أثار الفيدو الذي انتشر علي مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً والذي يحتوي علي ما فعله مدير دار مكة للأيتام بالهرم من إهانة الأطفال وضربهم العصي واستغلالهم الكثير من الجدل واستياء الرأي العام نظراً لما ارتكبه من جرم لا يرضي عنه دين أو ضمير حي أو مشاعر إنسانية. السؤال هنا.. كيف اعتني الإسلام باليتيم وما هي الحكمة من ذلك وما الحقوق التي وهبها له؟ يقول د. محمد أبوليلة أستاذ اللغات والترجمة بجامعة الأزهر: إن الإسلام وضع المنهج الصحيح للتعامل مع اليتيم قال تعالي: "ويسألونك عن اليتامي قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح".. فقد أمر الله سبحانه المسلمين بأن يقوموا علي شئون اليتامي بما فيه إصلاح لشئونهم ويرفقوا بهم ويعاملونهم باللين في القول والفعل قال سبحانه جل علاه "فأما اليتيم فلا تقهر".. ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث كان يعيش في بيت النبوة عدد من اليتامي كما قال - صلي الله عليه وسلم - "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار إلي إصبعيه. يري د. أبوليلة من يعمل في دار الأيتام في حكم كافل اليتيم لأنه يقوم علي رعايته وتربيته لذلك فإن ثوابه كبير إذا أحسن معاملة الصغار وأدار شئونهم بما يرضي الله ورسوله. أضاف أن الإسلام حث علي الإحسان لليتيم يدل علي ذلك قوله تعالي: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي" فاليتامي معطوفون علي الوالدين والأقارب في ضرورة الإحسان إليهم. أشار إلي أن رعاية اليتيم مسئولية المجتمع كله فكل مسلم مسئول أمام الله عن كل يتيم قريب أو جار له وسوف يسأل عما فعله من واجب في حقه.. وكان أولي بمدير دار الهرم أن يسعي للحصول علي ثواب كافل اليتيم ويحسن معاملتهم بدلا من ضربهم والإساءة إليهم ومواجهة عقاب الله الشديد. واجب شرعاً أكد د. عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر أن مبادئ ديننا الحنيف تدعو إلي الاهتمام باليتيم واعتبر الاعتناء به عناية شديدة واجباً شريعا أصيلا.. كما حث القرآن الكريم علي الحفاظ علي أمواله وإعطائه حقوقه كاملة قال تعالي في سورة النساء و"آتوا اليتامي أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلي أموالكم إنه كان حوبا كبيرا" كذلك توعد من يأكل أموال اليتامي بالباطل بسوء العاقبة قال جل شأنه "إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً".. مشيراً إلي أن الرسول - صلي الله عليه وسلم نشأ يتيما إلا أن ربه تكفل برعايته وعنايته لذلك نشأ علي الخلق العظيم. أضاف أن الله سبحانه وتعالي حدد القواعد التي يجب أن يتبعها المسلمون في معاملتهم مع اليتيم فأمرنا جل شأنه بألا تقهره في قوله "فأما اليتيم فلا تقهر".. وألا نتركه كما مهملا واعتبر من يقوم بذلك كمن يكذب بالدين وذلك في قوله "أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم".. كما حذرنا من المساس بماله. أشار إلي أن علي المسلمين أن يعملوا علي تأهيل اليتيم ليكون عضوا فاعلا في المجتمع الإسلامي بالاهتمام به باستمرار واحتضانه بأخلاق الإسلام وتوصيات الرسول والحرص علي توفير الكسوة والطعام والتعليم والرعاية الصحية وغيرها مما يوفر له حياة كريمة.. قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - "خير البيوت بيت فيه يتيم يكرم.. وشر البيوت بيت فيه يتيم يهان". طالب الأسرة التي تسمح له ظروفها بأن تأوي يتيما يعيش في كنفها ويتربي بين أبنائها أن تفعل ذلك لأنه سوف يكون مصدر سعادة وخير وبركة لها وسببا في قبول الدعاء. المتاجرة بالأيتام أكد د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر أن ما يحدث حاليا في دور رعاية الأيتام هو متاجرة باسمهم حيث إن الرعاية المتخصصة غير متوافرة وأغلب القائمين علي شئون الاطفال لا تتوافر لديهم الإمكانيات التي تؤهل اليتيم بصورة شاملة حيث إن رعاية اليتيم يجب أن تكون علي أكثر من صعيد بالاهتمام به بدنيا ونفسيا وخلقيا إلا أن كثيرا من اليتامي ينشأون وهم يعانون قصوراً في الناحية الخلقية أو النفسية نتيجة معاملة الناس لهم فإما أن يقوموا بتدليلهم رحمة بهم أو معاملتهم معاملة سيئة وفي الحالتين ينشأون علي خلق غير طيب ونفسية غير سوية..أشار إلي أن الإسلام حدد مواصفات محددة يجب أن تتوافر في كافل اليتيم منها أن يكون لديه القدرة المادية والجسدية والعقلية التي تؤهله لرعاية اليتيم علي أكمل وجه ويحافظ عليه وعلي ماله وأن يعامله مثل ابنائه فيمنحه مشاعر الحب والمودة والإحسان قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم "من وضع يده علي رأس يتيم رحمة كتب له بكل شعرة مرت علي يده حسنة".