في الوقت الذي يحتفل فيه العالم اليوم باليتيم نجد أن الدين الإسلامي حث علي الاعتناء به طوال العام وجعل جزاء من يتكفله ويرعي شئونه مرافقة النبي صلي الله عليه وسلم في الجنة في الوقت الذي توعد فيه من يقهره أو يأكل أمواله بالباطل بنار جهنم يصلي فيها سعيرا. أكد علماء الدين أن الاهتمام باليتيم واجب شرعي وأن كل إنسان مسئول عن اليتامي المحيطين به سواء القريب أو الجار أو ابن القرية وطالبوا بألا يقتصر الاحتفال علي يوم واحد في السنة حتي ينالوا ثوابا عظيما. يقول الدكتور محمود عباس عبد الواحد الأستاذ بكلية اللغة العربية جامعة الأزهر بالمنوفية : لم يعن الإسلام بشيء كما عني بالطفل اليتيم. وأول مظاهر العناية أنه جعل كفالته سبيلا إلي الجنة. فشجع الناس ليهتموا برعايته وجعل من يكفله مصاحبا لرسول الله صلي الله عليه وسلم في الجنة.لأن الطفل اليتيم هو أحق أطفال العالم بالرعاية. لأنه فقد العائل والأحضان الدافئة. فما أحوجه إلي تلك الأحضان الدافئة ترعاه وتحميه من ويلات الحياة ليكون عضوا نافعا يتفاعل مع مجتمعه تفاعلا مستمرا إيجابيا. وهذا هو السر في توجيه الإسلام إلي العناية بالأطفال اليتامي. أضاف أنه إذا كان العالم قد حدد يوما للاحتفال باليتيم. فإن الإسلام جعل الاحتفال به في كل لحظة من ليل أو نهار. ولهذا تراه في بلادنا ومجتمعنا موضع عناية المسئولين والقائمين علي شئون الأمومة والطفولة. بل موضع اهتمام الناس جميعا. وقد حذر الإسلام من الإساءة للطفل اليتيم لقول الله تعالي : فأما اليتيم فلا تقهر .. وقول الرسول صلي الله عليه وسلم : أسوأ البيوت بيت فيه يتيم يساء إليه ؟.. فهو أحري بالعناية وأيضا بالرعاية. يوضح د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر أن ديننا الحنيف يحثنا علي الإحسان إلي اليتيم في كثير من مواضع كتاب الله فيقول سبحانه وتعالي في حق أموالهم في سورة النساء "ولا تأكلوا أموالهم إلي أموالكم إنه كان حوبا كبيرا" ثم يوضح "وابتلوا اليتامي حتي إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشداً فادفعوا إليهم أموالهم".. ويحذر من يعتدي علي أموالهم فيقول تعالي "إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا" .. ليضع بذلك القرآن الكريم قوانين التعامل مع اليتيم وكيفية كفالته والمنهج الذي يجب أن يسير عليه المسلمون عند الإحسان إليه. يري أن رعاية اليتيم هي مسئولية الجميع ولا يجب أن نلقي بالمسئولية علي الدولة وحدها .. فمن كان قريبه أو جاره أو ابن قريته يتيما فهو مسئول أمام الله عن رعاية شئونه والاهتمام به .. لذلك فإن هذه الرعاية لا ينبغي أن تقتصر علي يوم بعينه ولابد أن تستمر علي مدار العام حتي وإن كان الجود بالقليل فقد سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أحب العمل إلي الله فقال أدومه وإن قل .. ويجب علي المسلمين أن يتخذوا من رسول الله صلي الله عليه وسلم قدوة حسنة فقد كان أرحم الناس باليتيم وجعل من يتكفل به رفيقه في الجنة. أكد الشيخ عبد الناصر بليح المتحدث الرسمي باسم نقابة الأئمة والدعاة أن الإسلام أوصانا بحسن التعامل مع اليتيم وحذرنا من قهره أو المساس بأمواله أو إهماله وتوعد من يقوم بذلك بنار جهنم يصلاها سعيرا .. والاعتناء باليتيم لا يجب أن يقتصر علي يتامي المسلمين فقط بل من غير المسلمين أيضا لأن الإسلام دين جاء رحمة للعالمين كافة ولم يقصر رحمته علي المسلمين .. ومما عزز من مكانة اليتيم في الإسلام أن الله سبحانه وتعالي جعل رسوله الكريم يتيما قال جل شأنه "ألم يجدك يتيما فآوي" وتولي سبحانه رعايته فتربي أحسن تربية ونال مكارم الأخلاق. طالب الشيخ بليح المسلمين حول العالم بالاحتفال باليتيم والاعتناء به ورعايته بتوفير طعامه وكسوته وتعليمه وبث مشاعر الحنان والرحمة له والحرص علي إسعاده ومسح دمعته فقد حذرنا نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام من بكائه في الحديث "القدسي إن اليتيم إذا بكي علي الأرض قال الله للملائكة: يا ملائكتي انظروا إلي من غيبت أباه في التراب من أبكاه وعزتي وجلالي من أضحكه لأضحكنه يوم القيامة" مشيرا إلي أن كفالة اليتيم دائما تكون مصدر "خير وبركة ورزق علي من يقوم بها .. كما قال صلي الله عليه وسلم خير بيت في الإسلام فيه يتيم يكرم وشر بيت في الإسلام فيه يتيم يساء إليه" وقال أيضا "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي.