالحل الأمنى أو البشرى لا يحل أو يعالج ظاهرة إجرامية. ونفى الخبير الأمنى أى تقاعس لدى الأجهزة الأمنية أو القوات المسلحة حيث إنهم ليسوا من الجهات أو المؤسسات المسئولة عن وضع المعالجات الإجرامية الجنائية، لأن المعالجات الجنائية تقع على عاتق كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها التعليم، وضرورة معالجة البطالة واحترام الشرعية والقانون. وكشف عبد الحميد عن أن الجرائم الإرهابية تسمى بالجرائم ذات القالب الحر بمعنى أنها غير معلوم سلفا نشاطهم الإجرامي، ونوعية الأسلحة التى سيستخدمونها مستقبلا، والنتائج التى يتسببون فيها، فالإرهابى لا يفرق بين شاب أو شيخ أو عجوز أو طفل أو سيدة فالعبرة عنده بحصد أكبر عدد من الضحايا. السيارات المفخخة واستنكر اللواء فؤاد علام وكيل جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق ارتكاب العمليات الإرهابية بالسيارات المفخخة التى تستهدف الأبرياء فى منطقة سيناء ، وأكد أن الوضع فى سيناء شائك للغاية وخطير جدا ويحتاج إلى معالجات بطرق معينة لتجاوز الأزمة بأقصر الطرق لمواجهة الفكر التكفيرى الجهادى المنظم. وكشف عن أن مواجهة المنظمات الإرهابية تحتاج إلى منظومة متكاملة من العمل يأتى على رأسها تصحيح مفاهيم الأشخاص على أرض سيناء الذين يتخذونها مرتعا لنشر أفكارهم الهدامة، ويسعون من خلال ذلك إلى تكفير الأشخاص مع تبرير أعمالهم بأنها جهاد فى سبيل الله، لذلك فإن مقاومة الإرهاب والعمليات التخريبية فى أرض الفيروز تحتاج إلى الحوار الهادف لتصحيح المفاهيم باعتباره خط الدفاع الأول لمواجهة الإرهابيين باستخدام دعاة على مستوى عال من الخبرة لعقد لقاءات مباشرة معهم مثل ما حدث مع تنظيم الجماعات الإسلامية فى الثمانينيات وسمى بعد ذلك بالمراجعات . وشدد على ضرورة معالجة القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وبالدرجة الأولى الاقتصادية وتحديدا فى وسط وشمال سيناء لغياب أى كيانات خدمية أو مشروعات تنموية للمقيمين هناك مما أدى إلى وجود حالة من الاستقطاب لبعض العناصر من خلال عائلات مشتركة ومهمتهم تجنيد أشخاص للقيام بعمليات داخل سيناء فى ظل وجود عدد كبير من المنتمين للحركة السلفية إلى جانب التنظيمات الجهادية الإرهابية، حيث وجدت مرتعا خصبا فى هذا المكان. وكشف اللواء فؤاد علام عن أن80% من أهالى العريش يستخدمون شريحة الموبايل الإسرائيلية لأنها أرخص وتستقبل اتصالاتهم بجودة عالية، وهذه كارثة كبرى تهدد أرض الفيروز. وطرح الخبير الأمنى رؤية لمواجهة هذه الأزمة وهى أن يقوم رجال القوات المسلحة والشرطة ببناء50 بئرا فى الصحراء ويتم تمليك الأسر السيناوية الأرض المجاورة لها ويتم تعمير المنطقة وإسناد المهمة إلى أبناء سيناء، وبناء مول تجارى ضخم لخدمة أهالى سيناء ويتم عرض جميع منتجاتهم به، وإنشاء مجتمع سياحى كبير فى وسط سيناء. وأكد أن الوقت لن يستغرق شهورا قليلة للنهوض بهذه البقعة الساحرة، وتنميتها بأيد أبنائها.