لماذا تنتهي كل حواراتنا بالفشل.. ولا تصل إلي أي اتفاق.. ويخرج المشاركون فيها وهم أشد اختلافاً وعناداً؟! تختلف الأسماء والأشخاص والعناوين ولكن النتيجة واحدة: يتحول الحوار إلي فوضي وسباب واتهامات متبادلة.. ثم نبحث عن حوار جديد باسم جديد. أمس الأول الخميس عقدت الجلسة الثانية لمؤتمر الوفاق القومي برئاسة د.يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء.. وخرجت صحف الأمس تقول إن الجلسة شهدت مشادات وفوضي وصخباً وتبادل اتهامات بين الحضور بالانتماء للحزب الوطني المنحل والنظام السابق والقفز علي ثورة 25 يناير مما اضطر د.الجمل إلي رفع الجلسة لمدة 15 دقيقة محذراً من أن هناك مؤامرة لإفشال المؤتمر. ولعلنا نتذكر أن مؤتمر الوفاق القومي كانت الحكومة قد اقترحته مبكراً.. وأسندت رئاسته إلي د.يحيي الجمل.. ولكنه فشل فشلاً ذريعاً منذ البداية.. ولاحقته الاتهامات بأنه انحاز إلي تيارات وأحزاب بعينها دون أخري.. ولم يهتم بتوجيه الدعوات إلي التيارات والأحزاب والأشخاص المؤثرة في الشارع لأنه يريد الالتفاف علي إرادة الشعب التي تبلورت في ميدان التحرير والاستفتاء. وقد قيل إن د.الجمل هو سبب الفشل.. ومن ثم تم اقتراح مؤتمر جديد للحوار أسندت مسئولياته إلي د.عبدالعزيز حجازي رئيس الوزراء الأسبق.. ثم فوجئنا بعودة الروح إلي مؤتمر د.الجمل بالتوازي مع مؤتمر د.حجازي.. وكأننا في صراع حوارات.. وعقد مؤتمر د.الجمل جلستين حتي الآن لم تقدما شيئاً. وطبقاً لما ذكره د.يحيي الجمل فإن مؤتمر الوفاق القومي يهدف إلي وضع تصور مبدئي للدستور الجديد علي نحو يسهم في معاونة الجمعية التأسيسية المنتخبة لوضع دستور جديد للبلاد يتناسب مع طبيعة المرحلة المقبلة.. لكن مشكلتنا أننا لم نتعلم أدب الاختلاف. أما مؤتمر د.عبدالعزيز حجازي الذي حمل اسم مؤتمر الحوار الوطني فقد انتهي يوم الثلاثاء الماضي بفوضي عارمة ولم يصدر توصيات.. وتحولت قاعة الاجتماع إلي حالة من الهرج والضجيج مما دفع د.حجازي إلي مطالبة الشباب "بسلوك أكثر هدوءاً أو احتراماً للموقف والمكان".. فأخذ الحاضرون يصفقون أكثر وأكثر وسط مطالبات بتأجيل الانتخابات البرلمانية واصدار الدستور الجديد قبل الانتخابات وإلغاء مجلس الشوري وإلغاء اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل. وكان مؤتمر الحوار الوطني قد ابتدأ أعماله بجلسة ساخنة.. سرعان ما تحولت إلي فوضي وأزمة وتبادل اتهامات واعتراضات علي مشاركة بعض من اعتبروا "فلول الحزب الوطني".. وانسحبت شخصيات سياسية وإعلامية من تلك الجلسة الافتتاحية مما أعطي انطباعاً بأن مؤتمر الحوار لن يثمر.. ولن يأتي بخير. وفي يوم الثلاثاء نفسه انعقدت في نقابة الصحفيين جلسة اللجنة التنسيقية لمؤتمر مصر الأول دعا إليها د.ممدوح حمزة رئيس المؤتمر لإعلان تشكيل "المجلس الوطني" الذي سيكون مساعداً ومسانداً للمجلس الأعلي للقوات المسلحة وللحكومة.. ومنذ البداية تحولت الجلسة إلي ساحة للفوضي تخللتها مشادات كلامية حادة.. ثم تطور الأمر إلي اشتباكات بالأيدي بين المشاركين واتهامات بسرقة الثورة ومجاملة رجال النظام السابق. صرح د.ممدوح حمزة الذي فقد تليفونه المحمول في هذه الفوضي بأن المجلس الوطني تم تشكيله من 124 شخصية وهناك 100 شخصية أخري احتياطية.. ونفي نفياً قاطعاً وجود أي تعاون بين مجلسه هذا والحوار الوطني الذي يقوده د.