حقيقة انتشار الاصابة بالأورام في مصر ولماذا تتراجع نسب الشفاء من المرض لدينا وما هي أكثر الأنواع انتشاراً بين المواطنين والعلاجات الجديدة لمواجهة المرض الشرس وكيف يمكن تطوير البنية العلمية والطريق لتحديث المستشفيات الجامعية؟ هذه التساؤلات والقضايا وغيرها كانت محور النقاش مع د. حسين خالد أستاذ علاج الأورام ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق الذي أكد أن مصر تقع في المنطقة الخضراء في الاصابة بالمرضي وأن سرطان الكبد يحتل المركز الأول بين الرجال ويأتي الثدي في المقدمة بالنسبة للسيدات مؤكداً أنه لا يوجد طفرات في العلاج ولكن المهم تلافي الآثار الجانبية للعلاجات المستحدثة. أوضح أنه لا خوف من استخدام المبيدات في الزراعة بشرط الالتزام بالمعايير والنسب العلمية والبعد عن العشوائية وأن تراجع نسب الشفاء لدينا يعود إلي غياب الاهتمام بالاكتشاف المبكر. أشار إلي أن الوراثة ودلالات الأورام يمكن أن تتنبأ بالإصابة ولكنها ليست الفيصل وأن حرص الشخص علي وجود 7 ألوان في طعامه اليومي يقيه من المرض الخبيث. وصف البنية التحتية العلمية في مصر محدودة للغاية وأن غياب الثقة بين المستثمرين والباحثين يعوق تقدم البحث العلمي التطبيقي. * إلي أين وصلت تجربة استخدام جزئيات الذهب في علاج الأورام السرطانية؟ ** نحن الآن في مرحلة التجربة علي الحيوانات الكبيرة وسبقها خطوات وفقاً للتقاليد العلمية المتعارف عليها حيث تم دراسة تأثير العلاج الجديد علي الخلايا السرطانية في المعمل ثم علي الحيوانات الصغيرة مثل الفئران لنحدد مدي قدرة العلاج الجديد في القضاء علي الخلايا السرطانية ومدي سميه العلاج علي الخلايا السليمة ثم أتت المرحلة الحالية التي نحن مازلنا نجري تجاربنا عليها وهذه المرحلة تسبق الدراسة الاكلينيكية أي بحث التأثير علي الإنسان ونحن في مرحلة الحيوانات الكبيرة نحاول الالتزام بما تنادي به جمعيات الرفق بالحيوان حيث لا نقوم بحقن الحيوانات السليمة بالخلايا السرطانية ولكن نقوم بالبحث عن حيوانات مصابة بالفعل وقد أجري حتي الآن 14 تجربة علي حيوانات كبيرة مصابة بالسرطان وخاصة سرطان الثدي وكانت النتائج مشجعة للغاية والأعراض الجانبية قليلة. التجربة الأمريكية * لكن ألا تتفق معنا في أي نتائج العلاج بهذه الطريقة تسير ببطء شديد؟ ** يجب أن نتفق أولاً أنه لا يوجد طفرات في علاج الأورام فلن نصحو يوماً لنجد علاجات تستأصل السرطان من جسم الإنسان من خلال تناول قرص دواء أو حقنة فالمرض خطير والعلاج واكتشاف طرق حديثة تتطلب وقتاً وهنا يحضرني تجربة الولاياتالمتحدةالأمريكية في هذا الصدد ففي عام 72 أعلن الرئيس الأسبق جون كيندي عن ضرورة وجود مشروع قومي يهتم بعلاج الأورام وكانت نسب الشفاء تصل إلي 51% في المتوسط ومن ذلك الوقت تم توجيه الكثير من الاهتمام إلي هذا المجال ورغم الاهتمام الشديد والتقدم العلمي الكبير ارتفعت نسبة الشفاء إلي ما يقرب من 66% في خلال 45 عاماً من العمل المتواصل فكل ما يهمنا في أي طريقة علاج جديدة بجانب استجابة المريض للعلاج من عدمه هو الاطمئنان علي أن العلاج ليس له اعراض جانبية خطيرة علي باقي أعضاء الجسم السليمة والخالية من المرض وأن السميه الناتجة عنه في المعدلات المتعارف عليها عالمياً. * وهل تري أن معاملنا ومراكزنا البحثية مؤهلة للتعامل مع هذه الطريقة في العلاج؟ ** بصفة عامة نحن نعاني من ضعف البنية التحتية العلمية والامكانيات فيها محدودة للغاية ولكن الحمد لله هذه الطريقة في العلاج بالصدفة لا تحتاج إلي تقنيات عالية بل فقط إلي جهاز ليزر عادي وكمية قليلة من الذهب كما قال د. مصطفي السيد صاحب الاختراع الذي أكد أن ما يوازي دبلة واحدة يكفي لعلاج عشرات الحالات وأن كنت اتمني أن نسارع بتنمية البحث العلمي وبنيته التحتية خاصة أن الدستور نص علي زيادة نسب الانفاق في الموازنة العامة للدولة فيما يتعلق بالبحث العلمي أو التعليم أو الصحة وهي فرصة كبيرة يجب أن نستغلها ونسارع بمواكبة التقدم العلمي الذي نراه من حولنا في كل دول العالم حتي النامي منها لأن هذا يؤدي في النهاية إلي تحسين مستوي حياة المواطن التي هي الهدف والغاية لكل تنمية. * وما هو الفرق بين العلاج بالطرق الحديثة والطرق التقليدية من حيث الآثار الجانبية؟ ** لكل طريقة من طرق العلاج سلبيات وفوائد وآثار جانبية فالجراحة مثلاً لها فوائد وآثار جانبية وكذلك العلاج الاشعاعي والعلاج بالعقاقير سواء كيميائي أو موجه أو بيولوجي والمهم في أي طريقة جديدة للعلاج ألا يكون لها آثار جانبية خطيرة بل في أقل معدل ممكن والفيصل في ذلك التجارب التي تجري علي الحيوانات أو البشر من المتطوعين. معاناة طويلة * وهل نمتلك في مصر احصائيات حول اعداد المصابين بالأورام؟ * عانينا لسنوات طويلة من عدم وجود احصائيات أو بيانات أو حتي معلومات مبدئية عن المصابين بالأورام إلي أن تم انشاء السجل القومي للأورام في عام 2008 من خلال اتفاقية تعاون بين وزارات الصحة والتعليم العالي والاتصالات ومن خلالها استطعنا أن نعرف أنه يوجد لدينا 113 حالة اصابة جديدة بالسرطان في كل عام لكل 100 ألف نسمة من الأنواع المختلفة للأورام ونجد أن أعلي نسبة اصابة نفي الرجال تأتي في سرطان الكبد ب 39 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة سنوياً ثم يأتي في المرتبة الثانية سرطان المثانة البولية وأن كانت نسبة الاصابة بها تتراجع وهذا شيء مبشر ويرجع ذلك إلي وجود علاج لمرض البلهارسيا المسبب الأول لها.. وبالنسبة للسيدات يأتي سرطان الثدي في المقدمة ب 35 حالة جديدة لكل 100 ألف سيدة سنوياً ثم سرطان الكبد ب 15 حالة لكل 100 ألف نسمة ويشترك الرجال والسيدات في الاصابة بسرطان الغدد الليمفاوية ب 10 حالات جديدة لكل 100 ألف نسمة سنوياً. * وما حقيقة ما يقال من أن الوراثة تلعب دوراً في الاصابة بالأورام؟ ** لا نستطيع أن نغفل أن هناك أنواعاً من السرطانات تلعب الوراثة دوراً في الاصابة بها وتشير الدراسات إلي أن أكثر هذه الأنواع شيوعاً هي سرطانات الجهاز التناسلي والثدي والقولون لكن هذا لا يعني أن كل وراثة تصاب بالسرطان أو العكس فهناك عوامل أخري تؤدي للاصابة مثل الجينات الموجودة في جسم الإنسان والعوامل الخارجية من تلوث وتوتر ولكن يبقي أننا حتي الآن لا نستطيع أن نجزم بامكانية اصابة الشخص بالسرطان من عدمه في المستقبل. تدهور الحالات * وما هي معدلات الشفاء من الأورام في مصر؟ ** النسب تختلف من دولة إلي أخري فمثلاً في دولة مثل أمريكا متوسط نسبة الشفاء من المرض 66% وفي المراحل المبكرة للعلاج قد يصل إلي أكثر من 90% بينما في المراحل المتأخر للاصابة قد تنعدم نسبة الشفاء أو تصل إلي 5% في أحسن الأحوال أما في مصر فنسبة الشفاء تتراوح من 50 إلي 55% وتدني هذه النسبة مقارنة بالعديد من الدول يأتي إلي أن معظم حالات الاصابة تكتشف في مرحلة مبكرة ولا يتم الذهاب للطبيب إلا بعد تدهور الحالة ومن هنا يجب الحرص علي الاكتشاف المبكر للمرض لأن ذلك يساعد بنسبة كبيرة علي ارتفاع معدل الشفاء. * وما هو تصنيف مصر علي مستوي العالم فيما يتعلق بالاصابة بالأورام؟ ** مصر تقع فيما يسمي بمنطقة الحزام الأخضر حيث يوجد لدينا 113 حالة اصابة لكل 100 ألف نسمة وهي منطقة مطمئنة إذا ما تم مقارنتها بدول أخري مثل أمريكا مثلاً التي تتراوح فيها الاصابة بالمرض من 400 إلي 500 حالة لكل 100 ألف وربما يعود ذلك إلي مستوي الرفاهية التي يعيشها المواطن هنا ونوعية الطعام التي تعتمد علي الوجبات السريعة ولكن هذه النسب ليست نهائية ويمكن أن تشهد تغيراً خاصة أن منظمة الصحة العالمية توقعت وفقاً لدراستها أن يزداد معدل الاصابة في الدول النامية ويقل في الدول المتقدمة علي عكس ما هو حادث الآن. زيادة الكفاءة * وهل مراكز العلاج الموجودة في مصر كافية لمواجهة المرض؟ ** بالتأكيد نحن في حاجة مستمرة لزيادة الاعداد لتوفير العلاج للمواطن الذي يجب أن يبدأ برفع كفاءة المراكز الحالية والعمل علي تطويرها بأقصي سرعة وكذلك دراسة الأماكن التي لا تتوافر بها مراكز وتوفيرها هناك لأن بعد أماكن العلاج عن المواطن يكبده عبء نفسي ومادي كبير يزيد من آلامه الناتجة عن الاصابة بالمرض ويتبقي الشيء الأهم والذي يسبق حتي التوسع في اقامة المراكز وهو تنمية القدرات البشرية للقائمين علي العلاج مثل الأطباء والأطقم المساعدة من فنيين وتمريض فبدون وجود هذه الكوادر القادرة علي إدارة هذه المراكز لا فائدة من التوسع في اقامتها. * وما هي العوامل أو المسببات التي يمكن أن تؤدي إلي زيادة نسبة الاصابة بالمرض؟ ** هناك عوامل عديدة مثل الجانب الوراثي والتلوث بكل أنواعه سواء تلوث الطعام أو الهواء أو المياه والتدخين بكل أشكاله مثل الشيشة التي يعتقد البعض خطأ أنها أقل ضرراً وبعض الأمراض مثل البلهارسيا وبعض أنواع البكتريا والفيروسات ونمط الحياة إذا تم الاعتماد علي عادات غذائية سيئة مثل الوجبات الجاهزة السريعة التي أصبحت سمة حياة الكثيرين وعدم ممارسة الرياضة البدنية والاعتماد بصورة مبالغ فيها علي التكنولوجيا الحديثة ولتلاقي الاصابة بالأورام الخبيثة من المهم جداً التوازن في الطعام بحيث يحتوي طعام الإنسان يومياً من 5 إلي 7 ألوان حتي يحدث التوازن المطلوب وممارسة الرياضة والاعتدال في كل شيء سواء في النوم أو النشاط. وقفة حازمة * وما حقيقة ما يقال من زيادة نسب الاصابة في مصر بسبب انتشار استخدام المبيدات؟ ** لا شك أن هذا العامل له دور في الاصابة ولكن ليس مطلوب في نفس الوقت المبالغة والتهويل لأن هذا لايعطينا صورة حقيقية عن الواقع الذي يؤكد أننا لا نستطيع أن لا تعتمد علي المبيدات في الزراعة ولكن الخطورة تنتج من عدم الالتزام بالنسب المصرح بها عالمياً والتسيب والعشوائية في الاستخدام وغش العديد من الأصناف فهذا لا يؤدي فقط للاصابة بالسرطان ولكن بكل أنواع الأمراض وهو ما يتطلب وقفة حازمة من المسئولين علي هذا المجال. * وهل تحليل دلالات الأورام يمكن أن ينبأ عن اصابة الشخص من عدمه بالمرض مستقبلاً؟ ** العلم يتقدم في كل يوم فهناك ما يعرف بالبيولوجيا الجزئية والثورة التي حدثت في مجال دراسة الجينات والجنيوم البشري والدلالات بمفردها لا تستطيع التنبؤ بذلك فالأهم هو المتابعة الدورية للحالة الصحية مع أي اشتباه أو اعراض غير عادية يشك الإنسان فيها ففي هذه الحالة عليه الذهاب للطبيب فوراً لأن الاكتشاف المبكر للمرضي يساعد علي الشفاء بنسبة كبيرة للغاية علي عكس الوصول إلي مراحل متقدمة من المرض حيث يمكن أن تنعدم في هذه الحالة نسبة الشفاء. البداية الصحيحة * باعتباركم أحد وزراء التعليم العالي سابقاً كيف يمكن تطوير منظومة العلاج في مصر؟ ** التطوير لن يحدث بين يوم وليلة ولكنه يحتاج إلي جهد متواصل من وزارة عديدة مثل البحث العلمي والتعليم العالي والصحة ونقطة البداية الصحيحة هي دراسة الوضع الحالي وتحديد نقاط الضعف والقوة خاصة وأن الصحة تمس حياة كل الناس حتي الأصحاء منهم لأنهم يمكن أن يتحولوا إلي مرضي مستقبلاً كما يجب زيادة الميزانية المخصصة للصحة خاصة وأن الدستور الحالي أكد علي ذلك من خلال تخصيص 1% منم الدخل القومي للبحث العلمي و2% للتعليم العالي و3% للصحة و4% للتعليم ما قبل الجامعي لأنه بدون توفير الدعم المالي المطلوب لن نستطيع الوصول إلي الهدف. .. أيضاً يجب أن نضمن تفرغ العاملين في المجال الطبي وعدم اللجوء للعمل في أكثر من مكان لأن هذا يشتت جهده وفكره ولن يتحقق ذلك إلا من خلال أجور مرتفعة وعادلة وأيضاً لابد من التوزيع العادل للأطباء حيث يوجد مستشفيات تعاني من التكدس وأخري تعاني من الندرة وقبل ذلك قوانين عصرية تعظم من مبدأ الثواب والعقاب خاصة وأن هناك العديد من المستشفيات الخاصة التي تم بيعها لأجانب ولأحداث التوازن المطلوب يجب الاهتمام بالمنظومة الصحية الرسمية. * وكيف تري الطريق لتطوير البحث العلمي في امصر؟ ** هذا الأمر مرتبط بثلاث خطوات رئيسية وهي التفرغ للباحثين وتوفير الميزانيات ووجود تشريعات وقوانين تنظم العمل وانهاء الفجوة بين رجال الأعمال والصناعة والعلماء وأساتذة الجامعات فالفريق الأول يلجأ إلي بيوت الخبرة الأجنبية ولا يثقون في المراكز المصرية والفريق الثاني يعتقد أن رجال الأعمال هدفهم الأول الربح والمال كذلك يجب التواصل مع المبعوثين في الخارج لأن لديهم أمل وسقف الطموح لديهم عالي ولكن للأسف عند عودتهم يصطدمون بعدم وجود الامكانيات والبنية التحتية اللازمة للبحث العلمي مما يصيبهم بالإحباط. * أخيراً ما هي رؤيتكم لتطوير المستشفيات الجامعية حفاظاً علي التعليم الطبي وضمان تقديم خدمة جيدةس للمواطن؟ ** لا نستطيع أن ننكر أن هذه المستشفيات محل اهتمام من الدولة وهذا شيء جيد خاصة وأن هذه المستشفيات لعبت دوراً كبيراً في التدريب والتعليم والعلاج ونقطة البداية للإصلاح تعديل قانون المستشفيات الجامعية الذي مر عليه 50 عاماً وحالياً تقوم لجنة القطاع الطبي بالمجلس الأعلي للجامعات بهذه المهمة كذلك مطلوب وجود ربط بين المستشفيات الجامعية ووزارة الصحة فأعداد الدراسين للطب تزداد كل يوم واعداد المستشفيات الجامعية نقليلة لن تسمح بالتدريب الجيد ومن هنا يجب أن تستوعبهم المستشفيات الحكومية وتطوير الدرجات العلمية للطلاب سواء قبل البكالوريوس أو أثناء دراسة الماجستير والدكتوراة ووجود نظام صارم يضمن التقييم المستمر للأطباء وتوفير التخصصات التي تعاني هذه المستشفيات من وجود نقص بها.