يعتبر الفيس بوك أحد أهم وأشهر شبكات التواصل الاجتماعي وطبقاً للاحصائيات وصل عدد مستخدميه إلي 800 مليون شخص علي مستوي العالم ويقدر عدد المستخدمين في العالم العربي بنحو 32 مليون شخص لم يعد الفيس بوك قاصراً علي التواصل بين الأصدقاء وتبادل المناقشات الاجتماعية بل وصل إلي استخدامه سياسيا حيث لعب دوراً كبيراً وأساسياً في ثورة 25 يناير 2011 ومن خلاله انطلقت شرارة الثورة وانطلقت منه صفحات تدعو إلي الثورة مثل "كلنا خالد سعيد" و"حركة كفاية" و"شباب من أجل الحرية والعدالة" و"الجمعية الوطنية للتغيير" وغيرها والتي دعت إلي التظاهر السلمي احتجاجاً علي تردي الأوضاع في مصر وانتشرت هذه الدعاوي بين الشباب ضد الفقر والفساد والغلاء والبطالة والتعذيب. عبر الفيس بوك ارتفع الحس الوطني وتبادل الشباب الحوارات والأحاديث حول حال البلاد والدعوة للقيام بثورة ومن أبرز التعليقات والأفكار التي طرحها الشباب فيما بينهم : "رغم أني موظف ميسور الحال وعندي شركة كبيرة ولدي 3 أولاد بس مستعد أضحي بنفسي في سبيل مصر علشان الأجيال الجاية" وقال آخر : أنا مصري خارج البلاد ممكن تقولوا أساعد ازاي أو أساهم معاكم في أي شيء" وردد ثالث : "منصورة يا مصر" ومنهم من أكد أن المجيء للمشاركة في الثورة وآخر رد "أنا برة مصر هحاول أنظم اعتصام أمام السفارة المصرية هنا" وقال آخر "نريد أن نعرف ميعاد ومكان التحرك غداً 25 يناير لو سمحتم ناس كتير عايزين ينزلوا" "ويالا يا رجالة نبني مصر" في اليوم التالي "الأربعاء 26 يناير" ومع استمرار التظاهرات هاجم الشباب من خلال الفيس بوك محاولات الداخلية لفض المظاهرات في 27 و 28 يناير تم قطع وسائل الاتصالات علي الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي لمنع التظاهر وتقرر حظر التجول ولم يستمر هذا الانقطاع كثيراً نظراً لما تكبدته شركات الاتصالات من خسائر وفي يوم 29 يناير أعلن مبارك إقالة الحكومة وتعيين عمر سليمان نائباً له وأحمد شفيق رئيساً للوزراء وفي هذه الأثناء ظهرت أعمال البلطجة في كافة أشكالها بالسلب والنهب وانتشار الفوضي والانفلات الأمني فدعا الشباب من خلال الفيس بوك إلي حملة بعنوان "احمي بيتك الكبير" حتي عودة الأمن. وفي 30 يناير استمرت التظاهرات والدعوة إلي اضراب عام تحت اسم احتجاجات مليونية وفي 31 يناير زاد عدد المتظاهرين بشكل غير مسبوق لمليونية المطالبة بتنحي مبارك وفي يوم 2 فبراير اقتحم مؤيد مبارك لميدان التحرير واندلعت اشتباكات عنيفة والتي حملت اسم "موقعة الجمل" التي أثارت غضب الشباب وزادتهم اصرارا علي المطالبة باسقاط النظام وكانت أهم التعليقات في هذا الوقت "مشل هنسلم منش هنطاطي احنا كرهنا الصوت الواطي" وأيضاً "إيد في إيد هنجيب حق اخونا الشهيد" واسموها بجمعة الرحيل. في 11 فبراير أعلن عمر سليمان عن تنحي مبارك عن السلطة فانتابت ميادين الجمهورية ومواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة اهتز لها العالم كله واعترف بقدرات الشعب المصري وخاصة الشباب وقدرته علي التغيير وعندما تولي الاخوان السلطة بقيادة محمد مرسي لم يستمر في إدارة شئون البلاد أكثر من عام وأربعة أشهر نظراً للاخطاء الفادحة التي حدثت خلال فترة توليهم الحكم حتي استطاعت حركة تمرد وكذلك الدعوة علي الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي من الاطاحة بحكم الاخوان في ثورة 30 يونيه وكانت الشعارات والهتافات التي رفعها الشباب في الشارع في ذلك الوقت هي نفسها التي يتداولونها من خلال الفيس بوك وكان من بينها "يسقط يسقط حكم المرشد" تغيرت اتجاهات الشباب أم أن الشعور بالفراغ وعدم الثقة في المستقبل جعلهم يلجأون إلي الفيس بوك ومواقع التواصل الأخري لملء هذا الفراغ. بعد أن كان الحماس والوطنية بين الشباب هي اللغة السائدة علي موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" انقلب الحال وأصبحت المحادثات بين الشباب بلا هدف أو قضية بل أصبحت تتضمن ألفاظاً وعبارات متدنية ونشر مشاهد إباحية خادشة للحياء البعض يراها حرية للابداع والرأي والبعض يري أن مثل هذه المواقع أزالت سقف الرقابة الاجتماعية والأخلاقية ويهدد قيم المجتمع بل وتطرق الأمر إلي خلق لغة جديدة بين الشباب تلقي بظلال سلبية علي ثقافة وسلوك الشباب بشكل عام. من أشهر المصطلحات التي يتداولها الشباب الآن فيما بينهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي "خنيق" "فكك" "انطر" "احلق" "أساسي يا ريس" "أيون" "وصباح الفصلان" وقد حذرت دراسة أعدها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية من ظهور لغة موازية للشباب لأن ذلك يعكس تمرد اجتماعي وعدم تفاعلهم مع الكبار. بعض الشباب ينشرون "بوستات" في غاية التفاهة ومع الأسف تلقي إعجابا كبيراً وتنطلق اعداد مهولة من التعليقات فمثلا هناك من ينشر صورة مكتوب عليها "اديك في السقف تمحر" فتنال اعجاب الشباب علي هذا النحو "جامدة" "ومذهلة" وأيضاً من ينشر بوست "اكتب سنك بالمقلوب خلينا نشوف مين أكبر سن" وأيضاً تنهال المشاركات والتعليقات "يابن اللعيبة" "أنا بردك نسيت" لذلك نقف حائرين هل مواقع التواصل والأشهر الفيس بوك هي السبب في هذا التحول أم أن هؤلاء هم الشباب أنفسهم الذين صنعوا الثورة أم أشخاص غيرهم.