نميل في الصعيد إلي تفخيم نهر النيل فنطلق عليه مسمي "البحر".. حيث تسكن الحياة الشريط الضيق تاركة صحاري علي الجانبين ما زالت تمثل 95% من المساحة الكلية للجمهورية. الصعيد يفتقر إلي طرق عرضية.. نعم الطرق تمر بمحازاة النهر.. منذ جري إنشاء خطوط السكك الحديدية علي الجانب الغربي وإلي جوارها الطريق "الحربي" الذي أصبح اسمه الزراعي فيما بعد.. بينما بقي "شرق البحر" بعيدًا عن خطوط المواصلات والاتصالات حتي سنوات قريبة تركت فجوة هائلة في مستوي المعيشة والعمران بين الجانبين. ساعد علي تكريس هذا الوضع واستمراره حتي الآن أن شخصاً مجهولاً في مكان ما داخل أروقة الحكومة قرر عدم تنفيذ كوبري علي النيل إلا إذا كان يبعد عن مثيله مسافة 30 كيلو مترًا علي الأقل.. في أسيوط اقيمت القناطر وبعدما اصابتها الشيخوخة بعد 120 عاماً تقرر إقامة كوبري علي بعد كيلو مترين منها.. ثم تقرر تشييد قناطر حديثة في موقع يبعد عن القديمة 300 متر فقط.. بينما باقي المحافظة الممتدة بطول 126 كيلو مترًا شمالاً وجنوباً لا يوجد بها كوبري واحد يعبر النهر حتي أن مناطق بين مركزي ابنوب وديروط يقطعها المهربون 8 كيلو مترات عبر المدقات الجبلية بينما تقطعها سيارات الشرطة 120 كيلو مترات من خلال المعابر الوحيدة القاصرة علي مدينة أسيوط. في السبعينيات رغب جمال العطيفي وزير الثقافة وقتها في الترشح للبرلمان في مسقط رأسه بأبوتيج فوعد الناس بتحقيق حلمهم بإقامة كوبري علي النيل وجاء العمال دقوا ماسورة في الموقع المختار قالوا إنها لجس التربة.. ونجح العطيفي ونسي الكوبري لكن الأهالي أطلقوا اسمه علي الماسورة.. وتجدد الأمر في انتخابات 2005 حينما عقد مبارك "فيديو كونفراس" مع مرشحي حزبه بأسيوط ووقف المرشح أحمد أبو عقرب يطلب إنشاء كوبريين في المحافظة واحد في أبوتيج جنوباً والثاني في الشمال بمنفلوط.. وتهكم مبارك بقوله "اثنين ليه.. واحد للسفر والثاني للعودة" وبعد انتهاء موجة الضحك في القاعة علي نكتة الرئيس.. أعطي مبارك توجيهاته بإنشاء كوبري في أبوتيج.. وجاء الفنيون وأنفقوا مئات الألوف من الجنيهات علي الدراسات ثم تذكر "مسئول ما" أن المسافة لا تسمح.. ناقص 3 كيلو.. وضاعت أموال الدراسات ومات الحلم وبقيت الماسورة شاهدة علي الوعود الانتخابية الزائفة.