"أنقذوا قلعتنا قبل أن تموت" صرخة أطلقها مئات العمال بمصنع غزل قنا بعد أن توقفت معظم ماكيناته عن العمل وتم تسريح الآلاف من العمال ذوي الخبرة بالمعاش المبكر وانخفضت انتاجيته بل وتكدس ما تم انتاجه بالمخازن. المصنع تم إنشاؤه عام 1961 في عهد الزعيم جمال عبدالناصر علي مساحة 75 فدانا بمنطقة الشون شرق مدينة قنا التي كانت صحراء جرداء حولها 5 آلاف مهندس وفني وعامل يعملون في 3 ورديات علي مدار الليل والنهار إلي واحة للعمل والانتاج الذي كان يتم تصدير معظمه إلي الخارج مباشرة. قال فتحي سليم رئيس نقابة العاملين بالمصنع إنه مع بداية عام 1961 بدأ الانتاج الفعلي للمصنع وكان يتم تصدير معظم الانتاج إلي روسيا ودول شرق أوروبا اليابان وغيرها وحققت الغزول التي يتم انتاجها بالمصنع شهرة كبيرة حتي جاءت السنوات الأولي من التسعينيات في القرن الماضي حيث بدأت المشكلات تظهر في المصنع لعدم صيانة وتحديث المعدات والماكينات مما أدي لتهالكها بالإضافة إلي ضعف المبيعات داخليا وخارجياً وهو ما أدي لتحول المصنع من الربح إلي الخسائر تلجأ الحكومة إلي الحل الأسهل فبدلاً من تطوير المصنع تقوم بتخفيض عدد العمال ليصبح الآن 542 عاملا فقط بعد أن كانوا أكثر من 5 آلاف عامل في بداية عمل المصنع بالإضافة إلي انخفاض الانتاج من 8 أطنان إلي 3 أطنان بعد انخفاض عدد الماكينات من 112 ماكينة إلي 36 ماكينة حالياً متوقف منها 6 ماكينات وطالبنا وزارة الاستثمار كثيراً بزيادة عدد العمال والإداريين حتي يعمل المصنع بكامل طاقته لكن دون جدوي وأضاف أنه في الفترة الأخيرة يقوم المهندس محمد صابر رئيس الشركة الجديد ببذل مجهودات حقيقية لوضع الشركة علي الطريق الصحيح مجدداً وقال المهندس محمود عبادي مدير قسم الصيانة بالمصنع أن هناك ماكينات حديثة ومتطورة تم تركيبها في المصنع عام 2005 في أقسام البرم والسحب والتدوير وكان لها أثر كبير في الاستغناء عن عدد من العمال حيث يمكن للعامل تشغيل أكثر من ماكينة حديثة بمفرده بينما كان تشغيل الماكينة القديمة يتطلب تواجد 3 عمال وكشف أن المصنع أصبح يعاني من خروج العديد من الخبرات والكفاءات للمعاش المبكر خاصة أن غالبية العاملين الجدد غير مؤهلين ولذلك يقوم قسم التدريب بعمل دورات تدريبية مكثفة قبل تثبيتهم. أضاف عارف جداوي رئيس قسم التجهيزات أن المهندسين والفنيين والعمال في المصنع يبذلون جهوداً خارقة لاستمرار تشغيل الماكينات القديمة في العمل واصلاح الأعطال بخبراتهم رغم عدم توافر قطع غيار لها خاصة أن بعضها يعمل منذ أكثر من 40 عاماً مثل ماكينات الزوي. قال رفعت عطية بسادة محاسب بالمصنع إن المشكلة الأساسية حالياً هي الانتاج المتراكم منذ شهور بعد انخفاض الطلب علي خيوط الغزل السميكة والمتوسطة التي ينتجها المصنع بعد توقف عدة شركات من عملاء المصنع عن العمل بخلاف تهالك السيارات التي تنقل الانتاج من المصنع إلي العملاء مما يفقدنا ميزة توصيل المنتج للعميل وهو ما يتسبب في ارتفاع نسبة الخسائر في المصنع وطالب عصام مرزوق وسيد بازوكا بقسم المراجعة بالمصنع بضرورة ترحيل رصيد الاجازات السنوية حيث صدر قرار من مجلس إدارة المصنع بانتهاء رصيد اجازات الموظفين في نهاية كل عام وهو ما يخالف قوانين العمل السارية في كل الشركات والمصانع والمصالح الحكومية وطالبوا بإعادة صرف حافز الاضافي للعاملين بقسم الصادر التي توقفت دون مبرر رغم قيامهم بالعمل أوقاتا اضافية أثناء تحميل المنتج للعملاء ويتذكر حسن درويش بالمعاش السنوات الأولي لبداية عمل المصنع الذي كان يعج بآلاف العمال وكيف كان يتم نقل الانتاج مباشرة من الأقسام إلي الشاحنات لتصديرها إلي الاتحاد السوفيتي ويقارن بين ما كان عليه العامل حتي الثمانينيات من عز ورخاء ومكافآت وما هو عليه الآن حيث يتسول العاملون للحصول علي حوافزهم واجرهم الاضافي. أكد سيد حامد رئيس الاتحاد المحلي لنقابات عمال المحافظة وأمين عام النقابة العامة للغزل والنسيج سابقا علي أهمية وضرورة أن تقوم الدولة بضخ استثمارات جديدة وتطوير المصانع إدارياً وفنياً وزيادة عدد العمالة الماهرة خاصة بعد خروج الخبرات والكفاءات إلي المعاش أو المعاش المبكر ليستعيد طاقته الانتاجية وتوفير احتياجات السوق المحلية كما طالب بإيقاف استيراد الغزل الذي يهدد بالقضاء علي الصناعة الوطنية وطالب بتشكيل لجنة خاصة أو مجلس أعلي للغزل والنسيج يضم وزراء الصناعة والتجارة والزراعة والاستثمار وهي القضية التي يتبناها عبدالفتاح إبراهيم رئيس النقابة العامة للغزل والنسيج للنهوض بصناعة الغزل والنسيج واقالتها من عثرتها.