مع إشراقة شهر ربيع الأول من كل عام يعيش العالم الإسلامي مع البشائر والرحمات التي تواكبت مع ميلاد سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم.. إرهاصات.. وعلامات تشير إلي أن العالم بأسره قد استقبل رسول الرحمة والهدي والأمانة والخلق العظيم. ولعل أهم المؤشرات التي رافقت يوم خروج محمد بن عبدالله إلي هذه الدنيا من رحم السيدة آمنة بنت وهب.. تقول هذه السيدة: انها شاهدت نوراً قد خرج منها لحظة الميلاد انتشر في كل أنحاء الدنيا بشرقها وغربها. ولا غرو فقد بشر به المسيح عيسي ابن مريم. يقول الله عز وجل في سورة الصف: "وإذ قال عيسي ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يديَّ من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد..". وتتوالي بشائر النور والرحمات التي تهبط علي العالم أجمع حتي علي آدم أبو البشر. فقد روي الحاكم والبيهقي: انه قد ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله: لما اقترف آدم الخطيئة. قال يارب أسألك بحق محمد الا غفرت لي. فقال الله: كيف عرفت محمداً ولم أخلقه بعد؟ فقال آدم: يارب لانك لما خلقتني بيدك ونفخت في من روحك. رفعت رأسي. فرأيت مكتوباً علي قوائم العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت انك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال الله: صدقت يا آدم. انه لأحب الخلق إليَّ وإذ سألتني بحقه فقد عرفت لك. ولولا محمد ما خلقتك. ومن أحبه الله كانت الرحمات تتدفق علي البشرية جمعاء يقول الله عز وجل في سورة الأنبياء: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" وتلك شهادة تؤكد مدي الرحمات وبشائر الهداية التي رافقت هذا الميلاد الكريم. وقد تهلل وجه عبدالمطلب جد الرسول الكريم حين جاءته البشري بمولد حفيد له من ابنه عبدالله. وتيمناً بهذه البشري سماه عبدالمطلب بمحمد. مما يشير إلي علو قدر محمد صلي الله عليه وسلم ومنزلته عند أهل مكة وشعابها. وكتابة اسم الرسول علي عرش الرحمن ليعلم الملائكة مكانته عند رب السماوات والأرض. إنها مشيئته رب العالمين ورحماته التي أفاء بها علي سائر الدنيا بهذا المولود الذي أودع نقاء في قلبه. وصفاء في نفسه. ونوراً في بصيرته. انه النور الإلهي الذي اختص به رسول الله صلي الله عليه وسلم. تلك هي نسائم الرحمات التي أحاطت بالبشرية. النور أشرق والهداية في طريقها لأم القري وما حولها ثم إلي سائر الدنيا. يكفي سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم شرفاً أن الله قال في كتابه الكريم: "وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم علي ذلكم اصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين" 81 آل عمران . تلك هي مكانة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فما من نبي إلا وعنده علم بهذا الرسول محمد بن عبدالله وبعثته وزمانه وكذلك أوصافه. رغم هذه المكانة السامية فإن الرسول الكريم كان نموذجاً في كل تصرفاته.. تواضع يفوق الوصف أمانة ودقة في تعاملاته حسن الخلق من السمات الملازمة له في حياته. يعرف للناس أقدارهم ومع العداوة التي كان يتعرض لها من كفار مكة الذين عاصروه وعرفوا صفاته الطيبة إلا أنه صلي الله عليه وسلم لم يدع عليهم أبداً وانما كانت أقواله المأثورة في هذا الدعاء هي: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.