سبحان الله.. مفارقات واختلافات أزاحت الستار عنها دعوة منذ فجرها الأول في أم القري.. الابن اختلف مع أبيه والأم كذلك زاد الشقاق بينها وبين الابن لكن نور الإسلام استقر في القلوب وتمكن من صدور الذين استجابوا لدعوة الحق. أبوحذيفة بن عتبة بن ربيعة القرشي واحد من هؤلاء أبوه من عتاة المشركين ناصب الرسول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم العداء. وقد انضم إلي دعوة الرسول قبل دخول سيد الخلق دار الأرقم بن أبي الأرقم. وحذيفة من السابقين الأوائل في الإسلام وله مواقف مشهودة سجلتها كتب السيرة والتراحم بأحرف من نور. ذلك هدي الله يهدي به من يشاء من عباده!! حذيفة هاجر لأرض الحبشة مع زوجته بنت سهيل بن عمرو ومن المصادفات أنها ولدت له هناك ولداً أطلق عليه اسم محمد بن أبي حذيفة وحذيفة بن عتبة كان من فضلاء الصحابة. جمع الله له الشرف والفضل في المبادرة بالاستجابة لنداء الحق. وقد عاد إلي مكة وأقام بها وظل ملازماً لرسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أذن الرسول صلي الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة إلي المدينةالمنورة فهاجر إليها وقد آخي الرسول صلي الله عليه وسلم بينه وبين عباد بن بشر الأنصاري وشهد المشاهد كلها مع سيد الخلق صلي الله عليه وسلم وقد كان حذيفة طويلاً حسن الوجه. من المواقف المشهودة لحذيفة بن عتبة أنه دعي يوم بدر للمبارزة يوم بدر لكن النبي صلي الله عليه وسلم منعه وحول هذا المشهد تقول أخت حذيفة واسمها هند بنت عتبة ذماً في شقيقها: فيما شكرت أبا رباك عن صغر حتي شببت شباباً غير محجون الأحول الأثمل المشتوم طائره أبوحذيفة شر الناس في الدين وفي يوم بدر كان لحذيفة موقف مشهود وذلك عندما وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم علي من كان في منطقة القليب من قتلي المشركين في هذا اليوم المشهود وخاطبهم قائلاً: يا عتبة يا شيبة يا أمية بن خلف يا أبا جهل هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً. فقد وجدت ما وعدني ربي حقاً. وفي هذه الأثناء نظر في وجه حذيفة بن عتبة فرآه كئيباً قد تغير. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لعلك دخلك من شأن أبيك شيء؟ فقال حذيفة: لا. والله ما شككت في أبي ولا في مصرعه. ولكني كنت أعرف من أبي رأيا وحلماً. وفضلاً فكنت أرجو أن يقربه ذلك إلي الإسلام فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر بعد الذي كنت أرجو له زاد من أحزاني وحرك الغضب في نفسي. وهنا شكره الرسول ودعا له بالخير. ظل حذيفة بن عتبة علي وفاته لدعوة الحق حتي قتل شهيداً في يوم اليمامة عن عمر يناهز خمسين عاماً. رحمه الله رحمة واسعة بعد رحلة عطاء ووفاء ضارباً المثل في القدوة في التمسك بالحق والاذعان لنداء الضمير.