نددت منظمة اليونسكو - في بيان أخير لها - بالتدمير الهمجي للتراث العراقي. هذا هو نص الكلمات الذي عبرت به المنظمة الدولية عن إدانتها لجرائم نهب وتدمير التراث العراقي. منذ اللحظات الأولي لسقوط بغداد في قبضة الاحتلال الأمريكي. أذكر السيدة المسئولة عن متحف بغداد حين علا صراخها وبكاؤها. وهي تتفحص ما تساقط من بقايا الآثار العراقية. بعد أن سرقها اللصوص. لم تكن السيدة العراقية تملك سوي الصراخ والبكاء. تعبيراً عن الألم الذي أحدثته غزوة همجية. وضعت منهجاً مدروساً للخطوات التالية لغزو العراق. ما حدث في القطر العراقي الذي تعود حضارته إلي آلاف السنين. كان جزءاً من مخطط. يشمل الوطن العربي كله. حضارته وتاريخه وتراثه. لا لمجرد الهدم والتشويه. وإنما لنفي الهوية. لمحوها. في الأيام الأولي لثورة 25 يناير حاول المخربون واللصوص اقتحام المتحف المصري بالتحرير. ونهب محتوياته. لم يعلنوا انتسابهم إلي جهة ما. لكن التطورات أظهرت هدف محاولة الاقتحام التي شارك فيها عشرات المجرمين. أخلي سبيلهم - بالقوة - من السجون. ودفعوا لنهب معروضات المتحف أو تدميرها. التفسير يظل ناقصاً ما لم نصل ما حدث - أو ما كاد يحدث - في متحف القاهرة. بما حدث في بغداد. بل إننا لا نستطيع أن نغفل ما حدث في سوريا. حيث تهدم الكثير من أسوار عاصمة الأمويين وقلاعها وأبراجها. إذا تأملنا المشهد باتساعه. فسنلحظ الأيدي التي حركت الخيوط. من خلال عمليات نهب منظمة. تدمر ما لم تستطع سرقته. قد يصعب سرقة القلاع والأبراج والبنايات الأثرية والتاريخية الكبري. فتلجأ الأفعال المجرمة إلي التشويه والهدم والإزالة. الأيدي المحركة ليست مجهولة. بل يسهل تبين أصحابها في السرقات المعلنة للتراث الفلسطيني. وإدعاء نسبته إلي التراث الإسرائيلي. أخفق العلماء اليهود في العثور علي الآثار التي يمكن لإسرائيل أن تدعي ملكيتها. فادعوا ملكية التراث الفلسطيني. وافد غريب. فرض - بالتآمر والقوة. وبالخيانة أحياناً - علي المنطقة العربية. الشعور بالعزلة والغربة وافتقاد التواصل الحضاري والتاريخي. دفعه لأن ينسب إلي نفسه ما لا يملكه. ويسرق. ويدمر. ويشوه. ما لا يحتمل الأكاذيب! التدمير الهمجي لتراث العراق تعبير تنقصه الدقة. يجب أن نفطن إلي المخطط الذي يسعي إلي اختلاق تراث وطن. أنشئ علي حساب وطن كبير. متعدد الأقطار. عبقري الحضارة والتاريخ.