حوادث الموت لن تتوقف ولسنا أول ولا آخر دولة في العالم يتعرض أبناؤها لمثل هذه الحوادث المفجعة فقد اعتدنا أن نستيقظ علي الكوارث المأساوية لكن الحقيقة المؤكدة أننا أول دولة تقتل أولادها بالإهمال والتقصير. تتعاقب الحكومات ويتغير المسئولون ويبقي الحال كما هو عليه يتساقط الضحايا فرادي وجماعات وتتكرر سيناريوهات العذاب والموت ولا تهتز قلوب السادة المسئولين فالأمر يقتصر علي تصريحات تنذر بالعقاب وملاحقة المقصرين أينما كانوا فلا أحد فوق المساءلة. تمر الأيام والشهور وتتجدد الأحزان لأن آفة مصر الاهمال فقد أصبح الاستهار والتسيب واللامبالاة سمة من سمات المصريين ولا فرق أن تنتهي الحياة في مستشفي يعاني نقص الخدمات ويفتقر إلي مقومات العلاج أو علي شريط قطار لم يراع الجودة والصيانة أو مدرسة أو مصنع فسيخرج علينا من يقول إنه القضاء والقدر الشماعة التي اعتاد البعض أن يعلق عليها ثمن الخداع وانعدام الضمير والاهمال في العمل الذي يعد خيانة للوطن والشعب. التراضي وغض البصر عن توفير مقومات الأمن والسلامة خيانة وما أكثر الخونة الذين باعوا ضمائرهم للشيطان غير عابئين بأنات المتهورين واكتفوا بالقول "كله تمام" ليدفع البسطاء من أبناء الشعب وحدهم الثمن. تركنا الحبل علي الغارب فتحول الكثيرون إلي وحوش ومصاصي دماء وسماسرة يتاجرون بمعاناة وآلام الناس ويسرقون أقوات الشعب يستحلون الدماء البريئة بالأغذية الفاسدة ولا مانع من دواء به سم قاتل أو مدارس تنهار أسوارها فجأة علي رءوس الصغار أو طرق كارثية محنونة بالمخاطر في كل الاتجاهات تغتال البشر بلا رحمة وتستمر حكايات الألم بدون نهاية!! لقد مات الاحساس واكتفينا بالدهشة وربما الحزن لبضع ساعات أو أيام.. فعلا انتهي الدرس!! الصدمة الشعور بالقسوة وصل إلي حد فاق الصبر والقدرة علي الاحتمال فعلي الرغم من فقداننا لأرواح بريئة ذهبت في لمح البصر نجد أن ممرضات مستشفيات جامعة الإسكندرية يرفض استقبال مصابي حادث البحيرة المفجع لأنهن في حالة اضراب حتي في أقسام الطوارئ التي من المفترض أن تستمر في عملها لأنها تستقبل الحالات الطارئة أو المصابة في الحوادث وتحتاج لاسعاف عاجل لكن لماذا لا ينتظر المصابون أو ينضمون لطابور الموتي فالاضراب هو الأهم!! وتمتد فصول المأساة وسط دخان الجثث المتفحمة وصرخات الأهالي المكلوبين لنجد مشهداً آخر يثير الغضب مجموعة من تلاميذ مدارس محافظة دمنهور وخلفهم مجموعة من المدرسين تقف بالإعلام وأصوات الهتاف والترحاب في استقبال رئيس الوزراء ويخرج وكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة ليقول إنهم خرجوا لتحية المسئولين كلام غير مقبول فأي تحية وترحاب وسط ركام الموت. وأخيراً د. سعد الجيوشي رئيس هيئة الطرق والكباري يصرح بأن الكباري ماتقعش عشان ربنا ساترها معانا والدول المتقدمة تضع ضوابط صارمة لحماية الناس من القتل ولكن نحن نعيش في مصر زمن الفلكلور المروري.. الفلكلور كلمة تعبر عن الفن والفن يرتقي بالإنسان ويسمو بالروح والأخلاق ولكن المرور لدينا عبث وفوضي وفساد. تصريحات موجعة تؤكد أننا نعيش زمن التخلف الذي تغلغلت جيناته الخبيثة ونخرت في العظام فأصابها التلف!!