المعطيات تؤكد ان اليمن تعيش واقعا مؤلما بكل المقاييس.. فالامر لايتوقف علي التفجيرات التي تستهدف خطوط وآبار النفط. ولكنها تتعدي لاسقاط الدولة وسيطرة فصيل سياسي علي مقدرات الدولة. ذلك الفصيل هو "الحوثيون". وحسب تقديرات البنك المركزي اليمني. فإن خسائر اليمن في مجال الصادرات النفطية بلغت 1.4 مليار دولار خلال الشهور التسعة الاولي من عام 2014. وتعد عوائد النفط احد الموارد الرئيسية للموازنة اليمنية. بنحو 70%. وترجع الخسائر في قطاع النفط اليمني إلي حالة النزاع المسلح باليمن ولجوء بعض الفصائل المتناحرة إلي تفجير خطوط نقل النفط. وهذا الوضع المأساوي الذي يعيشه اليمن من المتوقعا أن يتفاقم حال تحققت اهداف الحراك الجنوبي المتمثلة في الانفصال عن الشمال. حيث ستتفتت الموارد الاقتصادية المحدودة بين دولتين. لن يحصد اقتصادهما الا المزيد من الفقر. فقد نجحت الوحدة في اليمن علي مدار نحو عقدين من الزمن في خلق مصالح مشتركة. فيما يتعلق بالبنية الاساسية للاقتصاد. وغيره من الجوانب الاخري. لكن في حال تحقق انفصال جنوب اليمن عن شماله لاقدر الله. سوف يتكبد الاقتصاد اليمني مزيدا من الاعباء. فعلي الرغم من صغر القطاع النفطي باليمن مقارنة بغيره من الدول النفطية الاخري. الا ان النفط منذ ما يزيد علي عقدين ونصف من الزمن يمثل موردا ماليا مهما لخزانة الدولة اليمنية. حتي بلغ مؤخرا نحو 70% من الموارد الكلية للموازنة العامة للدولة. ومع ذلك فهناك مصالح متشابكة. ومن الصعوبة تفكيكها. من حيث طبيعة آبار النفط. او خطوط انابيب الخاصة بنقل النفط والغاز. او من حيث الشركات النفطية وطبيعة علاقاتها التشاركية مع الشركات الاجنبية المنتجة. ولن تكون مسألة فض هذه العلاقات التشابكية سهلة نظرا لتبعتها المادية. فمرور خط انابيب ينقل نفط الجنوب للشمال. يعني اما استمرار العلاقة في اطار عمولات. او استغناء الجنوب واعتماده علي خط انابيب متهالك يتطلب اعمال صيانة كبيرة. او انشاء خط جديدة. وكلها تكلفة تضعف من بنيان اقتصاد الدولة ناشئة. الامر الآخر ان الشركات الاجنبية ستجد نفسها امام دولتين. فستطلب الحفاظ علي مصالحها من جهة. ونظرا لان الدولتين ستكونان في موقف ضعيف. فسيفتح ذلك المجال للشركات الاجنبية المنتجة للنفط لفرض شروط جديدة. تخصم من مصالح الدولتين. وثمة سجال بين دعاوي ان الجنوب يمتلك 75% من النفط اليمني. ودعاوي اخري بان الشمال يمكنه الاكتفاء ذاتيا في مجال النفط. وان الغاز سيكون نقطة ضعف الجنوب. مما يجعل الجنوب في موقف اضعف يفرض عليه الخضوع لشروط الشمال. او اللجوء لاستيراد الغاز لسد احتياجات شبكة المنازل المستفيدة من الغاز الطبيعي بالجنوب. ولاشك ان هناك التزامات دولية لدولة اليمن تجاه علاقاتها الخارجية علي رأسها الديون الخارجية. التي تصل إلي 7.4 مليار دولار في منتصف عام 2014. حسب بيانات البنك المركزي اليمني. ولايتخيل ان مثل هذا الالتزام يتحمله طرف دون آخر. فضلا عن دخول اليمن في ديون خارجية جديدة آخرها قرض صندوق النقد الدولي الذي اقر في اكتوبر الماضي. والذي يصل لنحو 650 مليون دولار. بما يرفع قيمة الديون الخارجية لنحو ما يزيد علي 8 مليارات دولار.