ثابت بن قيس بن شماس الخزرجي الأنصاري. وكنيته أبو محمد. وقد تمتع بحب أهله وقومه ولذلك كان يتقدم الصفوف خطيباً لأنه كان يمتلك ناصية الحديث إذا قال أجاد. عبارته واضحة. له مذاق خاص. سلس العبارات. يجذب الناس بأسلوبه الشيق وقد اعتنق الإسلام منذ أن يلفته دعوة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وامتلك الإيمان بالله وجدانه وصارت له شهرة بين المسلمين في المدينة فهو الخطيب المفوه ذو الكلمات الطيبة التي تنفذ إلي القلوب فور سماعها. وعندما قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينةالمنورة وعرف الكثير عن ثابت بن قيس وشهرته في الخطابة. بالإضافة إلي سيرته الطيبة والتزامه بقيم ومبادئ الدين الحنيف اختاره الرسول صلي الله عليه وسلم ليكون خطيباً له. كما اختار حسان بن ثابت شاعراً له. وقد شهد ثابت أحدا وما بعدها من الغزوات التي خاضها المسلمون بقيادة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقد كان الرسول حريصاً علي تواجد ثابت بن قيس بمجلسه. وفي أحد الأيام افتقده الرسول صلي الله عليه وسلم فأخذ يسأل الصحابة. وذلك كشأن الرسول عندما يفتقد أحداً من أصحابه. فقال الرسول من يعلم لي علم ثابت. فقال رجل: أنا يا رسول الله. فذهب الرجل إلي ثابت فوجد جالساً في منزله مكتئباً حزيناً منكساً رأسه. مما أثار حفيظة الرجل فبادره متسائلاً: ماسر هذا الحزن وذلك الاكتئاب الذي ألم بك؟ فأجابه قائلاً: لقد حبط عملي لأنني رفعت صوتي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأنا من أهل النار. وعندما عرف الرجل هذه المعلومات من ثابت بن قيس عاد إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبره. فقال له الرسول صلي الله عليه وسلم ارجع إلي ثابت وزف إليه هذه البشري أخبره بأنه من أهل الجنة. فعاد الرجل مسرعاً وأخبر ثابت قائلاً: إن الرسول يقول لك لست من أهل النار إنك من أهل الجنة. فعاد ثابت إلي مجلس رسول الله صلي الله عليه وسلم منشرح الصدر يمارس مهام عمله كما كان من قبل أن يعتريه الاكتئاب. وقد كان لثابت موقف يوم حرب اليمامة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه. فقد شاهد ثابت بن قيس أن ظهر المسلمين قد انكشف وفي هذه الأثناء قال له أنس بن مالك: ألا تري يا عم ما جري؟ وقبل أن ينتهي أنس من كلامه وجده يستعد لدخول المعركة وأخذ يرتدي عدة القتال ويتعطر بطيب كان يستخدم في اكفان الموتي. مما يؤكد أن الرجل مقبل علي الشهادة غير مبال بما سيحدث له. ثم أردف يقول: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله. بئس ما عودتم أقرانكم. وبئس ما عودتم أنفسكم. وبعد أن تبرأ مما شاهد عليه الكفار والمسلمين دخل في غمار المعركة وأخذ يقاتل حتي استشهد مع سالم مولي أبي حذيفة. ومما يستلفت النظر أن درع ثابت كانت له "نفيسه" نوع من الدروع الغالية فمر به برجل فأخذها. وبينما رجل من المسلمين نائم. وجاءه ثابت فقال له إني موصيك بوصية واياك أن تقول هذه حلم فتضيعه وأخبره بأن الرجل استولي علي النفيسة واستولي علي الدرع. ونزله أقصي الناس وأعطاه أوصافه. وأنه وضع الدرع في قدر ووضع فوقهما رحل. فاذهب إلي ومره فليأخذها. فإذا قدمت المدينة علي أبو بكر فقل له أن علي دين كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق. وفلان. فنفذ الرجل وقد عثر علي الدرع كما جاء في المنام ونفذ أبو بكر وصيته. ولا يعلم أحد جازت وصيته بعد موته غيره رحمه الله رحمة واسعة. هؤلاء هم أهل الإيمان!!