لوحظ في السنوات الأخيرة تسلل ظاهرة المدارس والجامعات الأجنبية إلي الساحات التعليمية في الوطن العربي والدول النامية بصفة عامة وانتشرت بصورة تدعو إلي الشك والريبة وللأسف إنها تجد رواجا وحماسة واندفاعا وتسارعا للالتحاق بها رغم الرسوم العالية وارتفاع أسعار الكتب والملابس واشتراكات الباصات. هذا الانتشار يندرج تحت ذريعة انضباط العملية التعليمية والتدريب باللغات الأجنبية وكلها ترجع في حقيقتها إلي تنفيذ محاولات ممنهجة لسحب البساط من المدارس الوطنية وضرب اللغات القومية في مقتل وفي مقدمتها اللغة العربية والتأثير السلبي علي البراعم الصغيرة بالثقافة الأجنبية وترك الاهتمام بتراث الأجداد وحضارتهم وتاريخهم واستراتيجيتهم. من هذا المنطلق ومن واقع المقارنة بين إمكانيات المدارس والجامعات المحلية مع تلك المؤسسات الوافدة من خارج الحدود والمدعومة بالإمكانيات والمعونات نجد أنها منافسات غير متكافئة ومن أجل ذلك فإننا ندق جرس التحذير ونلفت الأنظار لخطورة تلك الهجمة الثقافية التي لا قبل لمعظم الدول بها.. بل يخشي من الوقوع في شركها وفي شراك ضيف ثقيل ليس في الإمكان التعايش معه بسهولة وقد يصبح في المستقبل أكثر إيلاما للشعوب النامية علاوة علي فرنجة اللسان والتدحرج نحو سلوكيات غير منضبطة خاصة وأن معظم الفئات التي ترتاد تلك المؤسسات من شرائح المجتمعات ميسورة الحال لذلك فلابد من وضع الضوابط الكفيلة بتطويعها طبقا للتعليم المحلي ومناهجه قبل أن تقع الفأس في الرأس وتصبح الأوطان في النهاية هي الخاسرة وينظر الجميع إلي ما جري في العراق وأفغانستان وفلسطين من تخريب لدور التعليم الوطنية وتفريغ مناهجها الدراسية واغتيال علمائها ومدرسيها وربطها بثقافة المحتل. كلمة أخيرة: في مواجهة هذا الطوفان الأجنبي الذي سبق وأن خرج من الباب ثم عاد متسللا من الشباك نناشد جميع المسئولين عن المنظومة التعليمية في كل دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية بصفة خاصة أن يأخذوا حذرهم ويقوموا بدراسة التجربة الصينية واليابانية والدول الآسيوية التي تمسكت بلغاتها الوطنية في التعليم وطورت مراكز أبحاثها وحققت المعجزات في مختلف المجالات وكسرت ذراع التدخلات الخارجية.. وفي نفس الوقت نطالب وزارات التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي بضرورة الإسراع بوضع خريطة طريق علمية ثقافية بحثية جديدة تتماشي مع متطلبات العصر الحديث وتحقق آمال الأمم والشعوب القومية في التقدم والتحديث مع القيام بغربلة المناهج الدخيلة والنهوض والارتقاء بمستوي المعلم الثقافي والمادي.. وليس هناك ما يمنع من تبادل الخبرات والاستفادة من كل جديد لتحقيق آمال الأوطان في العزة والرقي والمستقبل الباسم خاصة في هذه المرحلة المقبلة من التاريخ التي يعيشها العالم في ظل علاقات غير سوية لا تسمح بالسير إلي الخلف أو الوقوف محلك سر.