دراما عنيفة تكشف المستور علي الطريقة الأمريكية وبأسلوب مخرج كندي يتصدي كتشريح العنف البشري بكافة أشكاله المنظورة والمخفية الناعمة ولكن الوحشية. المعروفة والتي لا يتوقعها متفرج السينما بهذا القدر من الصراحة والصرامة الخادشة. الفيلم بعنوان "خريطة للنجوم".. والأحداث تدور في قلعة السينما هوليود. ووسط عالم من النجومية ومن خلال قصة عجيبة ومزعجة أصعب من أن تسلي وأكثر وحشية مما يمكن احتماله. لقد حاول آخرون قبل المخرج دافيد كروننبرج أن يرسم صورة عن ما وراء البريق والشهرة والمال هناك في مدينة "الأحلام" ولكنها لا تضاهي ما صوره هذا العمل الغريب والمذهل ولا تقترب من صور الأشخاص الذين صورهم.. من حيث الانحطاط والضعة. يقول المخرج عبر فيلمه إن الشهوات الإنسانية عندما تتسيد لابد أن يتحول العالم إلي ساحة للحيوانات المفترسة. أبطال الفيلم فتاة وصبي.. شقيقان ولكنهما ثمرة لزواج المحارم.. الأم والأب شقيقان وقد تزوجا وأخفيا سرهما عن الابنين.. والابنان بدورهما يعشق أحدهما الآخر ويتزوجان في نهاية الفيلم قبل أن يبتلعا الأقراص القاتلة ويموتا "!!". الأحداث تدور في لوس أنجلوس.. في هوليود الأب الوالد مؤلف ومقدم برنامج مشهور ومعالج نفسي. وظيفته توفر له معرفة النجوم المشاهير والنجمات. إحداهن نجمة كبيرة ومشهورة تعاني أزمة "العزوب" نفسياً وعملياً بعد أن أوشكت الأضواء أن تحبو وهي نفسها ضحية لأم ممثلة حققت شهرة واسعة ثم رحلت ابنتها.. الآن مريضة ومهووسة جنسياً وتقاتل من أجل انتزاع دور في فيلم كانت أمها قامت ببطولته ويتم إعادة إنتاجه. الابن الصبي أصبح نجماً سينمائياً مشهوراً في هذه السن بعد أن عولج من الإدمان وهو نفسه مريض ومسكون بالأشباح مثل معظم الشخصيات.. الأم تتولي إدارة شئون ابنها الذي تحوله الشهرة والفلوس إلي شخصية شرسة وقاسية إلي حد القتل. بعد فترة من النفي تعود الابنة إلي المدينة التي طردت منها وكانت سبباً في كارثة أصابت الأسرة. هي بدورها مفتونة بحياة النجوم تعرف بيوت وتصميمات البيوت وديكوراتها وتنبهر بحياة النجومية. تلتقي مع شقيقها الذي أصبح نجماً. وبتوصية من نجمة عجوز تعمل في بيت النجمة الكبيرة التي يعالجها أبوها. عودة الابنة التي يتجاوز طموحها مجرد العمل كمديرة لشئون منزل نجمة كبيرة تثير عاصفة من ردود الأفعال عند الأب الذي يعرف أن الابنة تعرف سر زواجه من أمها. ويعرف علاقتها بالأخ ويهددها إذا لم تترك المدينة والعمل عند النجمة الكبيرة. الأحداث تتوالي صادمة. مفزعة.. ولغة التعبير البصرية لا تعترف بالكوابح ولا بالحدود الأخلاقية عند تصوير مظاهر الاختلال غير الطبيعي لدي امرأة في حالة فراغ روحي وأخلاقي وقيمي.. وحالة أب مستعد أن يصل إلي آخر مدي حتي لا يخسر ما حققه من مال وشهرة. وابن عرف الشهرة والنجومية وأصبح مسكوناً بالخوف. كروننبرح يكسر في هذا الفيلم جميع التابوهات.. الأبوة. الفضيلة. النبوة. الإنسانية.. ولم يترك شهوة من دون أن يصورها.. الجنس والقتل لم يترك حتي الاحتياجات الطبيعية بالتي تحدث في دورات المياه دون أن يصورها بقصد تمزيع أي حالة تحيط بمن يملكون المال والفخامة المظهرية وبريق الشهرة ويؤثرون من ثم في جمهور عريض يحمل لهم صورة جميلة ومقدسة. الفيلم فاضح بلغة مفضوحة وجرأة ليست محمودة تصدم أكثر مما تمتع وتحرم الفن من "جماله" إلا إذا اعتبرنا أن القبح البشري وسيلة للتطهر.