عبدالعزيز حجازي. وحتي مؤتمر مصر الأول الذي خرج من عباءته المجلس الوطني كان قد افتتح وسط حالة من الارتباك وتبادل الاتهامات ومقاطعة بعض القوي السياسية.. ورغم الأعداد الكبيرة التي شاركت في الجلسة الافتتاحية فإن البعض أصر ومازل يصر علي أن المؤتمر لم يشهد حواراً ديمقراطياً جاداً.. وأن هناك تياراً واحداً يسيطر عليه.. وهدفه الأساسي أن يكون قريباً من دائرة صنع القرار في المجلس الأعلي للقوات المسلحة والحكومة. وقبل هذه المؤتمرات المتتالية والمتوازية كانت جماعة الإخوان المسلمين قد دعت إلي إجراء حوار موسع وشامل مع كل القوي السياسية للاتفاق علي مبدأ خوض الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة موحدة من خلال التوافق بين الأحزاب علي الأعضاء المرشحين فيها.. لكن الدعوة تبخرت في الهواء.. ولم يجتمع أحد للحوار. والآن.. لنعد مرة أخري إلي السؤال الذي ابتدأنا به: لماذا تنتهي كل حواراتنا بالفشل.. ولا تصل إلي أي اتفاق.. ويخرج المشاركون فيها وهم أشد اختلافاً وعناداً؟! ونكمل السؤال بأسئلة أخري مثل: هل العيب فينا لأننا نفتقد أدب الاختلاف؟!.. هل الثورة هي السبب التي فتحت شهية الجميع للكلام حتي وإن كانوا غير قادرين علي التعبير الصحيح عما بداخلهم؟!.. أم هل اختلاف الأجندات وتضارب المصالح وتناقض الطموحات هو السر في عدم التوصل إلي اتفاق؟!.. أم تري أن السبب الرئيسي يرجع إلي أن الحوارات التي أعلن عنها حتي الآن مازالت حوارات شكلية.. وأن الحوار الحقيقي لم يبدأ بعد.. والأشخاص الذين يجب أن يتحاوروا لم تذهب إليهم الدعوات بعد.. والقضايا التي يجب أن تطرح للحوار مازالت ملفاتها مغلقة؟! أحياناً ينتابني إحساس بأن كل فريق من المتحاورين يحاور نفسه ويفصل الحوار علي مقاسه.. ويريد أن يخرج منه بنتيجة أعدها سلفاً.. لذلك تكون الصدمة قوية لأن الحوار يأخذه إلي مناطق لا يريدها وليس مستعداً لها.. وإلا فهل لديك تفسير للحوار الذي يمارسه نائب رئيس الوزراء لوضع دستور جديد بينما الحكومة والمجلس العسكري والشعب قالوا كلمة قاطعة في هذا الأمر وهو أن الدستور تضعه لجنة تأسيسية منتخبة بعد أن تجري الانتخابات البرلمانية.. لماذا يتحاور إذن.. ومع من يتحاور؟! أخشي أن تكون حوارات الفوضي قد قادتنا فعلاً إلي فوضي الحوارات.. ونكون قد أدمنا الكلام إلي ما لا نهاية. إشارات: * كان الله في عون المجلس الأعلي للقوات المسلحة.. كل الأطياف السياسية تقود سياراتها في المخالف.. ومطلوب منه أن يحسن تنظيم حركة المرور.. كيف؟! * السيدة جيهان السادات هاجمت مبارك صراحة لأول مرة.. قالت إنه لم يكن يظهر قدراً كبيراً من الاحترام الواجب لزوجها الذي عينه نائباً للرئيس. السؤال: منذ متي كان الرئيس الجديد يظهر احتراماً كبيراً لسلفه الذي عينه في النظام الفرعوني.. لا مبارك فعلها مع السادات.. ولا السادات فعلها مع عبدالناصر.. ولا عبدالناصر فعلها مع نجيب.. والحديث النبوي الشريف يقول: "افعل ما شئت كما تدين تدان". * مجلس جامعة القاهرة أبدي مرونة مع المنتقبات في الامتحانات. وقال يكفي التعرف علي هويتهن.. أما اتحاد الإذاعة والتليفزيون فرجع في كلامه وقرر منع المحجبات من قراءة النشرة.. يبدو أنه حن لديكتاتورية وعنصرية ما قبل الثورة.. مدد يا سامي صفوت الشريف!!