زارالقاهرة منذ أيام د.محمد يونس. أستاذ الاقتصاد بالجامعات الأمريكية. والبنجلاديشية. والحاصل علي جائزة نوبل كأول شخصية مدنية تحقق نجاحاً من فكرة بسيطة لمجتمعها.. ثم عاد إلي بلاده دون ضجة إعلامية أو لقاءات فضائية. هذا الرجل الذي يسمي في العالم كله ب"نصير الفقراء" لأنه صاحب فكرة "بنك الفقراء" في بنجلاديش. والذي ساهم من خلالها في إنقاذ ملايين الفقراء وتحويلهم من أشخاص ينتظرون "الحسنة" إلي أفراد منتجين من خلال مشروعات فعلية يمتلكونها. ويديرونها بأنفسهم.. ودوره فقط في الإشراف عليهم ومساعدتهم في توزيع منتجاتهم. لكن كيف بدأت. وتمت هذه الفكرة التي أصبحت علامة بارزة في الاقتصاد العالمي؟! الفكرة بدأت كما قال د.يونس في لقاء له بإحدي القنوات الفضائية المصرية الخاصة.. عندما عاد لبلاده "بنجلاديش" بعد استقلالها. حيث كان أستاذاً للاقتصاد بإحدي الجامعات الأمريكية.. وقام يتجول في إحدي القري التابعة للمنطقة التي تقع فيها الجامعة التي يعمل بها في بنجلاديش. حيث وجد سيدة كبيرة في السن تعمل في صناعة أقفاص الخيزران وحالتها يرثي لها من الفقر.. فسألها: كم تكسبين من هذه الصناعة؟!.. قالت له: سنتين فقط. أي ما يوازي جنيهين مصريين.. فدهش الرجل وسألها: كيف تعيشين بهذا المبلغ البسيط؟!.. نظرت إليه ولم ترد!! عاد د.يونس. وسأل السيدة: مَن يشتري منك هذه الأقفاص؟!.. قالت له: إنني أتعامل مع تاجر يحضر لي الخيزران دون مقابل. وبعد تصنيعه يشتريه مني بالسعر الذي يحدده.. وبالتالي لا يتبقي لي سوي هذا المكسب القليل. تركها د.يونس وهو يفكر في مصير هذه السيدة. وأمثالها.. كيف تعيش.. ولماذا هذا الاحتكار من جانب الأغنياء للفقراء؟!.. ثم قام بحصر فقراء هذه القرية. فوجد أن عددهم 42 فقيراً.. فتوجه إلي أحد البنوك لإقراض هؤلاء الفقراء. وبضمان شخصي منه.. إلا أن البنك رفض. وحاول مع بنوك أخري. إلا أنها رفضت أيضاً. بحجة أنها تقرض الأغنياء فقط!! هنا.. سأل نفسه: لماذا لا يتولي هو هذه الفكرة؟!.. وبالفعل قام بإقراض الفقراء في هذه القرية.. وأشرف علي المشروعات الإنتاجية لهم.. وكان يساعدهم في عملية التسويق. دون أي مكسب شخصي لنفسه.. وبالفعل نجحت الفكرة نجاحاً مبهراً. وتوسعت لتشمل فقراء كثيرين في بنجلاديش.. كما تمكن من إنشاء "بنك الفقراء" لكي يضمن هذه المشروعات. ويمولها. وذاع صيت هذا الرجل في العالم كله.. وحصل علي جائزة نوبل كأول شخصية مدنية تحقق نجاحاً منقطع النظير لإنقاذ فقراء بلاده. والسؤال: لماذا لا نستفيد من فكر هذا الرجل الذي يشرف الآن علي أكثر من 40 شركة تعمل لصالح الفقراء في بنجلاديش.. وهي في مجالات مختلفة مثل الاتصالات والطاقة الشمسية والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها؟! وسؤال آخر: لماذا لا تتولي الحكومة المصرية هذه الفكرة وتطورها. بحيث تستفيد من عبقرية هذا الرجل. وتعطيه الفرصة لتنفيذ مثل هذه الفكرة الإنسانية للفقراء الذين يتعدون حدود ال 50% من الشعب. مع تخصيص وزير لإدارة مشروعات الفقراء. ومنحها القروض بدون فائدة. مع المساعدة في التسويق؟! كلمة مهمة: ألا يوجد في مصر شخص واحد يكون نصيراً بحق للفقراء؟!!