ماذا تفعل لو فوجئت بأن هناك أمراً بحبسك في مكتبك ولا تغادره..؟؟ وماذا تفعل لو كانت عقوبة التكاسل عن العمل هي الجلد علي القدمين "الفلقة" هذه بعض النماذج من العقوبات التي فرضها محمد علي باشا علي الموظفين.. فقرر مثلاً أن يكون هناك عقوبة الحبس الإداري بحيث يتم حبس الموظف في محل عمله حتي يتم الانتهاء من أعماله المتأخرة أو عقاباً له علي التكاسل والإهمال.. ويروي الباحث رزق نوري في كتابه الفساد في عصر محمد علي أنه في ديسمبر 1843م أمرت الجمعية الحقانية بحبس كل من حنا بك من أعضاء الشوري وراغب بك أفندي ناظر قلم المحاسبة وباشكاتب الغربية الأول لمدة شهر والثاني خمسة عشر يوماً والثالث شهراً في محال أعمالهم لإهمالهم في تقديم الميزانية. ولم يكن محمد علي باشا يتساهل أبداً في توقيع العقوبة البدنية ايضا.. وقد تضمنت اللوائح والقوانين عقوبة الضرب في حالات السرقة والرشاوي والاختلاس واستغلال النفوذ وكان الضرب احدي وسائل الإدارة في انتزاع الاعترافات من الموظفين عن التجاوزات التي ارتكبوها ويرفضون الاعتراف بها.. والطريف أن الضرب كان يأخذ أبعاداً مختلفة مثل الحالة الصحية والمكانة الاجتماعية للموظف.. كما كان ضرب النظار "كبار رجال الدولة" المقصرين في أعمالهم لا يجب أن يتم علي مرأي من الناس بل داخل غرفة إذ أنهم من أصحاب النفوذ والهدف من هذا الإجراء المحافظة علي هيبتهم أمام الأهالي. وفي حالات الرشوة كان يتم سجن الراشي والمرتشي معاً وذلك لردع وإرهاب الأهالي وإرغامهم علي عدم تقديم رشاوي إلي الموظفين.. وهناك ايضا نوع آخر يسمي العقوبات المعنوية وتتضمن النفي أي الإبعاد عن مصر ويتم النفي عادة إما إلي الداخل أو إلي السودان والأناضول. وهناك ايضا عقوبة التشهير. أي فضح من ارتكب جريمة ماسة بالشرف. حيث يتم تعليق ورقة في رقبة مرتكب الجريمة ومكتوب فيها اسمه ولقبه والجريمة التي ارتكبها.. وتظل هذه الورقة معلقة في عنقه مدة كافية لتشهيره بين الناس.. ويروي نوبار باشا أول رئيس لوزراء مصر: أن محمد علي باشا كان يمر ذات يوم في ناحية البحيرة واجتمع مع مجموعة من المشايخ والمزارعين.. ولاحظ أن هناك مساحة كبيرة من الأرض خالية من الزراعة.. وسأل أيمكنكم زراعة هذه الأرض ومساحتها نحو 500 فدان بالأرز؟ وأسرع الفلاحون والشيوخ بالرد بأنهم يستطيعون زراعتها.. ورد الباشا: إذن إزرعوها وسأمر عليكم بعد مدة لأري ما فعلتم.. وبعد شهور ذهب محمد علي مرة أخري إلي نفس المنطقة ووجد أنه لم يتم زراعة الأرض ولم يفعل المزارعون شيئاً مما وعدوا.. وما كان من محمد علي إلا أن أمر بمد الفلاحين والشيوخ علي الفلقة وضربهم علي أقدامهم - لإهمالهم وتكاسلهم وعدم الوفاء بالوعد.. وهكذا هل يمكن أن يتم تطبيق هذه العقوبات حالياً .