هل هو أمر متعمد ومقصود.. أن يخرج الكاتب والإعلامي إبراهيم عيسي علي الناس بإنكار عذاب القبر والسخرية من "الثعبان الأقرع" لإلهاء الرأي العام عما يحدث في مصر وغزة وليبيا وسوريا والعراق؟! هل هو أمر متعمد ومقصود بعناية لتغييب الوعي الشعبي عن واقعه وقضاياه الحقيقية.. أم أنها الرغبة المحمومة في أن يظل الكاتب والإعلامي في بؤرة الأحداث وفي صدارة المشهد ويتردد اسمه في الصحف والمنتديات بصرف النظر عما يثيره من خلافات وفتن هي بطبيعتها قديمة ومستهلكة ومعروف مقدماً الهدف من إثارتها؟! الشعب يبحث عن الحرية والديمقراطية والأمن والاستقرار ويستعد لانتخابات برلمانية ويواجه تحديات اقتصادية هائلة وتتعلق أنظاره بالعدوان الصهيوني علي غزة والمقاومة والشهداء والبيوت التي تُهدَّم والأسر التي تُشرَّد والكوارث التي تحدث في العراق وسوريا علي يد السفاحين الجدد الذين يعلنون انتسابهم للأسف إلي الإسلام.. والأخ إبراهيم عيسي يأخذ المجتمع من هذا كله إلي فتنة الجدل حول عذاب القبر والثعبان الأقرع. وقد تم له للأسف ما أراد.. انقسم علماء الدين كالعادة.. وحذر وزير الأوقاف من المساس بثوابت العقيدة والتجرؤ عليها وإنكار ما استقر منها في وجدان الأمة لأن ذلك يخدم قوي التطرف والإرهاب.. والأمة في غني عن إثارة قضايا شائكة مثيرة للجدل ومستفزة للمشاعر في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلي جمع كلمتنا معاً في دعم قضايا العمل والإنتاج وترسيخ مكارم الأخلاق. وقال الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الشريف الأسبق إنه لا يوجد نص ثابت حول الثعبان الأقرع.. وإن الجدل حول عذاب القبر علم لا ينفع وجهل لا يضر.. وتعجب الشيخ عاشور من أن العالم يحترق من حولنا وتتهددنا المخاطر من كل جانب ونحن نترك كل ذلك لنستغرق في أمور أخري غيبية. وبثت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للشيخ الشعراوي ينفي فيها وجود عذاب القبر.. وأعلن مجمع البحوث الإسلامية أنه سيعقد جلسة لمناقشة الموضوع.. بينما طالبت مجموعة من علماء الأزهر بتخصيص لجنة لمراقبة الفضائيات وعدم السماح لغير الأزهريين بالتحدث في الدين. وهكذا خرجنا من فتنة عذاب القبر إلي قضية الحرية والمراقبة بينما حقق إبراهيم عيسي ما أراد.. فقد صار حديث الناس.. وأسبغ عليه البعض وصف "الكاتب المستنير".. واستدعي للكتابة في "الأخبار" ووضع عنوان مقاله في صدر الصفحة الأولي باللون الأحمر فوق المانشيتات.. وفي المتن كتب يقول: "إن أربعين عاماً من الاختراق الوهابي الصحراوي البدوي والتراجع الأزهري المذهل المؤلم جعلوا ثلاثي الجهل والجمود والتخلف يرتع في العقل المصري وهو ما يصنع من أبنائنا دُمي وعرائس يلعب ويتلاعب بها الإخوان والسلفيون والإرهابيون كيفما شاءوا". سبحان الله العظيم.. هل قضية عذاب القبر نشأت خلال الأربعين عاماً الماضية من الاختراق الوهابي الصحراوي البدوي والتراجع الأزهري المذهل؟!