"أحلام" اسم جميل لكن واقعها لم يكن كذلك فمنذ صغرها وهي تعاني حياة رأت فيها من البؤس والفقر ما لم يره غيرها من النساء.. كانت في صغرها تنظر دائماً إلي البنات في مثل عمرها وهن يحملن قطع الحلوي أو الفاكهة التي لا يقدر والدها العامل الفقير علي شرائها. وفي أيام الأعياد كانت لا تستطيع أن تلبس الملابس الجديدة كغيرها من البنات. والعيدية أيضاً قروش قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع. كبرت أحلام في بيت أبيها الفقير واضطرت إلي الخروج للعمل وهي في الخامسة عشرة من عمرها فقامت ببيع الخضروات في سوق قريتها. وما تحصل عليه من جنيهات قليلة كانت تعطيه لوالدها حتي تخفف عن كاهله معاناته لتوفير نفقات المعيشة لأسرة مكونة من ستة أشخاص. ثلاث سنوات كاملة قضتها أحلام دون تغيير يذكر. تبدأ يومها صباحاً فتحمل أقفاصاً فيها بضاعتها وتجلس في مكانها حتي أذان المغرب تبيع الخضراوات ثم تعود إلي المنزل تحسب حسبتها وتحصي ربحها ثم تقدمه لوالدها لمساعدته في الإنفاق علي أشقائها الصغار. كانت أحلام تتمتع بقدر من الجمال رغم فقرها الواضح وبدأ الخطاب يتقدمون لوالدها لطلب يدها إلا أن والدها رفضهم جميعاً بسبب فقرهم الشديد فقد كان يريد لابنته زوجاً أيسر حالاً منهم ليريحها ولا يشقيها.. لذلك عندما تقدم إليه أحد التجار لطلب "أحلام" وافق أبوها علي الفور التي لم تبلغ العشرين بعد. رغم أن الفتاة كانت تنظر لحمدان تاجر الملابس كوالدها تماماً. تم زفاف "أحلام" إلي "حمدان" وانتقلت من بيت أبيها إلي منزل زوجها وتحسنت أحوالها المالية مع زوجها التاجر المعروف في القرية. بعد عدة أشهر من الزواج ظهرت في حياة أحلام مشكلة كبيرة أرقتها بشدة. فقد مضي علي زواجها ب "حمدان" ستة أشهر كاملة ولم تظهر عليها أي علامات الحمل. زاد قلقها عندما طلب منها حمدان أن تتهيأ للذهاب معه إلي القاهرة بعد أن حجز لها عند طبيب كبير. سألت زوجها عن السبب فقال إنه يريد أن يكون أباً لطفل يرثه ويحمل اسمه من بعده. رضخت أحلام لإرادة زوجها وسافرت معه إلي القاهرة وقامت بعمل بعض التحاليل التي طلبها الطبيب. وفي طريق عودتها مع زوجها لاحظت أنه صامت لا يريد أن يتكلم معها وظل كذلك حتي عادا إلي البيت. ألحت عليه في السؤال فأخبرها أن التحاليل أكدت أنها عاقر لا تنجب وأن العلاج لن يجدي معها نفعاً.. سألته ببراءة بعد أن امتصت الصدمة عما سيفعل فرد عليها "حمدان" بقسوة انه سيتزوج بأخري تنجب له الولد. ثم صدمها بقوله إنه سيطلقها ويعطيها حقوقها كاملة لأنه لن يعيش مع عاقر. بكت "أحلام" وطلبت من زوجها ألا يطلقها حتي ولو تزوج من أخري. وستعيش تحت قدميه وتحفظ جميله معها.. رق قلب "حمدان" لها وقبل بتركها في البيت. ثم تزوج بأخري أنجبت له ابناً بعد عشرة أشهر من الزواج. أهمل "حمدان" زوجته القديمة وتركها تعيش في غرفة في سطوح المنزل وصارت كالخادمة في المنزل. ولكن "ضرتها" سيدة المنزل الحقيقية ضاقت بوجود "أحلام" وأوعزت لزوجها أن يطلقها حتي لا تقتل الطفل.. وهددته إن لم يطقها ويطردها من المنزل ستهجره وتأخذ طفلها معها. علي الفور استدعي "حمدان" زوجته القديمة "أحلام" وطلب منها مغادرة المنزل فوراً وأخبرها أن ورقة الطلاق ستصلها في اليوم التالي. ولم تشفع دموع "أحلام" في استعطاف "حمدان" فتركت المنزل منكسرة تحمل ملابسها وتبكي في حُرقة. بعد الطلاق عادت أحلام إلي مكانها في سوق القرية كبائعة للخضراوات وانقطع أملها في الزواج مرة ثانية بعد أن علمت القرية بأسرها أنها عاقر لا تنجب. وإلي يومنا هذا مازالت أحلام تشعر بالمرارة عندما تستعرض شريط حياتها البائسة.