تلقيت العديد من ردود الفعل حول المقال المنشور في هذه الزاوية أمس بعنوان "الخائفون من الصندوق".. البعض يؤيد والبعض يعارض.. وإنني إذ أشكر الذين أيدوا وأشادوا فإن الواجب يقتضي أن أناقش من جديد الذين رفضوا وعارضوا بمصارحة كاملة ودون أية حساسيات. هؤلاء الرافضون ومنهم أصدقاء أعزاء أجلهم وأقدرهم يرون أنني كنت متحمسا أكثر من اللازم لاستفتاء 19 مارس وضرورة الالتزام بنتيجته رغم أن هذه النتيجة كانت تعبيراً عن التلاعب الذي مارسه البعض بمشاعر الناخبين.. ويرون أيضا أن الشعب المصري ليس مؤهلاً الآن للديمقراطية الكاملة ليكون مثل شعوب أوروبا وأمريكا ومن الأفضل أن تتاح له فسحة من الزمن لكي يتدرب علي الاختيار الصحيح.. وساعتها تكون الأحزاب الجديدة الشبابية تحديدا قد ظهرت إلي السطح وعمقت علاقتها بالمواطنين وحصلت علي فرصة متساوية مع الإخوان وغيرهم في المنافسة الانتخابية. قلت.. وأقول مرة أخري إننا يجب أن نكون صرحاء ونحن نناقش قضايانا الحيوية.. وأن نعتمد مبدأ الصدق مع النفس ومع الآخرين.. فالسياسة ليست كذبا وتدليسا كما يروج الكاذبون والمدلسون وانما ممارسة جادة قائمة علي المبدأ والاختيار. وبناء علي هذه المصارحة وذلك الصدق أري أن كل ما يثار اليوم من مخاوف علي الديمقراطية والانتخابات مصدره الخوف من اكتساح الإخوان والتيارات الدينية المتآلفة والمتحالفة معهم للانتخابات القادمة.. علي اعتبار أنهم القوة السياسية الوحيدة المنظمة الآن وفقا لما يتردد. وإذا أردنا أن نحبط هذا الاكتساح قبل أن يحدث فإن علينا أن نختار واحدا من البدائل الثلاثة التالية: 1 أن نلغي الديمقراطية والانتخابات الحرة.. ونلجأ إلي التعيين أو التزوير مثلما كان يفعل النظام السابق. 2 أن نلغي الإخوان من اللعبة السياسية ونجعلها مقصورة علي من ترضي عنهم النخبة ذات الصوت العالي.. حتي وإن كان ذلك يتناقض مع أبسط قواعد الديمقراطية التي تتسع ويجب أن تتسع للجميع... من نرضي عنهم ومن لا نرضي عنهم. 3 أن نلغي الشعب المصري نفسه بما أنه هو سبب المشكلة لأنه هو الذي سيأتي بالإخوان في أية انتخابات حرة نزيهة.. فهو شعب لم يتعلم الدرس.. ولم يأخذ بالنصائح التي تعطي له ليل نهار.. وبالتالي لا مفر من التخلص منه بشكل أو بآخر. ومن باب المصارحة والصدق مع النفس أيضا لابد أن نقول للناس وبكلام واضح لا يقبل التأويل أنهم سذج ومن السهل أن يضحك الإخوان عليهم بشعارات دينية مضللة.. وأنهم بسبب الأمية ونسبة ال 50% عمالا وفلاحين لا يستحقون الديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهة وانهم لم يبلغوا سن الرشد بعد. دعونا نتحدث بلسان واحد ووجه واحد.. لقد قامت الثورة من أجل الحرية والديمقراطية وكان تزوير الانتخابات أحد الأسباب المباشرة لاشعال جذوتها.. لكن الأوصياء علي الثورة.. وأدعياء الحكمة والتنظير هم الذين يقفون الآن ضد الديمقراطية والانتخابات الحرة.. ويشككون في قدرة الشعب علي ممارسة حقه المشروع في اختيار من يحكمه. قال صديقي المهندس رمسيس: ما الذي يمنع أن تؤجل الانتخابات ثلاثة أو خمسة شهور حتي تتبلور أحزاب شباب ميدان التحرير.. خصوصا ان الاحزاب القديمة لا جدوي منها؟! قلت: وبعد الشهور الخمسة أو العشرة إذا قالوا لم نستعد بعد؟! قال: حينئذ يكون ذنبهم علي جنبهم وإن شاء الله ما استعدوا بقي". أما الفقيه الدستوري الدكتور عاطف البنا فقد سئل في حوار نشرته "الأخبار" أمس الأول الجمعة عن التخوف من أن يؤدي الاسراع بإجراء انتخابات مجلس الشعب إلي سيطرة الإخوان وفلول الحزب الوطني فقال: "هذه مجرد أوهام يرددها البعض والعكس هو الصحيح.. فالانتظار لوقت أطول هو الذي سوف يعطي الفرصة لأن تعيد فلول الحزب الوطني تجميع صفوفها.. اما فيما يخص الإخوان فيجب ألا نعطيهم اكثر مما يستحقون. وكان د. البنا في غاية الصراحة وهو يقول ان الذين افسدوا الحياة السياسية أولا المثقفون وفي مقدمتهم اساتذة القانون والاقتصاد وأساتذتنا ومن جيلنا. هذه هي المصارحة الواجبة الآن بدلاً من اللف والدوران.