رغم تعرض الصحيفة الفرنسية شارلي إبدو لهجوم إرهابي برره مرتكبوه بنشرها لصور كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلي الله عليه وسلم وأنهم انتصروا من خلال هذا الهجوم للرسول والإسلام إلا أنها أصرت علي تكرار نشر صور جديدة للرسول الكريم في عددها الأول الذي صدر بعد الحادث بأسبوع وتعهدت بنشر المزيد من تلك الرسوم علي مدار العام.. كما تبنت العديد من المجلات والصحف في الغرب وأمريكا نشر صور مسيئة مماثلة نكاية في المسلمين. وصف علماء الدين هذا التصرف بالاستفزازي وجرح لمشاعر أكثر من مليار ونصف المليار مسلم يرفضون تصوير نبيهم والإساءة إليه وأن ينسب إليه أقوال وأفعال لم يقم بها. السؤال الذي يفرض نفسه.. هل ما تقوم به هذه الصحيفة وغيرها يدخل في باب حرية التعبير وما هي حدود هذه الحرية.. وهل ما قام به مرتكبو الهجوم علي مقر صحيفة شارلي إبدو وغيرها يسعد الرسول ويرضيه.. وما هو واجب المسلمين تجاه هذه التصرفات الاستفزازية؟. كان الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف قد حذر في تصريحات سابقة من اتخاذ الحوادث الإرهابية التي تقع ومنها حادث الاعتداء علي المجلة الفرنسية. للإساءة إلي الدول الإسلامية أو الاعتداء عليها مما قد يؤدي إلي نشوب حالة من عدم الاستقرار في العالم علي غرار ما يحدث حاليا في العراق وليبيا وأكد علي تعزيز التعاون الدولي لمواجهة الإرهاب. مشيرًا إلي دور الحكماء في هذا الصدد وأهمية عدم التعامل بانتقائية مع ظاهرة الإرهاب التي تجتاح العالم.. فالهجمة الإرهابية علي المجلة الفرنسية حولتها من جان إلي ضحية وحولت المسلمين من ضحية لهذه المجلة بعد نشرها للرسوم المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم إلي جاني أمام العالم كله وأكد أن المؤسسات الدينية مقصرة في حق الإسلام وأبدي استعداده لنشر ثقافة التسامح في العالم كله عن طريق إرسال بعض علماء الأوقاف إلي باريس أو أي دولة أوروبية لنشر فكرة الإسلام الصحيح. أضاف د. جمعة أننا نخشي أن يخلط اليمين المتطرف بين موقف الإسلام والإرهاب وأكد للسفير الفرنسي بالقاهرة أن "الإرهاب لا دين له ولا وطن وأن الوطن العربي يحترق بنار الإرهاب". أكد د. أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء أن إعادة نشر الصور المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم ستؤجج من جديد مشاعر الغضب وتثير دعاوي العنف وترسخ لثقافة العنصرية التي تقوض جهود التعايش السلمي بين الشعوب وتحول دون اندماج المسلمين في المجتمعات الغربية.. وطالب المجتمع الدولي مجددا بسن قانون يجرم الإساءة لنبي الرحمة صلي الله عليه وسلم حيث كان قد توجه من قبل بهذه المطالبة عندما نشرت الدنمارك صورا مسيئة لكي يقف كل آثم عند حده. وحول ما يجب أن يحتوي عليه هذا القانون قال د. هاشم إنه يجب أن يجرم أي إساءة أو ازدراء لسائر الأنبياء والرسل وليس للنبي محمد صلي الله عليه وسلم فقط وللمقدسات في جميع الأديان وأن يدعو الدول للتنسيق فيما بينها لتجفيف منابع الإرهاب والسيطرة علي فكر المنظمات المتشددة عن طريق عدم استفزاز مشاعرهم وإثارة غضبهم لأننا في الوقت الذي نرفض فيه إزهاق الأرواح وارتكاب الجرائم باسم الإسلام فإننا كذلك نرفض الإساءة للنبي والتعرض له والتي لن