جميل أن نطلق استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد وأن نعلن أننا نملك إرادة سياسية لإرساء مباديء الشفافية والنزاهة.. وبقي أن نلمس ونشاهد مواجهة علي أرض الواقع بشدة وحسم لملاحقة الفساد والمفسدين في كل المواقع من خلال خطة متكاملة بمعني أن يتم إعداد التشريعات العاجلة التي تساعد علي ضبط الفاسدين وأيضاً ملاحقتهم في أي وقت ليدفعوا ثمن فسادهم. كما يجب حماية الشاهد والمبلغ لتشجيع المواطنين علي الإبلاغ عن الوقائع التي يتعرضون لها أو يكونون طرفاً فيها. المرحلة تحتاج إلي إجراءات حاسمة لإغلاق أبواب الفوضي في كافة المصالح ودواوين الحكومة والمحليات ومجازاة الموظف المتباطيء والذي يلجأ إلي الروتين والبيروقراطية والتسويف عن عمد أو بلا مبرر حتي يجبر صاحب المصلحة علي أن يدفع الرشوة لينجز له مصلحته. الرقابة مطلوبة لضبط العمل بهدف سد الثغرات التي ينفذ منها الموظف صاحب الغرض أو المسئول الذي يتلاعب حتي تسود الشفافية والنزاهة تماماً. يجب إعمال القانون بلا استثناءات أو محسوبية.. مثلاً لا معني لأن نسمح بالوظائف من خلال إعلان داخلي يفترض أن يعلم به الكافة لتتحقق المساواة ويتم اختيار الأكفأ والأنسب.. ولا معني أيضاً لتفصيل الإعلانات لتنطبق علي المحظوظين دون مراعاة لتكافؤ الفرص وتحقيق الصالح العام. لابد أن ندرك أن معظم النار يأتي من مستصغر الشرر.. بمعني أن الرشوة الصغيرة تأتي بالكبيرة طالما أن القانون أغمض عينيه.. وتركنا الأبواب مفتوحة علي مصراعيها للمتلاعبين بمصالح الناس دون رادع ودون أن نوفر الآلية التي تضمن حق المواطن إذا تظلم من البطء والتلكؤ في قضاء مصالحه. الارتقاء بمستوي الخدمات والارتفاع بالأداء الحكومي والإداري في الدولة ومكافحة الفقر والبطالة للارتفاع بمستوي المعيشة.. وإلزام الجميع بالقانون هو البداية الحقيقية لاجتثاث الفساد من جذوره. وفي هذا الإطار أقول مثلاً: القانون يلزم الطبيب الذي يقوم بالكشف علي المريض أو إجراء جراحة له أن يقدم له فاتورة بما تقاضاه... لكن الغالبية لا تلتزم بذلك لأنه لو التزم بتقديم الفاتورة سيسهل محاسبته ضريبياً وتحصل الدولة علي مستحقاتها مثلما يحدث في كل بلاد العالم المتقدم... لكننا في ذلك طراز مختلف وهذا باب من أبواب الفساد الذي يمنع تطبيق القانون وتحقيق العدالة الاجتماعية بسبب التوزيع غير العادل للدخول.. فهل هذا معقول؟! الشعب يترقب التنفيذ علي أرض الواقع من خلال التشريعات الحاكمة.. والتنفيذ الحاسم للقوانين علي الكبير والصغير لضبط الإيقاع بحيث ننطلق بمصر الجديدة إلي الأفضل للمواطن والوطن علي السواء.