* سيدتي لا تصنفيني كابن عاق ولا تقولي انني تخطيت حدود الرحمة بأسرتي.. اسمعيني وقولي لي ماذا أفعل وبسرعة؟. هكذا بدأ حواره معي وهو متوتر حزين.. ثم أردف قائلاً منذ فترة تعليمي الأولي وأبي يخبرني بأنني لابد أن أكون طبيباً وكنت وقتها لا أفهم غير انني سأكون طبيبا حتي مررت بتجربة الثانوية العامة ووجدت أبي يزداد عنفاً تجاهي كلما وجدني لا أجلس إلي كتابي.. أخبره أني مذاكر بشكل جيد يا أبي ولن يحدث ما تخافه ولكن هناك أمراً لابد من المناقشة فيه.. أنا لا أريد أن أصبح طبيبا.. صدم والدي وصرخ فيَّ لم تذاكر وتمهد لمجموع ضعيف.. أقسمت له انني مجتهد وسوف تثبت له النتيجة ذلك وفعلاً كنت من الأوائل وفرح جداً وعندما أخبرته انني لا أحب الطب وانني أرغب في كلية العلوم ثار وخاصمني ولم يعد يجلس معي علي السفرة.. دخلت الطب لإرضائه.. وأنا في المرحلة الأولي لا أصف لك قدر معاناتي وفشلي في التعامل مع الكتب والمشرحة وكل تلك الأشياء أنا أحب كلية العلوم وشرحت له كيف أن زويل خريج علوم ومصطفي مشرفة وانني قد أكون مثلهما.. سيدتي لا حياة لمن تنادي عند أبي.. والامتحانات شكلها لا يبشر معي حتي الآن وأفكر بشكل كبير في تركها والتحويل لكلية العلوم.. أخبرته بذلك هددني إن فعلت سوف يمتنع عن الانفاق عليَّ.. فماذا لو نفذ كلامه بدخولي لتلك الكلية؟ لا أستطيع الانفاق علي نفسي وظروف الدراسة وطبيعتها لا يتيح لي فرصة العمل لأنفق علي نفسي. هذا هو أبي الذي يتحكم فينا لأنه الذي ينفق.. ومالنا نحن انه يريد لأبنائه أن يكونوا أطباء وأنه يسعي لهذا بل يريد من شقيقتي أن تدخل صيدلة وليس فقط بل بني لها في بيتنا الجديد صيدلية والطريف ان هذا لم يغر أختي التي لا تحب مواد علمي أساساً أرجوك ساعديني. مستقبلي يضيع وأبي لا رحمة في قلبه وأمي تقول لنا كلما تحدثنا إليها أصله كان نفسه يطلع دكتور وهل نحن مسئولون عن تحقيق حلمه وهو محاسب ناجح فماذا يريد غير ذلك.. لا يا أبي أنت بلا رحمة كلمة كلما وددت الصراخ بها في وجهه أقف ولا أستطيع لأنني أحبه.. أرجوك ماذا أفعل؟. 1⁄41⁄4 عزيزي: في مجتمعاتنا الشرقية فقط يدفع الابن فاتورة لوالديه عما أنفقاه من مال عليه أثناء فترة التربية حتي يتزوج الأبناء وكلما جاءت فرصة يتطوع أحد الأبوين قائلا لم أدفع في تعليمك وتربيتك كذا وكأن علي الأبناء أن يسددوا ثمن أبوة هذا الرجل أو تلك المرأة.. وكي لا نظلم الكل.. نقول البعض وللأسف منهم والدك.. ولذا خطابي ليس معك بل معه هو . عزيزي الأب.. لم ينكر عليك أحد دورك في الكفاح والعطاء لأبنائك ولن يحدث فقط ربيت طفلاً جميلاً كبر وضاق عليه جلبابك فيريد أن يخرج ويحلق شاباً فرجل.. لذا وجب عليك أن تنتبه جيدا حتي لا تهدم ما بنيته بنجاح.. لماذا أقول ذلك للأسباب الآتية . أولاً ابنك أصبح متفوقاً بفضل رعايتك له أولا وذكائه وقبلهما توفيق الله لكما . ثانيا دورك انتهي عند مرحلة الثانوية العامة وبخروجه من عنق الزجاجة التي تربي داخلها.. من حقه الرفرفة ليستعد لدورته الجديدة في الحياة والتي يتحول فيها دورك لمستشار فقط. ثالثا.. المن والأذي ليس من شيم الآباء فمن يرون ان أبناءهم لا يحبونهم أو لا يعرفونهم إلا للمال فقط أبدا لم يكونوا آباء بل ممول لهذه الأسرة بدرجة أب زائر. رابعا.. ليس المطلوب من أبنائنا أن يعوضونا أحلامنا أو يحققوا ما فشلنا فيه أو أن يعيشوا عوالمنا.. لأنهم إن فعلوا هذا فمتي وكيف يعيشون حياتهم هم؟!! خامسا.. دفع فاتورة الأبناء ليس علي حساب مصالحهم إنما بالحب والرعاية والاحترام لك والبر بك. يا صديقي الأب.. لماذا تريد سرقة حلم ابنك وتحوله لناقم علي الحياة لو أصبح طبيبا فاشلا.. وأيهما أسعد لقلبك طبيب فاشل أو عالم.. قليل هم من يتركون طب أو غيرها ليلتحق بكلية العلوم هو إذا يطمح لما هو أكبر من حلمك.. فاتركه حتي لا يحمل غصة في قلبه وألم يكفك من الأدلة انه فضل رضاك علي حلمه وطموحه. اتق الله في ابنك الذي ستسأل عنه "فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".. سلم لابنك أمور حياته وكما ربيت طفلاً.. ربي الرجل داخله ولا تسحقه هو وإخوته فهذا ظلم كبير ولا تستغل حب أولادك لك بالضغط عليهم معنويا أو حتي مادياً.. فهذا ليس العدل. ولصديقي العالم الصغير أقول لا تيأس ولا تتخلي عن حلمك.. وناقش والدك ودعه يقرأ رسالتي إليه ولا تيأس من رحمة الله.. اجلسوا معه في اجتماع عائلي لطيف وضموا الأم لصفكم وتحدثوا إليه مؤكدين علي حبكم له بشدة ولكن لكل منكم حلمه ولأنه القادر علي دعمكم تلجأون إليه ليس مادياً فقط وإنما عاطفياً ومعنوياً.. الحوار بهدوء والتكرار سيفي بالغرض إن شاء الله.