أسئلة كثيرة وردت من القراء إلي باب "فتاوي وأحكام" يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور الدين والدنيا عرضناها علي فضيلة الدكتور الأمير محفوظ إمام وخطيب مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه بمدينة القاهرة فأجاب بالآتي: * يسأل محمد إمام: ما حقيقة السحر وحكمه من ناحية الشرع؟ ** يكثر السائلون عن السحر . وخاصة لما يأتون بتفسيرات متخيلة للظروف الصعبة التي يمرون بها في حياتهم .وتخيل أسباب للأمور المعارضة المتبدلة بينهم فيفسرون حياتهم بعمل سحر لهم. وكتابة أعمال قد وجهت لهم لدرجة أن بلغ بهم الحال إلي تفسير سوء الأخلاق وسوء التعامل فيما بينهم بسحر ساحر أو حسد حاسد. وهذا مؤشر خطير يدل علي ضعف الفكر العقلي . وضعف الوازع الإيماني وفي البداية أبين أن السحر يحمل معاني الغرابة والخروج عن المألوف بما يجذب الانتباه ويثير العجب . والسحر حقيقة تاريخية موجودة منذ موسي الكليم عليه السلام. قال تعالي "سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم" الاعراف 116 وأخبر القرآن عن أن السحر كفر وهدف الشياطين من السحر يتضح في قوله تعالي: "فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه" البقرة 102. فأشار القرآن إلي هدف من أخطر أهداف السحر ولقد سحر النبي كما في الصحيح فالشريعة لا تنكر السحر علي أنه نوع من التخييل ولا يمكن لمؤمن إنكار الخبر القرآني والحقيقة التاريخية. والساحر رجل تعلم علم السحر وعمل به وقد يفسد به بين الناس أو يصلح. وقد يستحل المحرمات ويتطلع علي أسرار البيوت . وهذا حرام لمضاهاة عمل الشيطان مع الإنسان. فقال سبحانه: "إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون" المائدة 91 ولكن قال ابن شهاب حين سئل أعلي من سحر من أهل العهد قتل؟ قال بلغنا أن رسول الله قد صنع له ذلك فلم يقتل من صنعه. وكان من أهل الكتاب. وفي الأثر عن حبان بن أبي جبلة قال: "من أتي عرافا أو كاهنا. ثم صدقه بما يقول كان كمن كفر بما نزل علي محمد عليه السلام". ومع هذا فمن غير المنطقي تفسير كل أمر فيه خروج عن الإلف والعادة بالسحر. لأن في ذلك تغييب للعقل بصورة يأباها الشرع والدين الحنيف. وإغلاق لباب التداوي وهو مشروع في الإسلام وفي تفسير كل شيء مستغرب بوقوع سحر رجعة وردة للوراء. ويساعد علي نشر السحر والفكر الظلامي . وفتح مجال من الدجل بين الناس. والنجاة من السحر وأعمال السحرة بطريق واحد هو تقوية الإيمان والاستقامة علي طاعة الله وذكره تعالي وتلاوة القرآة وكثرة الدعاء لله رب العالمين . وقراءة المعوذتين . والرقية التي كان يرقي بها النبي ولديه الحسنين وتفسير الأحداث بالأسباب الممكنة المعقولة التي يعقلها أهل الحكمة والإيمان. * يسأل أحمد عبد الرازق: ما حكم الشرع في قتل الحيوان ** إن الإسلام لا يحل إزهاق نفس أي حيوان من الحيوانات إلا لمصلحة معقولة. تعود إما إلي البشر من الحفاظ علي حياة الإنسان وصحته أو كان الحيوان يمثل ضرورة من الضروريات البشرية من غذاء للإنسان فشرع الصيد فقال تعالي "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم وللسيارة" المائدة 96 وفي الحديث الصحيح لعدي بن حاتم ما يبيح صيد البر بما يرسل ويبيح الإسلام التخلص من الضار بالبشر من الحيوان والسباع فقد روي الإمام المسلم بسنده عن عائشة عن النبي أنه قال "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحية والغراب الأبقع والفارة والكلب العقور والحديا" وتسميتها بالفواسق صحيحة جارية علي وفق اللغة فالفسق معناه الخروج فخرجن بالإيذاء والإفساد عن طريق معظم الدواب لذا أمر النبي بقتلها لضررها بحياة الإنسان ويقتلون في الحل والحرم قال النووي "اتفق جماهير العلماء علي جواز قتلهن في الحل والحرم والاحرام واتفقوا علي أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن من الدواب . وسبب قتلهن قال الشافعي بجواز قتلها لكونها مما لا يؤكل. وقال مالك لكونها مؤذيات". ويأبي الإسلام الحنيف قتل ما لا فائدة في قتله كمن يضرون بالطبيعة بصيد جائر. ويسيئون التعامل مع البيئة بالاصطياد . ومن هذا ما رواه الإمام مسلم بسنده عن أبي هريرة عن رسول الله: "أن نملة قرصت نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحي الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمه من الأمم تسبح" وهذا يدل علي النظرة المتوازنة من رسول الله حيث كان التشريع مناسبا للواقع. * يسأل علي عمار: كيف تكون عمرة من لم يقدر علي الطواف والسعي؟ والسؤال بصيغة أخري. هل تجوز إنابة الطائف عن الغير بالوكالة في الطواف والسعي؟ ** في البداية إن الحج والعمرة شعائر اشترط لها ربنا في القرآن شرط الاستطاعة فقال "ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا" آل عمران" وإن توفرت الاستطاعة فلابد من أداء الأركان كما أرادها الله تعالي . وبصورة تامة غير منقوصة حيث قال: "وأتموا الحج والعمرة لله" البقرة واعتبر ربنا الطواف والسعي من شعائر والمشاعر الواجبة علي الحاج والمعتمر. فقال "إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما "البقرة" والسعي شعيرة مرتبطة بالطواف الصحيح بشرائطه الواردة في فقه الحج. ومن هنا نتساءل ما حكم الطواف والسعي؟ هما من أركان الحج والعمرة عند العلماء ولقد طاف النبي ولم ينب عنه أحداً في طوافه ولا في سعيه . لذلك أقول: إن من لم يقدر علي الطواف والسعي بنفسه طوف به وسعي به. فيساعده علي ذلك من يسمي بالمطوف- وهو رجل يمارس هذا العمل بالمواسم بالأجرة - ولا يتيب المعتمر عنه أحدا في طواف أو سعي لأن الطواف والسعي من المناسك الواجب إتمامها ولا يجوز فيهما الإنابة بل هما من الأركان الأساسية في الحج والعمرة فلنتنبه إلي ذلك الفرق وإنما تكون الإنابة بالوكالة كالرمي لكثرة التدافع فيه. * تسأل رضا علي : ما حكم وصية الوالد لأحد أولاده بمال ليعينه علي حوائجه أو ليعدل بين أولاده؟ ** أقول مستعيناً بالله تعالي. إن صيغة السؤال خاطئة حيث السؤال عن حكم وصية الوالد لولده للعدل بينه وبين بقية أولاده والوصية للوارث لا تجوز لقول أنس بن مالك قال: إني لتحت ناقة رسول الله يسيل علي لعابه افسمعته يقول "إن الله قد أعطي كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث" وفي حقيقة الأمر هي هدية أو نحلة وعطية جائزة بشرط العدل بين الأولاد لقوله: فقال رسول الله: "يا بشير ألك ولد سوي هذا" قال نعم. فقال "أكلهم وهبت له مثل هذا" قال: لا. قال "فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد علي جور". إذا الجواب تجوز وصية الوالد بهدية تخرج من التركة لأحد أبنائه - إذا كان قد أعطي كل ولده دون من أرصي له بعطاء - والعلة في الجواز إقامة العدل بين الأولاد من غير إضرار بواحد منهم والله تعالي أعلم.