أعتقد ان منع الفساد من المنبع أهم من ملاحقته بعد أن يصبح واقعا علي الأرض بمعني أننا يجب أن نهييء المناخ لمجتمع شفاف يعرف ان الفساد في مجمله وبكافة أنواعه السياسي والإداري والمالي يضر بمصالح الوطن والمواطن. من يعط رشوة ليأخذ شيئا ليس له فقد اعتدي علي حقي وحقك.. وباب الفساد واسع ومتعدد المجالات. مثلا أذكر حكاية موظف فني في مطبعة قال: لصاحب المطبوعة الذي ذهب إليه بعد أن سدد المستحقات المطلوبة إلي الإدارة ليسأله متي ينتهي من العمل المنوط.. فاجأه بالقول "الونجز ينجز يا أستاذ" وعندما لم يفهم "الأستاذ" ما يعينه الموظف أخذ الأخير يشرح له بأنه يجب أن يدفع اكرامية لكي ينتهي عمله في أسرع وقت لأن الطرق العادية مع الإدارة حبالها طويلة ولن يتم انجاز العمل!! كما أذكر بدعة كثير من المترددين علي عيادات المشاهير من الأطباء الذين يقومون بدس بضعة جنيهات في يد التومرجي المنوط به الالتزام بالدور في الكشف لكي يقوم باستثنائهم. وهناك حكاية المواطن الذي خالف الرسوم الهندسية التي تقدم بها إلي الحي للحصول علي رخصة مبان وحتي يقوم بادخال المرافق تفاهم مع موظف الحي بعدة آلاف من الجنيهات وضعها الأخير في جيبه الخاص علي حساب الصالح العام. ومنذ أيام سمعت قصة تعرض أحد التلاميذ لوعكة صحية منعته من أداء الامتحان وذهب ولي الأمر لإثبات الحالة لدي الجهة المنوط بها ذلك فلم يلتفت له أحد.. ثم وجد من ينصحه بضرورة الحصول علي ورقة بختم النسر لكي يثبت حقه من أي مستشفي حكومي ومن خلال التفاهم مع أي موظف.. أي أن يدفع "المعلوم"!! هذه نماذج من الفساد الذي نعيشه بشكل يومي في حياتنا العامة.. وهناك الفساد الممنهج الذي قام به النظام السابق من خلال مجموعة تشريعات اتاحت له التلاعب في مقدرات الدولة وبيع الشركات الكسبانة بدلا من الخاسرة كما قالوا لنا خلال تمرير القوانين تحت شعار الخصخصة وضخ أموال جديدة للتطوير والتحديث. الفساد أنواع كثيرة تهدد مقدرات الدولة وحاضرها ومستقبلها.. وباتت المواجهة حقا وواجبا لأنه أصبح متوطنا في المجتمع وله مبررات كثيرة في مقدمتها الفقر والبطالة وانعدام الشفافية بعيدا عن ثقافة التسامح والتساهل أيا كانت المبررات ومهما كانت الجريمة بسيطة في محتواها لأن معظم النار من مستصغر الشرر!! هذه مجموعة من الانطباعات خرجت بها خلال ورشة العمل المتميزة التي نظمها المجلس الأعلي للصحافة وتولت الاعداد والتنسيق لها الزميلة عزة يحيي نائب رئيس تحرير المساء تحت عنوان "دور الصحافة في كشف قضايا الفساد".. وجمعت من خلالها مجموعة من القيادات في الأجهزة المسئولة عن جرائم الفساد بكل أشكالها وأنواعها وأيضا خبراء من ألمانيا وتركيا وأسبانيا تحدثوا عن تجاربهم في الملاحقة. كم المعلومات والخبرات التي تم ضخها خلال جلسات عمل الورشة التي استمرت 6 ساعات كانت تحتاج إلي أكثر من يوم.. وأكثر من جلسة عمل.. وأتمني أن يتم ذلك تباعا لترسيخ ثقافة مكافحة الفساد في المجتمع وتنمية الوعي بذلك ووضع الاطر لضمان تنفيذ ترسانة القوانين التي لا تطبق وتعديل النصوص التي باتت لا تتناسب مع طبيعة العصر. وفوق هذا وذاك اصدار مشروعات قوانين حماية الذين يقومون بالابلاغ عن الجرائم لأننا ندرك تماما ان الراشي والمرتشي مصلحتهما في اخفاء الجريمة.. وأيضا توفير المعلومات من خلال قانون تداول المعلومات الذي مازال حلما. فهل نسرع الخطي في هذا المجال لمواجهة الفساد الذي تخطي وتجاوز كل الخطوط الحمراء وصار يهدد مقدرات الدولة والوطن؟! أتمني. * لقطات: ** مصر تحبس أنفاسها في انتظار 30 يونيه غدا * استر يارب. ** قبل مظاهرات الأحد الغامض تم ضبط مصنع في بلطيم بكفرالشيخ لتصنيع ملابس الشرطة والتحفظ علي 600 بدلة "ميري". * كانت رايحة لمين؟! ** 100 مليار جنيه خسائر الاقتصاد في أسبوعين بسبب زيادة حالة الاحتقان السياسي.. هذا الرقم قدره د.نبيل حشاد الخبير في صندوق النقد الدولي. * يا مثبت العقل والدين. ** قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية: ان مصر عادت إلي العصور الوسطي بعد مذبحة الشيعة في قرية زاوية أبومسلم بالجيزة. * بايدنا بنشوه أنفسنا. ** في جولة مفاجئة للمهندس عصام رضوان نائب محافظ القاهرة في مستشفي الخازندارة اكتشف وجود 13 وحدة غسيل كلوي في صناديقها منذ 5 سنوات. * صح النوم.. يا وزارة الصحة!!