هذه المنطقة العربية تمتد في مساحة 14 مليون كيلو متر مربع يحيا فوقها أكثر من 330 مليون إنسان غالبيتهم الساحقة ما بين الخامسة عشرة والخامسة والثلاثين وذات طبيعة آمنة نسبياً "هل أذكرك بفواجع الطبيعة في مناطق العالم الأخري؟" ومناخ معتدل في المثير من اقطاره. وموارد زراعية هائلة وأيدي عاملة ماهرة رخيصة وان احتاجت إلي إعادة توزيع واحتياطات نفطية تبلغ 60% من احتياطات النفط العالمي واحتياطات غاز تمثل 30% من احتياطيات الغاز في العالم واحتياطيات نقدية مودعة للأسف في المصارف الأجنبية تبلغ ارقاماً يصعب عدها لأنها تزيد بصورة مضطردة خاصة في ضوء تنامي الخط البياني لأسعار النفط. اللافت أننا نتصرف احياناً مثل جانوس Janus إله الأبواب والممرات في الاساطير الإغريقية فهو يسير في اتجاهين متعارضين بمعني أنه ينظر إلي الماضي والمستقبل في وقت واحد والمعني جيد في ظاهره لكن نظرتنا التي تصل بين الماضي والحاضر يغلب عليها الارتباك والتحير وعدم الفهم نحن نطمئن تماماً إلي التراث والموروث نجد فيهما الخلاص وتأكيد الهوية.. وفي المقابل فإننا نتطلع إلي المستقبل في صورته الغربية المطلقة دون اعتبار لقيمنا وهويتنا. ثمة مقولة إنه عندما استيقظ الغرب في بعثه الصناعي استغرق العرب في نوم أهل الكهف.. والحق ان التضاد المزعوم بين التراث والعلم يدحضه سعي دول العالم الثالث لإبداع التقدم العلمي والصناعي وانتزاعه من مخاضها الذاتي بحيث تنتسب بنوته إليها بصورة صحيحة.. ان اعتبار العلم الحديث حتمية في موازاة اعتبار الحضارة والتراث القومي سلفية ينبغي اهمالها هذين الاعتبارين يقابلهما في وجهات نظر أخري اعتبار التراث والحضارة حتمية متواصلة ومسخرة فهي ترفض التجديد والتطور والسعي للحاق بالعصر وكل هذه الاعتبارات في تقديري خطأ لأن الإسراف في تبني وجهة نظر ما ربما يأتي بنقيض النتيجة المرجوة. لا يختلف المؤرخون في أن مصر واقطار الوطن العربي بالتالي عاشت دائماً وغالباً في خطر ويكاد الخطر الخارجي يتناسب طردياً مع خطورة الموقع وأهميته وغناه ومع الاثنين يتناسب الثمن طردياً ايضاً ولعل أهم آراء المصري النبيل جمال حمدان وأخطرها أنه مادامت إسرائيل موجودة فلابد ان نفترض ان مكانة مصر وقيمتها قد هوت في الحضيض ومن يتحدي والكلام لحمدان فإن عليه عبء الاثبات!! إن ما تهدف إليه إسرائيل هو ان تصبح قطباً بينما تتحول الدول العربية إلي اجرام تدور في فلكها. الرؤية المستقبلية أساساً هي الفارق بين الفعل العربي والفعل الصهيوني وهي رؤي موجودة بالنسبة لإسرائيل من قبل ان تنشأ الدولة الصهيونية بعشرات الأعوام. انتزعت العديد من الوعود واشترت الأراضي واستولت علي الاعلام العالمي ونقلت احدث معطيات التكنولوجيا الغربية. المقابل لما تملكه إسرائيل من اسلحة استراتيجية وتكتيكية وتقدم علمي وتكنولوجي واقتصاد قوي بصرف النظر عن الممول هو تعافي الجسد العربي. هذا هو الهدف الذي لابد أن يتحقق في ربيع الثورات العربية.