أكد الإعلامي أسامة هيكل وزير الإعلام الأسبق. رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي. أننا نعيش في فوضي إعلامية بسبب كثرة القنوات الفضائية التي انتشرت منذ عام 2000 دون وضع ضوابط.. موضحا أنه لابد من تغيير القوانين ونظام التراخيص حتي يتحقق التوازن السياسي بين تلك القنوات.. وقال إن هناك صعوبة كبيرة في حل مشكلة القرصنة التي تحتاج إلي تعاون بين الدول للسيطرة علي ما يبث عبر الأقمار الصناعية الخارجية. تحدث أسامة هيكل في حواره مع "المساء" عن مستقبل الإعلام في مصر وكيفية الخروج من كبوة الديون التي يغرق فيها اتحاد الإذاعة والتليفزيون. * سألناه: ماذا عن مديونيات اتحاد الإذاعة والتليفزيون التي بلغت 158 مليون جنيه؟ ** قال أسامة هيكل: هذه المديونيات متراكمة منذ أكثر من 15 عاما وأقوم الان بتحريكها نحو التسوية وقد عقدت مجموعة اتفاقيات تهدف إلي جدولة المبلغ حتي يتم تسويته بشكل نهائي وقد نجحنا في تسديد 4 ملايين حتي الآن. * لكن قطاعات "المتخصصة" للإنتاج والتليفزيون تنفي وجود ديون عليها؟ ** أنا لا أستطيع أن أتحدث إلا من خلال الأوراق الموجودة أمامي والتي تؤكد أن المديونيات بشكل عام 158 مليون جنيه وقد تحدثت في ذلك الأمر مع عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون. القائم بأعمال وزير الإعلام حاليا ورئيس الوزراء لكي أستطيع أن أطالب بتلك المبالغ وفق الأوراق المتوفرة لدي وعدم مطالبتي بها يعتبر مخالفة قانونية أحاسب عليها. * وماذا عن ديون القطاع الخاص؟ ** مديونيات القطاع الخاص وصلت 58 مليونا حتي 30 سبتمبر الماضي وقد تم الاتفاق علي جدولتها. وقد نجحنا منذ 26 أغسطس الماضي في تجميع 80 مليون جنيه بعدما استجابت تلك القنوات للتحركات عندما استشعروا الجدية من ناحيتنا وبالتالي بدأنا في تسديد القروض التي حصلت عليها المدينة والتي كان سدادها متوقفا منذ خمس سنوات.. وأعتقد أننا بتلك الإجراءات في طريقنا إلي الإصلاح. * هناك مسميات وظيفية شرفية مكلفة جدا.. ولا يحقق أصحابها نفعا علي مدينة الإنتاج الإعلامي.. لماذا هذه المجاملات؟ ** مجلس الإدارة في السابق كان مكونا من 13 قطاعا وقد تم خفضها إلي 9 فقط ومن المقرر أن يخفض هذا العدد أيضا في المراحل المقبلة وفقا لحاجة العمل. وتم استحداث إدارة جديدة خاصة بالمعلومات ودعم القرارات تهدف إلي عدم إمكانية أخذ القرار من أي مسئول إلا وفق المعلومات التي تتيحها له هذه الإدارة. * ماذا عن خطة المدينة في إنتاج الأعمال الدرامية خلال الفترة المقبلة ومنافسة الإنتاج الخاص؟ ** لن يتم إنتاج أي عمل في المدينة إلا إذا كان مسوقا بالفعل أو تتوافر به مؤشرات تسويقية وفي الوقت ذاته نسعي لتخفيض التكلفة الإنتاجية واستحداث لجان قراءة جديدة تقوم بدراسة وتقييم العمل بشكل عام قبل إنتاجه خاصة أنني أهتم بالكيف أكثر من الكم في إطار تكلفة مقبولة. * هل تمتلك المدينة القدرة علي الإنتاج دون أن تدخل في شراكة مع القطاع الخاص؟ ** نحن الآن لا نمتلك القدرة علي ذلك وقد كنا في السابق نعتمد علي الإنتاج الدرامي فقط ولكننا الآن في طريقنا إلي إنتاج أفلام سينمائية وبالفعل وافقنا علي إنتاج فيلمين كما نستحدث إدارة لإنتاج الرسوم المتحركة. * تبقي أمامك مشكلة التسويق لتلك الأعمال؟ ** للأسف الأعمال التي تنتجها المدينة لم تكن تسوق بشكل جيد في الفترة السابقة وقد كنت في جولة تفقدية متجها إلي بعض استديوهات المدينة وفوجئت بأنها من أكبر وأحدث استوديوهات الصوت بالمنطقة العربية ولكنها غير مستغلة بسبب عدم التسويق الكافي لها وتكاد تكون مغلقة تماما رغم أنها مصدر دخل مهم جدا للمدينة كما نستحدث استوديوهات صوت جديدة . * إعادة الهيكلة والتسويق وتنفيذ تلك الخطط يتطلب منك أن تكون حاسما مع المتقاعسين عن العمل؟ ** أي مسئول لا يستطيع القيام بأعباء عمله كما ينبغي سيرحل فورا لأننا لا نمتلك بديلا عن النجاح . * ما الإجراء القانوني الذي سيتبع لتحصيل المديونيات مع القنوات التي ترفض السداد؟ ** أقوم بإرسال إنذارات لتلك القنوات ولكنني لن ألجأ إلي الإغلاق في كل الأحوال لأن نقص عدد القنوات يضر المدينة بل ألجأ لبعض الإجراءات منها: قطع الاتصال والإنترنت عن القناة ثم قطع كابلات التكييفات وأعتقد أن معظم القنوات سوف تستجيب لنا من أول إنذار حسب الصيغة التعاقدية بين الطرفين بمعني أن العلاقة بيني وبين أي قناة "مؤجر ومستأجر". أسعي جاهدا لإعادة مفهوم "الإنتاج الإعلامي" بمبدأ أننا شركة مساهمة مصرية ولسنا جهة حكومية فنحن نعمل بنظام المناطق الحرة خاصة أن المدينة تعد المكان الوحيد المسموح له بث برامجه علي الهواء وسوف نتخذ الإجراءات القانونية مع أي استديو خارج المدينة يبث برامج مباشرة علي الهواء. * لماذا لم يتم إضافة بند في التعاقد يضمن حق المدينة بالتدخل في المحتوي؟ ** هذه شروط ترخيص تخضع لمعايير معينة مع هيئة الاستثمار. ولكن ليس معني ذلك أنني أوافق علي هذا.. فمن وجهة نظري الشخصية هذا نظام خطأ ولابد من وجود ضوابط ومعايير مهنية تلتزم بها تلك القنوات. * ومتي يتحقق التوازن السياسي لتلك القنوات؟ ** لم ولن يتحقق هذا التوازن إلا عندما يتم تغيير نظام التراخيص من هيئة الاستثمار. * ننتقل إلي الاجتماع الذي عقد مؤخرا مع رئيس الوزراء ووزراء الخارجية والعدل والاتصالات وعصام الأمير رئيس الاتحاد ومحمد حسن رمزي ورجل الأعمال محمد الأمين لمناقشة تطوير الإعلام بمصر؟ ** هذا الاجتماع كان يختص بالقرصنة لبعض المواد الإعلامية والفنية فبمجرد انتشارها علي الإنترنت.. يتكبد المنتج خسائر فادحة وقد توصلنا إلي أن القضاء علي تلك المشكلة تماما سيكون في منتهي الصعوبة فذلك يحتاج تعاونا دوليا للسيطرة علي ما يبث عبر الأقمار الصناعية الخارجية. * معني ذلك أنكم لم تخرجوا من الاجتماع بأية نتيجة؟ ** بالطبع لا.. لأن هذا الاجتماع استعرض فقط المشكلة وهناك اجتماعات أخري في هذا الشأن حتي نجد حلا لتلك المشكلة ونقضي عليها تماما. * وماذا عن اللجنة الخاصة بهيكلة قطاعات مبني ماسبيرو خاصة أنك أحد أعضائها؟ ** ضحك.. ثم قال: هذه اللجنة "شائعة" ولا يوجد لها أي أساس وهذا لأننا وصلنا إلي الحد من الفوضي التي يعاني منها ماسبيرو منذ ثورة يناير وفوجئت بشائعة اللجنة التي تضم خبراء الإعلام ووزير التخطيط الذي أخبرني أنه لا يعلم شيئا عنها. * في اعتقادك من وراء ترويج هذه الشائعات؟ ** لا شيء إلا الفوضي.. فعدم محاسبة المخطئين والكذابين يتسبب في نشر الفوضي وأنا لا أتصور أن يكون هناك إعلام دون محاسبة لأن محاسبة الإعلامي لا تتناقض مع حرية التعبير. * متي بدأت هذه الفوضي الإعلامية بالتحديد؟ ** بالتحديد عام 2000 دون السيطرة عليها. بوضع معايير خاصة ومحددة تعمل من خلالها تلك القنوات. وبعد ثورة 25 يناير أصبح العمل الإعلامي دون سقف واضح وهو ما لم يمكن تصوره أو تقنينه ولا يمكن أن أتصور أن هناك إعلاما محايدا. ولا يوجد إعلام يخدم الأمن القومي إلا إعلام الدولة وعندما يكون لدينا إعلام دولة فاسد علي مدار 30 عاما وقنوات خاصة بدون ضوابط فمن الطبيعي أن تحدث تلك الفوضي.. فأي حرية خارج نطاق القانون تعد فوضي. * كيف تحل مشكلات ماسبيرو؟ ** يجب أولا حل مشكلة الديون مثلما فعلت أنا أثناء تولي مسئولية الوزارة حيث كانت الديون 13 ونصف مليار جنيه وعلي الفور توجهت بخطاب للمشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري آنذاك وشرحت له حقيقة الأمر بأنني لا أمتلك القدرة علي سداد هذه المديونيات ولابد من إسقاطها وكان هدفي في ذلك الوقت ليس إسقاطها بل ان نصل إلي أصل الدين الذي كان 6 مليارات وجدولتها فضلا عن أنني تقدمت بعدة اقتراحات وقوانين ومعايير جديدة لتطوير منظومة الإعلام ولكن بسبب الفوضي التي شهدها عام 2011 توقف كل شيء إلي أن وصلت الديون إلي 20 مليار جنيه ولا يستطيع المبني سداد تلك الديون خاصة أنه أصبح أمامه منافسون فأنا حزين علي هذا المبني الذي لا يستهان به وضد من يهاجمونه ويطالبون بإغلاقه لأنه يمتلك أفضل خبرات إعلامية في العالم العربي. * هل أنت مع قرار إلغاء وزارة الإعلام؟ ** قرار إلغاء وزارة الإعلام كان متسرعا وكان يتعين علي الدولة أن تصدر قوانين بهذا الشأن قبل إلغاء الوزارة وأعتقد أنه إذا عادت الوزارة مرة أخري لا تستطيع السيطرة علي الفضائيات وعودتها تعتبر حرجا للمنظومة ككل. * هل توافق علي تولي وزارة الإعلام عند عودتها؟ ** لا أوافق وكما قلت من الصعب عودة الوزارة مرة أخري لأن ذلك سوف يسبب حرجا.