كنا مجموعة تجلس علي مقهي بشارع خيرت في السيدة زينب المقهي قريب من مقر جريدة العربي الناصري وكانت المحل المختار لرئيس تحرير الجريدة عبدالله السناوي وإذا برجل من بسطاء هذا الشعب يتجه مباشرة إلي السناوي ويبدو أنه يعرفه شخصيا ويسأله سؤالا مختصرا للغاية قائلا: "يا أستاذ هي مصر رايحة فين" فإذا بالسناوي يجاوبه باقتضاب قائلا: "هي راحت خلاص" كانت مصر قد "راحت" خلاص بالفعل وكان الحزب الوطني الحاكم يأكل بعضه بعضا ويجري الاستعداد علي قدم وساق للتوريث وتم الإطاحة بكمال الشاذلي ويوسف والي وغيرهم واستعد الابن والأم والروح القدس لاعتلاء كرسي السلطة بعدما زرعوا في ظنونهم رجالهم في كل مفاصل الدولة من بنوك وجامعات وشركات ووزارات وأندية رياضية ومقاهي شعبية ومراكز شباب. خطة التمكين هذه استخدمها الإخوان فيما بعد وبنفس الطريقة للسيطرة علي الدولة. كان السناوي في ذلك الحين من أشد معارضي التوريث وشن حملة ضخمة في جريدة العربي الناصري والتي رأس تحريرها في الفترة من بين مايو 2000 إلي أبرل 2011 حملة دشنها السناوي ولحقت به بقية الصحف المعارضة وكانت البلد بالفعل منذ 2005 وحتي 2010 تغلي في مرجل يزن غطاءه أطنان ولا يعلم أحد متي ينفجر المرجل وكيف يطير الغطاء. كان الشعب يرقب إلا أنه لا يعلم إلي أين تسير مصر وماذا ستكون النهاية القلق الذي انتاب المصريون في ذلك الوقت هو الذي دفع المواطن العادي أن يسأل السناوي "مصر رايحة علي فين؟" والرؤية كانت في الإجابة المختصرة أنها راحت خلاص! هذا السؤال البسيط والإجابة الأبسط جعلت كاتبا كبيرا بحجم الأستاذ محمد حسنين هيكل يجري عددًا من اللقاءات تحت عنوان "مصر أين ومصر إلي أين؟ إلا أن السؤال عاد للظهور مرة أخري الكل يسأل مصر رايحة فين؟ وبسبب القصور الإعلامي رغم تعدد القنوات التليفزيونية والصحف الخاصة والقومية والمستقلة أو صحف رجال الأعمال بدأ يشعر المواطن بقلق من نوع جديد وإذا كانت إجابة عبدالله السناوي منذ سنوات إجابة مقتضبة مختصرة فإن الإعلام مطالب الآن بالحديث عن المشروعات التي تتم في كل أنحاء مصر من شق طرق جديدة وإعداد مناطق صناعية وسكنية في مختلف محافظات مصر نعم العمل يتم في صمت إلا أنه من الضروري تسليط بعض الضوء عليه ليعلم المواطن أن مصر بالفعل "رايحة" إلي المستقبل وستخرج من خنقة الوادي الضيق إلي رحاب أوسع وأن فرص العمل ستتوافر وأن الرئيس بنفسه يعلن من وقت لآخر عن مجالات جديدة ستضع مصر في مكانتها اللائقة بإمكانيات وقدرات أهلها وليس عن طريق الاستدانة أو المعونات!! "مصر جاية مش رايحة".