وزارة الثقافة هذا الكيان العجوز المريض لسنوات طويلة والذي أصبح عبئاً ثقيلاً بهذا الإرث الملغوم الذي خلفته أجيال لم تكن تعمل للصالح العام.. فتركت لنا عمالة زائدة وأموالاً مهدرة ومخالفات وتربيطات واخفاقات وزراء مروا عليها ولم يقدموا إلا ما يقدم لقصر ثقافة أو نادي أدب بسيط من امتيازات.. هذا الكيان المنوط به نهضة شعب وثقافة أمة ماذا يري المثقف المصري بشأنه؟ هل علاج شاف وبتر للفساد.. أم تفكيك المفكك من هيئات وقطاعات لتكون الرقابة عليها أسهل وأسرع في اكتشافها؟ الأمر الذي أصبح هماً ثقيلاً خاصة بعد ثورتين تطالبان بالتغيير السريع.. لكن يصدم المواطن في حالة التباطؤ لخلاص الشعب من تلك الفوضي الثقافية بسبب التقصير في الأداء.. فهناك خطوات تتم لكنها ليست بالقدر الكافي.. فالجبل الثقافي يسير متثاقلا مقيداً بسبب أوجاعه وأمراضه.. وفلول تدافع عن مصالحها.. ومحاولات إصلاح تجهض كمن نثر كوب ماء في بحر مالح.. ومن هنا نقف ونتساءل عن التشخيص والعلاج لأهمية هذا الكيان.. "المساء" تطرح هذه القضية للمناقشة. يقول د. حامد أبوأحمد: تعاقب علي وزارة الثقافة بعد ثورة يناير عدد كبير من وزراء الثقافة أخرهم د. جابر عصفور.. وتبقي الوزارة كما هي لم يتغير منها شيء.. قيل أشياء كثيرة عن التغيير ولكنها تغييرات شكلية مثلما حدث مؤخراً في جريدة القاهرة مثلاً وهي تابعة لوزارة الثقافة وبالطبع أري انها كانت أفضل أيام صلاح عيسي من حيث المهنية والقدرة علي اختيار كتاب المقالات المهمة.. وهذا لا يعني أنني ضد الشباب بل علي العكس أنا معهم ولكن ليس علي حساب الخبرة.. وما حدث في القاهرة يحدث في أماكن كثيرة.. مثال آخر مركز الترجمة الذي ظل يتخبط حتي جاء د. أنور عبدالمغيث فهو يمتلك رؤية.. لذلك أري ان هذا التخبط لن يتوقف إلا إذا أعيدت الهيكلة مع رؤية ثورية حقيقية.. ومع كل هذا أنا ضد الإلغاء لهذا الكيان فهي تحمينا من مشاكل القطاع الخاص في النشر مثلا.. ولهذا لابد ان يكون علي رأس الوزارة شخص مؤهل فكرياً وصحياً فالأمر ليس اعتباطياً للإدارة بهذا الأداء الرديء. د. سيد البحراوي: قدمت أيام اعتصام المثقفين اقتراحاً ورأي الناس وقتها انه رأي متقدم ورأيته أنا الحل الوحيد لما يحدث في تلك الوزارة.. قلت بضرورة ان يعاد تشكيل المجلس الأعلي للثقافة ليكون جهة التخطيط والتنسيق بين المؤسسات وان تقوم كل جهة بدورها وتؤدي واجبها ولقد انشيء المجلس لهذا الغرض منذ البداية علي ألا يتدخل في عمل تلك الهيئات والمؤسسات التي تكون بميزانيات مستقلة.. ويكون دور تلك الهيئات الاهتمام بالمبدعين لينهضوا هم بالثقافة. ولكي يحدث ذلك لابد ان يكون هناك جهاز ثوري في القطاعات أو المجلس الأعلي للثقافة.. أما الوضع الحالي شبه النظام السابق من حيث الشخصيات أو التطورات الشكلية.. د. سامي سليمان: يعرف المتابعون للشأن الثقافي المصري ان وزارة الثقافة تواجه مجموعة من المشاكل الأساسية ونركز هنا علي القليل منها.. الجزء الأعظم في ميزانية الوزارة التي توضع في بند الأجور والمكافآت بنسبة من سبعين لثمانين بالمائة؟!!! وجود تداخل غير واضح في اختصاصات المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة كان يجري نشاط واحد تحت مسميات مختلفة في جهات مختلفة وأحياناً تضارب بين عمل المؤسسات المختلفة التي تنتمي إلي وزارة الثقافة.. المثقفون الحقيقيون أو من يمثلون تيارات الثقافة الحرة وأعني بهم تحديداً المنتمين إلي الجمعيات الثقافية بعيدون عن التخطيط للنشاط الثقافي.. واكتظاظ مؤسسات وزارة الثقافة المصرية بآلاف من الموظفين غير المؤهلين للعمل الثقافي.. ومن هنا نطرح السؤال ماذا حدث في الوزارة منذ جاء جابر عصفور؟ من العجيب للمتابع للشأن المصري سيدرك ان رئيس الدولة يبث في الناس العودة للتغيير والمساهمة في الشأن العام ويسارع المصريون كما حدث في الاكتتاب في قناة السويس بدعمه.. بينما نري في وزارة الثقافة تناقضاً في الأداء.. فماذا قدم د. جابر الناقد الكبير للثقافة: تغيير بعض القيادات واستبعاد غيرهم دون ان يكون هناك أية خطة واحدة لهذه القيادات.. فلم تخرج علينا قيادة واحدة تعلن خطتها وسياستها ولا الأهداف للمؤسسة التي يديرونها ولا طرائق تحدد طرق تحقيق تلك الأهداف ولا ما المعوقات التي تعيق تلك القيادة.. كما يلحظ المتابع للشأن الثقافي ان الوزير أصبح مشغولاً بأنشطة صغيرة كافتتاح ندوة أو منفذ بيع.. دون الاهتمام بالأنشطة الكبري دون التفكير في استراتيجية وزارته.. أين الخطة المستقبلية للثقافة المصرية؟! أمازال وزير الثقافة يبحث عن التفاصيل؟ في تقديري أننا بين احتمالين الأول: ان وزير الثقافة يعلم انه اتي لشهور قصيرة ولذلك لا يستطيع ان يحدث تغييرا حقيقياً في مسيرة المؤسسات الثقافية وفي هذه الحالة نطلب منه ان يخرج للرأي العام ويعلن انه لا يملك القدرة علي مواجهة هذا الفشل.. الثاني: أن وزير الثقافة يري ان مهمته هو ما يقوم به من اعمال بسيطة كحضور ندوة أو افتتاح منفذ بيع وفي هذه الحالة نكتفي بهذا القدر من الثقافة المصرية. الطبخة للقاهرين فقط د. رضا عبدالسلام: البيت من الداخل هو الذي يحتاج لإعادة الترتيب وهذا لن يكون الا باختيار قيادات علي أساس الموضوعية المهنية.. وإعادة النظر في الرواتب للعاملين.. فالملايين التي تحصل عليها الوزارة تضيع بين أجور ومهرجانات ومؤتمرات شكلية وإعادة ترميم وصيانة.. لسنا ضد وزارة الثقافة ولكن علي وزير الثقافة ان يعمل مثلا للحصول علي مساحة كبيرة من الأفدنة تبني عليها مؤسسات الوزارة والمسارح والادارات وتكون مدينة ثقافية بدلاً من المقر الحقير في عمارات العرائس.. هذا يجعل العمل مريحاً وبالتالي من الممكن ترشيد الاستهلاك وتذهب الموارد لاماكنها الصحيحة ولابد ان يكون هناك شبكة ربط بين الهيئات ليكون هناك وحدة فكر وهدف وليس ازدواجية في الانشطة والعمل.. نريد التوحد والخروج من المركزية.. ففي القاهرة نكون كمن يطبخ لأهل البيت فقط فالأنشطة الجيدة تعرض في القطاع الرئيسي فقط فلماذا لا يعرض في جميع المحافظات.. هذا لن يكون إلا بوزير لديه رؤية ويقدم تلك الرؤية للعمل.. نريد وزيراً شجاعاً مقاتلاً لديه خطة ويطالب بميزانية ويقدم مشروعاً ثقافياً في عظمة مشروع قناة السويس. د. سهير المصادفة: وزارة الثقافة مهمة جداً في بلد عريق مثل مصر يتميز منذ فجر التاريخ بثقله الثقافي والمعرفي مثله مثل فرنسا التي تجمع الإعلام والثقافة في وزارة واحدة. نعم أحياناً تضيق صدورنا ونجد الأداء أقل كثيراً من طموحاتنا وطموحات أعداد كبيرة من الكتاب والمثقفين مقارنة بأية دولة في المنطقة فننادي بإلغائه. لكن هذا فقط من فرط غيظنا وغيرتنا علي مكانة مصر الثقافية. وزارة الثقافة ووزارة التربية والتعليم والإعلام لو انهم عملوا جيداً وبضمير طوال ربع القرن الأخير في تاريخ مصر. لما احتلت جماعة متطرفة حكم البلاد لمدة عام كامل. وما زلت مصرة ان وزارة الثقافة تحديداً تستطيع ان تقضي علي التطرف والإرهاب دون اللجوء للحل الأمني. فقط تحتاج إلي تجفيف بؤر الفساد في ربوعها. وتحتاج إلي المزيد من دعم الدولة والتعاون بين كافة الوزارات المعنية وبينها مثل وزارة التعليم العالي والشباب والرياضة والتربية والتعليم والاعلام. عبدالغني داود: هذه وزارة مليئة بالفساد وتحتاج ان نتخلص من الفساد البيروقراطي المتحكم فيها.. ووجود وزارة للثقافة لا يعني وجود ثقافة.. هناك وزارات ثقافة في دول متقدمة لها دور ودول أخري بلا وزارات للثقافة كانجلترا وأمريكا فالمؤسسات الثقافية قبل ظهور وزارة الثقافة عام 1954 كانت تقدم للعالم العربي ريادة مصر الثقافية.. أما الآن فماذا تقدم غير هذا الفساد البيروقراطي فلديها زحام شديد من العاملين لا عمل لهم ويكرهون الثقافة والمثقفين..