تخدم أحدا علي الإطلاق. طالب د. هاشم المسلمين بالتروي ومعالجة الأمور بعيدا عن العنف والإرهاب والاحتجاج بصورة سلمية وقانونية كما طالب فرنسا بمنع هذه الصحيفة وغيرها من نشر أي صور من شأنها خدمة الإرهابيين الذين لا يمثلون الإسلام وزيادة الكراهية في المجتمع. قال د. إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية إن قيام مجلة شارلي إبدو بإصدار عدد جديد مسيء للنبي صلي الله عليه وسلم يعد استفزازا غير مبرر لمشاعر المسلمين حول العالم الذين يكنون لنبيهم وعقيدتهم الاحترام والحب.. مؤكدا أن مثل هذه التصرفات تتسبب في نشر الكراهية والتمييز في المجتمعات الغربية ولا تخدم التعايش بين المسلمين والمواطنين في تلك المجتمعات بدليل تعرض الجالية المسلمة والمساجد لأعمال عنف واعتداءات مختلفة.. كما أنها تعتبر عملا مناهضا للقيم الإنسانية والحريات والتنوع الثقافي والتسامح التي يتشدق بها الغرب.. وطالب برفض كل عمل يثير الفتن الدينية ويؤجج الصراع بين أتباع الحضارات والديانات. أكد د. نجم أن الإرهابيين أصبحوا عبئا علي الغالبية العظمي من المسلمين ويضيعون في يوم واحد ما نحاول پفي سنوات كثيرة بذله من جهود حثيثة لتصحيح صورة الإسلام للعالم موضحاً أن جرائمهم تجعلنا أمام تحد متزايد لإزالة الصور النمطية المشوهة التي تربط الإسلام بالإرهاب. أشار إلي أنه تم التواصل مع الهيئة التحريرية لصحيفة اللوموند الفرنسية لنشر مقال يتم من خلاله شرح التصور الإسلامي عن الأنبياء جميعاً باعتبارهم رسل سلام وخير للبشرية جمعاء وأنهم قابلو الإساءة بالإحسان وأقاموا أسساً أخلاقية ساهمت في بناء الحضارة الإنسانيةپ.. وأنه سيشرح من خلاله حدود حرية التعبير وتأكيد الإسلام عليها مع الدعوة إلي احترام الخصوصيات الدينية لأتباع الديانات المختلفة.. كما سيوجه دعوة للحوار الفكري المفتوح پبين العالمين الغربي والإسلامي يتم التركيز فيه علي القضايا ذات الاهتمام المشترك ومنها التوحد حول محاربة الإرهاب الذي لا يعرف دينا ولا وطنا.پ طالب د. نجم المسلمين حول العالم بعدم الاستجابة للدعوات الاستفزازية التي يطلقها البعض مؤكداً علي أهمية تفويت الفرصة علي المتعصبين من الجانبين من ردود الأفعال التي قد تؤدي إلي نشر الكراهية. هاني ضوَّه نائب المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية أكد أن الإسلام في أزمة صنعها أناس ينتسبون إليه إلا أنهم بعيدون عما يدعو إليه من تعايش وحب وسلام ويتجاهلون مقاصده العليا في حفظ الأنفس وعمارة الأرض.. مشيرا إلي أن تاريخ المجلة الأسود في بث كراهيتها للدين الإسلامي عبر رسوماتها المسيئة لا يعطينا الحق في سفك الدماء وإرهاب الناس.. فمثل هذه الأعمال الإرهابية لا ترضي رسول الله صلي الله عليه وسلم وتسعده بدليل أنه عليه الصلاة والسلام تعرض للأذي والهجوم بأقذع الألفاظ وخذله قومه في قريش وأخرجوه من دياره وألبوا عليه العرب وبالرغم من ذلك عند فتح مكة لم ينتقم منهم رغم أنه تغلب عليهم وأصبح قادرًا عليهم بل عفا عنهم جميعا وقال "اذهبوا فأنتم الطلقاء" وكان من بينهم وحشي بن حرب الذي قتل عمه سيد الشهداء حمزة وهند بنت عتبة التي أكلت كبده وهبار بن الأسود الذي اعتدي علي أم المؤمنين زينب بنت جحش وكانت حاملًا فأسقطت جنينها وماتت وغيرهم الكثير.