طبعا أنا عارف إن ربع الجنيه الآن لو سقط منك علي الأرض لن تنحني وتلتقطه. ليس احتقارا لنعمة ربنا لا سامح الله وإنما لأن ربع الجنيه لا يساوي رغيف عيش متعريا علي رصيف أفقر منطقة شعبية. وبرغم ذلك سأفترض أن الثورة جعلت له قيمة زي المواطن المصري لكي أشتري به كيس فلول. أقصد "فول" علي اعتبار أن الطبق راحت عليه. اسألني حضرتك أجيبك أن عملية التصنيف التي طالت كل طوائف الشعب بعد الثورة وجرجرت معها مصطلحات جديدة من نوع مندس وصاحب أجندة وثورة مضادة استقرت في النهاية علي مصطلح فلول. وليس أدري لماذا أصبح الأكثر استخداما وترددا علي الألسنة. ربما لأن دمه خفيف مثلي أو لأنه يذكرنا دائما بالفول كباب الفقير الذي لا يسمي الإفطار إفطاراً إلا به من بصلتين وتكريعة. الله يقرفني. والغريب أن من يكثر استخدامه. بضم الياء وكسر الثاء. هم من لم تكن لهم ناقة ولا جمل في الثورة. أو من أحب تسميتهم بصراصير الثورة. هؤلاء الذين طفوا من القاع إلي السطح كما يطفو الزبد علي وجه المياه. فأنت في نظرهم فلول إذا كنت تحترم من لم يكن بينك وبينه خصومة في الزمن الماضي وهم يعادونه. وأنت فلول مع إنك تحترم غيبة عسكري المرور ولا تركن صفاً ثانياً. وأنت فلول مع إنك ملتزم بدورك في كل طابور ولم تمارس البلطجة لتكون في المقدمة. وأنت فلول لأنك لم تتظاهر أمام مقر عملك ضد رئيسك ولم تطالب بإقالته. مثلما لم تتظاهر ضد رئيس الوزراء لأنه رجل طيب ومهذب لا يصلح لمعاملة من لا يرتدعون إلا بالعين الحمرا. وأنت فلول لأنك لا تشكك في مصداقية المجلس العسكري ولم تشكك في نزاهة القضاء لأنك تعتبر هاتين المؤسستين خطا أحمر لا يجوز التطاول عليه بعد أن شككنا في كل شيء. وأنت فلول لأنك لم تطالب بمجلس رئاسي أو زيادة المرتبات والحوافز والبدلات والإجازات وتخفيض ساعات العمل بحجة أننا ياما اشتغلنا وخدنا إيه يعني. وأنت فلول لأنك تري أنه من الواجب أن تعطي كل مسئول الفرصة وألا نتعجل النتائج والحصاد. وأنت فلول لو قلت إن المسلمين والأقباط في مصر أيد واحدة بحجة إن إيد واحدة ما تصقفش. وأنت فلول وأنت فلول وأنت فلول ولا حصر. الفلول كتير بلا وزن ولا معايير. ولهذا بربع جنيه فلول لو سمحت.