عالم المرأة مثير ومليء بالأسرار والمتاقضات. لا يستطيع الغوص فيه إلا بحار ماهر يلم بخفاياه وتفاصيله الدفينة. وهو ما فعلتته الكاتبة "مايسة سالم" عبر مجموعتها القصصية "جواز مرور" الفائزة بالجائزة الثانية في مسابقة المواهب الأدبية بالمجلس الأعلي للثقافة. المجموعة القصصية التي تصدر قريباً عن سلسلة كتاب المواهب بالمجلس ويرأس تحريره الكاتب الروائي الصديق "خليل الجيزاوي" تأخذنا الي المنطقة الغامضة في دنيا المرأة وبجرأة كبيرة لتبحر بنا من خلال نصوص تفيض بالعذوبة وبعبارات استثنائية تترجم مشاعر وأحاسيس متناقضة. "مايسة" ترسم بريشة فنان وبأسلوب يمزج الواقع بالخيال لوحات فنية للصراع الداخلي لبنات حواء.. تطلق صرخات مكتومة ومكبوتة أحياناً وتثير قضايا مهمة لنماذج من النساء لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات. كما تسلط الضوء علي مشاعر الأنثي التي قد تكون مخبأة دخل جلباب أسود كما في قصة "الثوب" أو خلف شخصية وقورة تتلصص علي غراميات مالك العمارة عبر "النافذة" أو داخل فتاة الليل الجامعية "ابنة ابليس". وتقدم نموذجاً للزوجة المقهورة التي تبحث عن الخلاص من زوج سادي لا يراعي حقوقها أو مشاعرها. وعندما تجد "جواز المرور" للحرية والانطلاق تصطدم بضغوط الأسرة التي تنظر إليها علي أنها وصمة عار أو لعنة يجب طردها. وتبدع الكاتبة في تصوير معاناة الأرملة الجميلة التي تطاردها عيون الشباب. وكيف ترتدي السواد وتظهر القوة والتماسك أمام الناس ثم تطلق لأنوثتها العنان ليلاً عندما تختلي بنفسها. المجموعة القصصية تتضمن العديد من القصص الرائعة لكنها تصل الي الذروة عندما تتقمص شخصية الطبيبة النفسية في قصة أخري بعنوان "الثمن" حيث تحلل عقدة الزوجة التي جمعتها علاقة محرمة بجارها في سنوات المراهقة وانتقل تأثير تلك العلاقة معها الي عش الزوجية ليصنع جداراً سميكاً بينها وبين زواجها. "مايسة سالم" تقدم تجربة ثرية يتداخل فيها الواقع مع الخيال بصورة مثيرة وتقتحم مناطق وعرة لم تأخذ حظها الوافر من التاول خاصة من الكاتبات النساء.. وهو ما يجعل المجموعة القصصية جديرة بالقراءة. تغريدة: أمريكا لا تنتج أعمالها السينمائية في هوليوود فقط. فالسيناريوهات التي تخرج من البيت الأبيض أكثر إثارة ودموية.